رئيس التحرير
عصام كامل

الاقتصاد الأمريكى تحت الملاحظة


أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية تحت الملاحظة للاطلاع على ما تتخذه الحكومة لإصلاح الخلل الهيكلي وعجز الموازنة، بعدما احتل الدولار الأمريكي المكانة رقم 1 في المعاملات الدولية، مما استوجب الاحتفاظ باحتياطيات العالم لديهم من جهة، ولتغطية الاستيراد كعملة وسيطة لأكثر الدول من جهة أخرى، مما خلق للدولار قيمه تفوق القيمة العادلة له.


خلال فترة قريبة ستتغير الموازين لصالح اليوان الصيني، نظرا لسيطرة الصين على السوق العالمي شاء من شاء وأبى من أبى، ولن تفيد سياسة الحماية التي تفرضها الولايات المتحدة على المنتجات الصينية، لكونها حققت نصيبا من السوق العالمي مستقرا ومتناميا والطلب عليها متجدد.

تسعى الصين وروسيا إلى استبدال الاحتياطيات من الدولار بالذهب، بعدما زادت المخاوف من العملة الأمريكية، والقيام بطبعها بصورة مبالغ فيها لا تناسب معدلات النمو، والجدير بالذكر أن هذه الطباعة دون أي غطاء تمت في الفترة بين 2009 حتى 2014، حيث تم طباعة 6 تريليونات دولار بدون أي غطاء، وتجاهل تلك الأزمة يعجل بدخول الولايات المتحدة الأمريكية في دوامات الانهيار بخطى متسارعة، بعدما وصل عجز الميزان التجاري السلعي عام 2018 نحو 609.4 مليار دولار أمريكي مقارنة بنحو 552.3 مليار دولار أمريكي عام 2017.

تدهور الاقتصاد الأمريكي تسبب في خلل الميزان التجاري له لصالح الغير، وهذا العجز من أجل الاستهلاك وليس لتمويل الاستثمار، ومع ارتفاع الفائدة على الدولار من البنك الفيدرالي الأمريكي زاد من الوارد في البنوك الأمريكية من العملة المحلية، وهو ما يشكل زيادة التكلفة المدفوعة المحملة على الموازنة.

ولا شك أن خفض الضرائب وزيادة الإنفاق الحكومي في إطار السياسة المالية من أجل دفع الاقتصاد الأمريكي نحو الرواج لا يؤثر الا بالسلب على أرض الواقع، لأن النتيجة توجه الاستهلاك إلى الزيادة وليس زيادة الاستثمار، وبالتبعية زيادة الاستيراد، مما يزيد عجز الميزان التجاري في غير صالح الولايات المتحدة الأمريكية.

معدل الاقتراض اليومي نحو ثلاثة مليار دولار ووصل الدين إلى 22 تريليون دولار من سندات تصدرها الحكومة الأمريكية للدول الأجنبية، علاوة على تصاعد قروض الطلاب وزيادة ديون الأسر الأمريكية، وبالتالي فإنها لابد أن تتبع السياسة المالية سياسة نقدية متكاملة، وبعدما حقق الاقتصاد الأمريكي معدل نمو ٣.٢ ٪؜ طالب ترامب بتخفيض أسعار الفائدة، وهو ما يقلل التكلفة المدفوعة على الدولار من جهة ومن جهة أخرى يدفع بزيادة التمويل من البنوك لانخفاض تكلفه الاقتراض ويقلل من شبح الركود إذا كان ذلك يتم توجيه وفوراته إلى الاستثمار.

اتجاه الصين وروسيا إلى استبدال التجارة بالعملات المحلية لهم بدلا من وساطة الدولار في التجارة الدولية واستبدال الاحتياطي الدولارى بالذهب يزيد المشكلة من انخفاض الطلب على الدولار بعد زيادة المعروض منه، مما يفقد من قيمته ويدفع الاقتصاد في نفس اتجاه الضعف للولايات المتحدة الأمريكية، وشبح الانهيار يدفع الدول كل يوم لزيادة الطلب على الذهب كبديل ومخزن آمن للقيمة.

لابد أن تجتمع الدول المعنية بتلك القضية والتي لها احتياطيات دولارية للضغط على الحكومة الأمريكية لتعديل سياستها، وحل مشكلة الخلل الهيكلي في الموازنة، لإنقاذ الاقتصاد الأمريكي، واتباع سياسة إصلاح اقتصادي حقيقية، قبل أن يؤدى ذلك إلى تتابع زلزال انهياره على الدول الاخرى، مما سيدفع بالعالم إلى كساد عالمى كبير يمكننا أن نمنع حدوثه مبكرا.
الجريدة الرسمية