رئيس التحرير
عصام كامل

شيماء رءوف تكتب: سندريلا اليوم وزهرة الجاردينيا

فيتو

ماذا لو أن سندريلا كانت هنا الآن في وقتنا هذا؟!
أكثر صفة طغت على شخصيّة سندريلا التي أحبها الأمير هي نقاء جوهرها وأخلاقها الطيّبة ومساعدتها للآخرين بكل ما أوتيت من قوّة رغم قلة إمكانياتها في ذلك الوقت، نظرًا للضغط الذي يُمارس عليها من زوجة أبيها وأختيها العنيدتين!


ماذا لو أن سندريلا فتاة مصرية تعيش معنا الآن؟!
في الحقيقة مجرّد التصور مضحك جدًّا، فالأمراء لا يتنكرون الآن، ولا يصل إليهم أحد، ليس بالضرورة أن تكون أميرًا لتتزوج من ابنة عائلة أرستقراطية، لكننا في مصر نجيد الطبقيّة بكل أشكالها وأنواعها.

لو أنها عربيّة، لكان عليها أن تحيك الكثير من الخطط، أن لا تكون «خام»، ألا تبتسم للأمير، ولا تراقصه بسهولة، أن تتصنع حتى يمل التصنع منها، وأن تتقرب، وتتودد لتبدو بمنتهى اللزوجة والحماقة، وأن تصطاد في الماء العكر، وتتزوجه، لتبدأ حلقة الِكبر بعد أن تزوجت الأمير كأغلب من شبعوا بعد جوع، الذين نقابلهم كل يوم، ومُحدثي النعمة الذين يباهون بكل شيء لا قيمة لهُ.

نحن في الزمن الذي تنجح فيه خطط أختيْ سندريلا لأبيها لاستدراج الرجال، نصائح زوجة الأب لبناتها، الزمن الذي تنتصر فيه المظاهر البراقة على الجوهر النقي!

هل علينا أن نستسلم حقًّا؟!، نرتدي ما لا يليق بنا ولا يناسب أجسادنا، نرفع أصواتنا بالضحكات الرقيعة، نضع أحدهم تحت الدراسة، أبحث عن كل شيء يخصه وأوقعه في شباكي، أن أفكر مائة مرّة قبل أن أتحدّث، وأن أعجل بحدبة ظهري بلبس الكعب العالي دائمًا، وأن أعجل صلعي كثرة ما أفرط في استخدام رذاذ مثبت تسريحات الشعر العالية، وأن أفضّل «شكوكو» على عبدالحليم لأن «الهدف» يفضل ذلك؟!

هل تدرك حقا كيف يؤثر ذلك على سلامك الداخلي ونقائك؟!
أنت لست أنت، طال الزمن أو قصر، ستعود لما تحب وما اعتدت فعله، بعد أن تفقد نقاءك بالدخول لبضع مؤامرات سخيفة مفعولها كالمُسَكِّن المؤقت الذي سينتهي تأثيره بعد ساعة أو اثنتين لتعود لتضرب رأسك بالحائط من فرط الألم!

إن كان عليكِ فعل شيء فهو التمسك بعفويتك ونقائك وكونك «أنتِ».

مهما بدت تصرفاتك غريبة للبعض لا يهِمّ.. المهم أن تبقى، تقف هكذا أمام المرآة دون أن تغمض عينك، لديك كامل القوّة والجرأة للنظر إلى نفسك والفخر بها، على الأقل تستطيع احترامها!

بينما كنت أشاهد فيلمًا أمريكيًّا، قالت البطلة جملة لا تزال عالقة في رأسي: "كل ما كنت أريده فقط أن أبقى نقيّة كالجاردينيا".
طيلة الفيلم كانت تُحِب نقاء الجاردينيا، تنظر إلى بياضها في هدوء وسلام، لو أنني أستطيع فقط أن أعود كما كنت، كهذه الجاردينيا تمامًا، كانت تفكر كثيرًا أنها قد لطخت نفسها عندما استمعت لنصائح النسوة من حولها.. عندما وجدت نفسها في علاقة غير سويّة لا تجر إليها سوى الإجهاد النفسي والضغط والشعور الدائم بأنها تفقد كل يوم شيء من ذاتها النقيّة للكثير من التصنع الذي لا يشبهها.

النّقاء لا يُكتسب..
وحدها الأفعال مرآة للجوهر النقيّ، ولا شيء آخر ولا ضمانات!
الجريدة الرسمية