رئيس التحرير
عصام كامل

السجل الأسود للسيد البدوي.. شيكات بدون رصيد وهروب من أحكام قضائية


يظل القضاء المصرى، هو الحصن الحصين الذي يلجأ إليه أصحاب المظالم، طلبا للعدل، وأملا في استرداد حقوقهم التي سلبت منهم ظلما وعدوانا وغدرا، من قبل أشخاص استباحوا تلك الحقوق، واستولوا عليها بطرق احتيالية مختلفة، وكعهده دائما يصدر القضاء أحكاما رادعة عادلة في حق المعتدين، جزاء لما اقترفته أيديهم من جرائم، هذه الأحكام تنزل بردا وسلاما على صدور أصحاب الحقوق، وتقر عيونهم وتسعد قلوبهم بها، لأن من ظلمهم نال الجزاء الذي يستحق من جهة، ولأنهم سيستردون حقوقهم المسلوبة من جهة أخرى.


غير أن هذه الفرحة تظل منقوصة، ما دامت تلك الأحكام لا تنفذ، ويظل الجانى المدان حرا طليقا يتحرك أينما شاء ووقتما شاء على مرأى ومسمع من الجميع، وربما يستمتع بالأموال التي استولى عليها دون وجه حق، ومع مرور الوقت تتحول فرحة أصحاب الحقوق بالأحكام القضائية واجبة النفاذ التي حصلوا عليها، إلى مرارة وغصة في حلوقهم، لأن تلك الأحكام تحولت إلى مجرد حبر على ورق، فلا هم حصلوا على حقوقهم، ولا الجانى نال جزاءه..

ما سبق ينطبق تماما على العديد من ضحايا رجل الأعمال السيد البدوى محمد شحاتة، رئيس حزب الوفد السابق، فهو واحد ممن استولوا على أموال الآخرين دون وجه حق، وبأساليب احتيالية مختلفة، وصدرت ضده عشرات الأحكام، بعضها نهائى واجب النفاذ في قضايا متنوعة، بين إصدار شيكات بدون رصيد بملايين الجنيهات، والتبديد والتزوير.

وعلى الرغم من ذلك، فالرجل ما زال حرا طليقا يمارس حياته بشكل طبيعى، يخرج من محل سكنه المعلوم للجميع كل يوم، ويتوجه إلى مقر عمله المعلوم أيضا للجميع، ويقدم واجب العزاء، ويشارك في احتفالات وندوات تعقد في أماكن عامة، أي إن الرجل يتعامل مع الأحكام الصادرة ضده بتجاهل تام، وفى الوقت الذي يخوض فيه رجال الشرطة، حربا ضروسا ضد الإرهاب ويقدمون أرواحهم فداء للوطن، فإن هناك تقصيرا واضحا من قبل أجهزة تنفيذ الأحكام، التي يجب عليها أن تكون على نفس الدرجة من الوعى، والقيام بمهامها، لأن الأحكام المعطلة لا تقل خطرا على المجتمع من خطر الإرهاب، "فيتو" في السطور التالية تستعرض بعض القضايا التي صدرت فيها أحكام ضد رجل الأعمال السيد البدوى.

لعل القضية رقم (6066) جنح قسم أول أكتوبر لسنة 2016، هي أبرز القضايا التي أدين فيها البدوى وابنته "منى" بتهمة إصدار شيكات بدون رصيد، بدأت أحداث القضية ببلاغ قدمه رجل الأعمال هشام محمد إبراهيم شعبان مدير شركة "كينج توت استوديوز"، إلى الجهات المختصة اتهم فيه السيد البدوى وابنته بإصدار شيكات بدون رصيد له، وجاء في البلاغ أن المتهمين أصدرا 16 شيكا بنكيا لصالح الشركة التي يديرها، وتسلم تلك الشيكات من ابنة البدوى داخل مقر عملها بمدينة الإنتاج الإعلامي.

إلا أنه عندما توجه لصرف تلك الشيكات، فوجئ برفض البنك المسحوبة عليه صرف 3 شيكات منها.. الأول قيمته 3 ملايين و477 ألفا و501 جنيه، والثانى بمبلغ 3 ملايين جنيه، والشيك الثالث بمبلغ 3 ملايين و65 ألف جنيه، وذلك لعدم مطابقة التوقيعات الموجودة على الشيكات، للتوقيعات البنكية المعتمدة للمتهمين.. واتهم المبلغ في تحقيقات النيابة، السيد البدوى وابنته منى، بالتوقيع على تلك الشيكات بسوء نية، على نحو يحول دون صرفها، وتزوير التوقيعات المثبتة على الشيكات.. وطالب بالادعاء مدنيا قبل المتهمين بمبلغ قدره 100 ألف وواحد جنيه، على سبيل التعويض المدنى المؤقت.

وفى تحقيقات النيابة أكد أحد الشهود أنه شاهد المتهمة منى السيد البدوى، نائب رئيس مجلس إدارة شركة "سيجما" للإعلام، أثناء تسليمها 16 شيكا للمجنى عليه هشام محمد إبراهيم، من بينها الشيكات المرفوضة بنكيا، وأشار إلى أن تلك الشيكات كانت موقعة من قبل أشخاص لا يعلمهم.. كما أكدت تحريات مباحث الأموال العامة أن شركة سيجما للإعلام التي يرأس مجلس إدارتها السيد البدوى محمد شحاتة، أصدرت الشيكات محل القضية، وأن الخطابات التعزيزية المحررة بمعرفة المتهمين، تؤكد صحة إصدار تلك الشيكات من شركة "سيجما".. وبمواجهة البدوى وابنته في تحقيقات النيابة العامة، بالاتهامات الموجهة إليهما، أنكراها تماما.

وبعد تداول القضية في عدة جلسات والاستماع لكافة المرافعات من طرفى التقاضى وفحص كافة المستندات والأوراق المقدمة في القضية، استقر في وجدان المحكمة وعلى وجه يقينى، ارتكاب المتهمين للوقائع المسندة إليهما، وأنهما أصدرا شيكات بنكية لا يقابلها رصيد، وتلاعبا في التوقيعات بالتزوير للحيلولة دون صرفها، فأصدرت محكمة أكتوبر الجزئية حكما بحبس البدوى وابنته لمدة 6 سنوات، وكفالة مليون جنيه وغرامة 100 ألف جنيه لكل منهما بعد إدانتهما في الاتهامات الموجهة إليهما.

لم يرتض البدوى وابنته بهذا الحكم، وقدما استئنافا عليه حمل رقم (30992) جنح مستأنف 6 أكتوبر، وبعد نظر الاستئناف في عدة جلسات أصدرت المحكمة برئاسة المستشار سامح حسن الشريف حكما نهائيا في 17 يناير عام 2018 برفض الاستئناف وتأييد حكم محكمة أول درجة.

أيضا أصدرت محكمة جنح أكتوبر أول أكتوبر حكما قضائيا بمعاقبة السيد البدوى، بالحبس لمدة 3 سنوات مع الشغل، وكفالة ألف جنيه، لإيقاف التنفيذ مؤقتا، وإلزامه بأن يؤدى للمجنى عليه مبلغ 10001 جنيه على سبيل التعويض المؤقت، وذلك بعد إدانته بتهمة إصدار شيكات بدون رصيد، قيمتها 748 ألفا و800 جنيه، مسحوبة على بنك قطر الوطنى الأهلي، لصالح وحيد حلمى حافظ..

غير أن البدوى لم يرتض هذا الحكم، وقدم استئنافا عليه أمام محكمة جنح مستأنف أكتوبر حمل رقم (17895) جنح مستأنف أول أكتوبر لسنة 2015، وبعد تداول الاستئناف قضت المحكمة برئاسة المستشار محمد شعبان، بتعديل حكم محكمة أول درجة، ليصبح حبس السيد البدوى لمدة سنة مع الشغل، مع وقف التنفيذ لمدة 3 سنوات تبدأ من تاريخ صدور الحكم.. أي إن هذا الحكم أصبح نهائيا وواجب النفاذ منذ أكثر من عام.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية