رئيس التحرير
عصام كامل

بالأسماء.. قائمة أنصار الإخوان في مجلس الشيوخ الأمريكي.. قبل توقيع ترامب على قرار تصنيفها جماعة إرهابية.. الجماعة تحاول طمس تاريخها الأسود من سجلات المجلس الأمريكي


ورطة كبرى، تعيشها جماعة الإخوان، بسبب الحشد العالمي ضدها، ما يمهد لقبول قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المنتظر بإعلانها جماعة إرهابية، وحتى الآن تحاول الجماعة استقطاب رموز المؤسسات الأمريكية السيادية، لإحداث ثغرات داخل مراكز صنع القرار، وخاصة مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون ومؤيدو ترامب، وتعتبره الورقة الأخيرة لتجميد القرار الذي قد ينهي على وجودها في العالم.


وتعرف الجماعة أن الجمهوريين، لن ينسوا لها تاريخها الأسود، وخاصة أيام حكم مرسي، والخطاب الدعائي المحرض للإسلاميين بقيادة التنظيم الإخواني، ضد الغرب وأمريكا تحديدًا، للحصول على شعبية زائفة.

كان التنظيم في فعاليات متعددة بعد 2012، ينعت الأمريكان بأحفاد «القردة والخنازير» وكان ذلك مبررًا لطلب بعض أعضاء مجلس الشيوخ آنذاك، برفض إرسال الحكومة الأمريكية الأموال والدبابات وطائرات F-16، إلى حكومة يرأسها تيار ظلامي مثل الإخوان، يسعى للسيطرة على مقدرات الأمة المصرية، وتحويلها إلى دولة دينية أصولية، ويمتلك مجلس الشيوخ، سجلا كبيرًا على مدار السنوات الماضية، في محاولات لا تنفض لإحالة الإخوان على قوائم الإرهاب، على رأسها مشروع السيناتور راند بول، الذي قدم مشروع قانون، لتحجيم التيارات الدينية في أمريكا، لكنه لم يجد الدعم الكافي من الديمقراطيين وقتها.

«بول» حاول الضغط على إدارة باراك أوباما، لوقف دعمها للإخوان، وقاد توقيعات لوقف نقل الدبابات الأكثر تطورًا، من طراز F-16s ودبابات أبرامز إلى مصر، حتى لا تقع مثل هذه المعدات الحديثة في يد الإخوان، إذا ما استطاعت السيطرة على الجيش المصري.

تتبنى الجماعة الإرهابية خطة لترويجها في حملات علاقات عامة، لاستقطاب أعضاء الشيوخ من الجمهوريين، من خلال إيجاد ذرائع لتبرير سياساتها الديكتاتورية في إدارة مصر، خلال حكم مرسي، لا سيما وأن «الشيوخ» كانوا رأس الحربة في نقد الجماعة آنذاك، وأغلب الأعضاء ما زالوا يحتفظون بمواقعهم حتى الآن، وسيكون عليها الحديث عن حاجاتها لإعلان الطوارئ، ولماذا تجاهلت مطالب مئات الآلاف من المصريين الذين تجمعوا في ميدان التحرير، للاحتجاج على حكومة هشام قنديل، الأمر الذي هدد بتحويل مصر إلى فوضى، لولا تدخل الجيش المصري في 30 يونيو 2013.

وتواجه الإخوان مشكلة كبيرة في القناعات الراسخة لدى الكثير من أعضاء مجلس الشيوخ، أن التيار الإخواني، متطرف ومتعصب ضد الأديان الأخرى، ولا سيما أن التنظيم سمح بمهاجمة السفارة الأمريكية قبل أيام من عزل مرسي، وحرق العلم الأمريكي أمامها، وردد أعضاؤه شعارات الموت لأمريكا، وهددوا الدبلوماسيين الأمريكيين، إذا ما تم عزل الجماعة عن الحكم، كما تجد الجماعة الإرهابية صعوبة في تحجيم رغبة أعضاء الشيوخ، ومعهم الكثير من الديمقراطيين، لتحجيم الحركات الدينية في أمريكا، ومنح السلطات صلاحيات أوسع في تتبع الإسلاميين، ومراقبة أنشطة المساجد التي تروج للمشروع الإخواني، وتدعو على المنابر للمواجهة المسلحة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وهي أنشطة ضد المبادئ الأمريكية، التي دعت نواب من الجمهوريين والديمقراطيين لمساءلة النائبة إلهان عمر، عن التصريحات التي حرضت فيها على الصراع بين اليهود والفلسطينيين بدلا من إيجاد وسيلة للحل.

واحدة من العقبات التي تواجه الإخوان أيضا في استقطاب الجمهوريين بـ«الشيوخ» وجود اعتقاد راسخ أن الجماعة سبب إشعال الشرق الأوسط، وتغييب الديمقراطية فيها، ولا سيما أنها تقف بالمرصاد لأي محاولة لتوطين الدولة المدنية في كل مكان تتواجد فيها، باعتبارها جماعة مترامية الأطراف وتمتد من المغرب إلى ماليزيا، ما يضعها في نفس تصنيف المنظمات الإرهابية، لذا تحاول من خلال الحملات مدفوعة الأجر بالولايات المتحدة، فرض فزاعات على الرأي العام، بتصوير القرار المنتظر لترامب بإعلانها حركة إرهابية، بمثابة حرب مفتوحة ضد المصالح الأمريكية في جميع بلدان الشرق الأوسط، وترتكز الحملة الإخوانية، على محاذير محامي الحكومة الأمريكية، من أن الإخوان لم تستوف المعايير القانونية التي تجعل لترامب الحق في تصنيفها منظمة إرهابية.

وتشير في حملاتها إلى فشل القوات الأمريكية في قتال مجموعات صغيرة ومحدودة نسبيا من المتطرفين الإسلاميين، مقارنة بجماعة مثل الإخوان، وهي جملة ادعاءات يعرف الجمهوريون جيدا أنه لا وجود لها، ويستندون إلى التجربة المصرية، حجمت الجماعة تمامًا، وشلت حركتها، وقضت على تشكيلاتها الإرهابية التي حاولت إشاعة الفزع والعنف في المجتمع المصري، أملا في إعادة مرسي للحكم مرة أخرى، وتضع الإخوان خطة لاستقطاب الأصوات النافذة داخل البيت الأبيض للتأثير على «الشيوخ» وخاصة التي لم يتضح رأيها في مساعي ترامب لتصنيف الإخوان جماعة إرهابية.

ويمكن إقامة حوار معها على أرض احتواء الإخوان للتيارات الدينية المتوحشة، وهي التيمة التي اعتمدت عليها كثيرًا لتحصل على نفوذها الكبير، بأغلب البلدان الأوروبية خلال العقود الماضية، وتعتبر «فيكتوريا كوتس» المدير الأول لسياسة الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي، والتي تقود عملية مشتركة بين الوكالات لاستكشاف تحول السياسة، على رأس القائمة المستهدفة من حملات العلاقات العامة الإخوانية، ولاسيما أن كوتس مؤرخة للفن الأوروبي في البيت الأبيض، وكانت تعمل مستشارة في السياسة الخارجية للسيناتور الجمهوري تيد كروز، كما يتصدر القائم بأعمال وزير الدفاع باتريك شاناهان، القائمة الإخوانية، وخاصة أنه لا يزال يتحفظ على إبداء رأيه الحقيقي في إدراج الإخوان على قائمة الإرهاب.

وأوضح ذلك للصحافة، مؤكدًا أنه يعتزم مناقشة القضية أولا مع وزير الخارجية مايك بومبيو، قبل أن يعبر عن رأيه النهائي، ويعتبر رأي «شاناهان» مهم للغاية في القرار المنتظر، خاصة أن الإخوان تعتقد أنه خلف عملية إطالة الوقت قبل اتخاذ القرار، حيث يتخوف على سلامة القوات الأمريكية المتمركزة في قطر، بجانب تخوفه على التحالف الإستراتيجي والاستخباراتي مع تركيا، التي تعد الامتداد الأول للتنظيم الإخواني في العالم، والعلاقات مع المغرب وموريتانيا وتونس والأردن والبحرين والكويت، وهي بلدان يتخذ التنظيم فيها موطئ قدم بالحكومات ويشارك فيها، بجانب المسئولين الحاليين، تستهدف الإخوان توثيق علاقتها مع أندرو ميلر، المسئول السابق بوزارة الخارجية، الذي يعارض في وسائل الإعلام تصنيفها منظمة إرهابية، بزعم تعرض العلاقات الدبلوماسية والعسكرية مع البلدان السابق ذكرها للخطر.

ويبدو أنها نجحت في استقطابه، بعد ظهوره الدائم على قناة الجزيرة، فيما يستعصى على الاستقطاب حتى الآن، مستشاري «ترامب» الذين يعتبرون الجماعة فصيلا متطرفا، يتسلل سرًا إلى الولايات المتحدة للترويج لأفكار متطرفة، ويرون أن إدراجها جماعة إرهابية، فرصة كبيرة لتطهير العالم من فكر الإسلام السياسي، لذا كانوا يدفعون بشدة تجاه تصنيف كل من جماعة الإخوان وفيلق الحرس الثوري الإسلامي، بالجيش الإيراني، لكن ضربات الصحف، وحملات العلاقات العامة، التي اخترقت مجالات الرأي العام الأمريكية، منذ الإعلان عن سعي البيت الأبيض لتصنيف الإخوان جماعة إرهابية، جعلت هذه المقترحات تفقد قوتها بعد اعتراض باحثين وسياسيين ومسئولين رسميين في الحكومة.

منتصر عمران، القيادي السابق بالجماعة الإسلامية، أكد أن محاولات الجماعة، للتلاعب بمراكز صنع القرار في الولايات المتحدة الأمريكية، والاعتماد على أموال الحكومات الداعمة لها، في شن حملات علاقات عامة لتشويه القرار المنتظر لترامب، أو استقطاب مراكز القوى في المؤسسات والجهات البحثية والإعلامية لن تصمد كثيرًا، وأضاف أن «تصنيف الإخوان جماعة إرهابية على القائمة الأمريكية، قادم لامحالة، بعد الإقدام على نفس الخطوة مع حزب الله، الذي يشارك في الحكومة اللبنانية، رغم الأصوات الكثيرة التي اعترضت أيضا على القرار، باعتباره يهدد المصالح الأمريكية».

موضحا أن الرئيس السيسي، أصبح صاحب دور بارز ويؤثر بشدة على رؤية ترمب لمنطقة الشرق الأوسط، وأشار القيادي السابق بالجماعة الإسلامية، إلى وجود قناعات عالمية، حول ضرورة إدراج الإخوان جماعة إرهابية، مستشهدا بتحول موقف أمريكا من حفتر في ليبيا وبعد زيارة الرئيس السيسي الأخيرة ولقاءه بترامب، موضحا أن «الخناق يضيق على الجماعة، وإعلانها إرهابية مسألة وقت».


"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية