رئيس التحرير
عصام كامل

«عيد حسن» صاحب فكرة يوم اليتيم.. السيرة أطول من العمر

فيتو

«الأفكار لا تموت.. فهي شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء».. من هنا يمكن الحديث عن الزميل الراحل عيد حسن، صاحب فكرة الاحتفال بـ«يوم اليتيم»، الذي حل موعد الاحتفال بـ«اليوم الذي اختاره» دون أن يكون حاضرًا، بعدما صعدت روحه إلى السماء منذ عدة أشهر، تاركًا خلفه ميراثًا ليس كمثله شيء، وآلاف الضحكات التي ترتسم على وجوه آلاف اليتامى كل عام في يوم عيدهم.


من الشرقية إلى القاهرة.. رحلة ممتدة طويلة مثمرة، عاشها الراحل «عيد حسن»، رحلة رغم أيامها المرهقة إلا أنها لم تنل لحظة من عزيمته، بل جعل الأيام رفيقة جيدة له خلال المسيرة، وبدورها منحته الأيام سيرة عطرة، ليكون مثالًا حقيقيًا للمقولة الشهيرة «السيرة أطول من العمر».

«حسام» نجل الكاتب الصحفي الراحل عيد حسن، يروي جزءا من سيرة والده، قائلًا: تخرج والدي من مدرسة العبابسة الابتدائية، ثم التحق بمدرسة الصالحية الإعدادية، وكان الأول على دفعته، ثم التحق بمدرسة فاقوس الثانوية العسكرية، وحصد المركز الأول على مستوى المحافظة في الشهادة الثانوية، ليلتحق بعدها بكلية الإعلام، جامعة القاهرة، وطوال سنوات دراسته كان يحصل على أعلى التقديرات، وأضاف: بعدما أنهى والدى الدراسة في كلية الإعلام التحق بكلية الحقوق، وحصل على درجة الليسانس من جامعة الزقازيق، وكانت حياته حافلة بالطموح غير المحدود، وكان رحمه الله شخصية محبوبة من أهالي قريته الصالحية القديمة.

«حسام» تمر على خاطره مواقف عدة لوالده الراحل، يتذكرها في صمت، وسرعان ما يمسك من جديد بـ«خيط الحديث» ويكمل: ومن صفاته التي قربت منه الناس على اختلاف طوائفهم تواضعه، وبشاشة وجهه، وبساطة أسلوبه في التعامل مع كل الناس، وكان أهل القرية ينتظرون حضوره وتواجده –الذي كان يصر عليه- في المناسبات المختلفة، ليتجمعوا حوله ويستمعوا منه إلى كلام جذاب ومفيد، وكان دائما يفضل خدمة الناس بلا مقابل، لأنه كان يرجو الثواب من الله سبحانه وتعالى، وكان شعاره «اخدم الناس وأجرك على الله»، فكم من خدمات قدمها للغريب قبل القريب، وكان يقول دائما إن لله عبادا اختصهم بقضاء حوائج الناس، حببهم في الخير وحبب الخير إليهم أولئك هم الآمنون من فزع يوم القيامة.

وتابع: كان رحمه الله يصل رحمه وينصر الضعيف ويصاحب الفقير قبل الغني ولا يتكبر على أحد، كان بسيطًا في كل أمور الحياة، وكان يرفض المظاهر الكاذبة ويتواضع في ملبسه، وكنت دائما أسأله عن هذا السر ليرد قائلًا: «أهم شيء في الإنسان جوهره لا مظهره»، ومن صفاته النبيلة أيضا النصيحة، حيث كان ينصح الجميع من يعرفه ومن لا يعرفه، وعندما كان يتحدث تشعر من حديثه بالحكمة وجمال المعنى والكلمة وجاذبية الكلام وحلاوة الحديث.

كما قال: والدي كان كثير العطف على الفقراء والمحتاجين من أهل قريتنا والقرى القريبة منها، كان يحب الضحك، كما كان يجيد اللغة الفصحى واللغة الإنجليزية والفرنسية، وأذكر هنا أنه تعلم اللغة الألمانية لا لشيء إلا لأنني كنت أدرسها، فكان يرغب في مساعدتي فتعلمها من أجلى، وكان إلى جانب ذلك يحرص على ممارسة كرة القدم، لأنه كان يؤمن أن الرياضة تنمي العقل وتنشط الجسم، وعلى الدوام كان يتغنى بحب الوطن، وكان شعاره بلادي هواها في لساني وفي دمي، كما كان كثير التمسك برد المظالم إلى أهلها وكنتم استشعر الزهد في شخصيته، ولم ينسلخ يوما عن عادات أهل الريف مع طول المدة التي قضاها في القاهرة.

«حسام» اختتم حديثه قائلًا: «والدي كان قنوعا في كل شيء.. حامدا شاكرا ساجدا لله عزوجل، راضيا في كل الأمور، محاربا بالكلمة لا يخاف في الحق لومة لائم، كريما مع الجميع، وبشوشا في وجه الآخرين، متواضعا إلى أبعد الحدود، معلمًا للأجيال، ولم يسقط قلمه عبر ربع قرن من الزمان، وفي أيامه الأخيرة كان يتحدث عن صاحبة الجلالة ويناقش مشكلاتها».
الجريدة الرسمية