رئيس التحرير
عصام كامل

«Spectrum».. يرسم خريطة سكان مصر 2052.. دراسة تكشف تراجع الشباب وزيادة الشيوخ وارتفاع أعمار النساء في المستقبل..«حسانين ومحمدين» و«أكرم حسنى» علاج هزيل لمرض خطير.. والتجر

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

على مدار العقود الثلاثة الماضية، لم تنجح برامج تنظيم الأسرة، رغم الميزانيات الكبيرة المرصودة لها. قناعات دينية وشعبية متنوعة تحول دون تعطيل ماكينات التوليد التي لا تتوقف عن التفريخ.


100 مليون نسمة
وفى الوقت الذي يلامس فيه عدد سكان مصر هذا العام مائة مليون نسمة، فإن دراسة أعدها الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء توقع أن يكسر العدد حاجز الـ 153 مليونًا خلال 33 عامًا فقط، وهو ما ينذر بأن مشكلات المصريين في التعليم والصحة والإسكان والتنمية سوف تبقى عالقة ومستمرة، إذا بقى التعامل مع الزيادة السكنية نمطيًا وتقليديًا، وعلى طريقة «حسانين ومحمدين» و«أكرم حسنى».

برنامج Spectrum
الدراسة توصلت إلى هذا الرقم من خلال إعداد إسقاطات السكان حسب فئات السن والنوع، عبر استخدام برنامج Spectrum، عن طريق تقدير توقع البقاء على قيد الحياة ومعدلات الإنـجاب العمرية خلال فترة الإسقاطات.

وتُعد الإسقاطات السكانية تقديرات مستقبلية للسكان من حيث الحجم وتوزيعهم حسب العمر والنوع، وتعتبر بدورها نقطة البداية للإسقاطات القطاعية الأخرى مثل: التعليم، والصحة. وتتزايد أهمية توفير البيانات المستقبلية عن السكان، مع تزايد الطلب عليها من قبل صناع القرار وواضعي السياسات السكانية. كما إنها تُعد من الركائز الأساسية التي يتم الاعتماد عليها في وضع الخطط والبرامج التنموية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والديموجرافية، وتساعد أيضًا على تقييم الوضع الحالى للسكان، ووضع البرامج والخطط السكانية، وبلورة السياسات السكانية، لتلبية الحاجات المعيشية الحالية والمستقبلية الأساسية للسكان سواء كانت تعليمية أو صحية أو خدمية.

2030
وفى ضوء ما انتهت إليه تلك الدراسة من وصول عدد السكان خلال العام 2030 إلى 119.753 مليون نسمة، وإلى 153.688 مليون نسمة بانتهاء العام 2052، فإن مصر سوف تواجه تحديات حقيقية وصعبة، بالمقارنة بدول مجاورة أو دول أوروربية لا تشهد أبدًا مثل هذه الوتيرة المتسارعة في الزيادة السكانية.

تناقص فئة صفر -14
الدراسة توقعت تناقص نسبة السكان في فئة العمر " صفر – 14 عامًا"، وزيادتها بين عامى "15 – 64 عامًا"، وارتفاع فئة كبار السن " 65 عامًا فأكثر"، وانخفاض معدلات النمو بصورة تدريجية من 1.99 % إلى 0.85 %، وتراجع معدل المواليد من 26.5 مولود لكل ألف من السكان حاليًا، ليصل إلى 13.4 عام 2052، وتراجع معدل الزيادة الطبيعية من 21.9فى الألف حاليًا إلى 7.7 في الألف عام 2052.

الطريف أن الأرقام انحازت للنساء في معدلات ارتفاع العمر، حيث توقعت الدراسة ارتفاع توقع البقاء على قيد الحياة للذكور إلى 81 عامًا، والإناث إلى 83.3 عامًا.

المشكلات الاقتصادية
ولا شك أن هذه المعدلات المطردة في زيادة عدد السكان سوف تلقى بظلالها السيئة في عديد من المجالات، وستؤدي إلى تعميق المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، وتعطيل عملية التنمية وارتفاع معدلات البطالة والفقر، وزيادة معدلات الجريمة في المجتمع وأطفال الشوارع وتراجع جودة الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين.

برامج تنظيم الأسرة
ورغم أن الحكومات المتعاقبة من قبل ثورة 25 يناير 2011، وحتى الآن، غير قادرة على كبح جماح غول الزيادة السكانية، بسبب الاعتماد على أفكار ساذجة وكلاسيكية وغير مقنعة، حتى أن المصريين زادوا 20 مليونًا خلال 15 عامًا، فإن التعويل على برامج تنظيم الأسرة "الوهمية والهزيلة والهزلية"، خاصة في ظل القيادة غير الرشيدة لوزيرة الصحة والسكان "هالة زايد" حاليًا، لن يكون مُقنعًا ولا عمليًا، ويكفى أن نعرف أن الزيادة السكانية في مصر عام2012 " مثلًا" تعادل مواليد4 دول أوروبية مجتمعة هي: فرنسا وإيطاليا وإنجلترا وإسبانيا.

والسؤال الذي يطرح نفسه: هل يبقى المصريون أسرى هذا الغول السكانى الجامح ويظل تردى عموم الخدمات وتراجعها عرضًا مستمرًا، وتبقى الزيادة السكانية مبررًا لإتعاس المصريين؟

الصين
الإجابة قد نجدها في الصين، باعتبارها أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان 1.5 مليار نسمة، حيث تمكنت من تحويل التعداد السكاني بها إلى ميزة باستثمار طاقات البشر، كما أثبتت التجرية الصينية أن زيادة معدل النمو السكاني لا تعد خطرا حال استغلال القدرات البشرية باعتبارها من الموارد الأساسية لأي اقتصاد. أما في حالة الاتجاه إلى الاستهلاك وتراجع معدلات الإنتاج وتحول شريحة كبيرة من السكان إلى الاستهلاك دون الإنتاج، كما هو الحال عندنا، فإن الزيادة السكانية تعد الخطر الأكبر على المجتمع والاقتصاد والوطن.

هذه الأرقام التي تتضمنتها دراسة الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء لا ينبغى أن يتم الاحتفاظ بها في الأدراج، واعتبارها نسيًا منسيًا، بل يجب طرحها للدراسة والتدقيق من جانب أهل العلم والاختصاص، إذا كانت هناك رغبة جادة في وضع مصر على الطريق الصحيح، لأن البديل سوف يكون استمرار الأزمات وبقاء المشكلات والدوران في الفراغ.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية