رئيس التحرير
عصام كامل

في حالة تعثر الرؤية.. كيف يتم حساب أهلة الشهور الهجرية فلكيا

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

يعد "الهلال الجديد" المرشد الوحيد لبداية الشهور الهجرية، والتي يستخدمها المسلمون لمعرفة مواعيد موسم الحج وشهر رمضان الكريم وتوقيت الأعياد والمواسم الإسلامية.


وولادة هلال جديد يعنى بدء شهر هجرى جديد، إلا أن ظهور هذا الهلال في السماء يكون من الأمور الصعبة التي يتم رصدها فلكيا، وذلك لأنه يولد وهو قريب من الشمس وبالتالى تقوم بطمسه ويصبح من الصعب رؤيته، لذلك كانت الحسابات الفلكية هي أدق وسيلة استخدمها المعهد القومى للبحوث الفلكية، لحساب الشهور الهجرية وتحديد رؤية هلال شهر رمضان

الدكتور محمد راشد غريب، أستاذ بمعمل أبحاث الشمس بالمعهد، أكد أن رؤية الهلال الجديد كأساس لحساب وتحديد بدايات الشهور الهجرية في مقدمة المهام الخدمية للمعهد، مشيرا إلى أن المعهد يجري الحسابات الفلكية اللازمة لتحديد إمكانية رؤية الهلال الجديد بعد غروب شمس يوم 29 من كل شهر هجرى "يوم الرؤية".

وتابع: "جاء الحديث النبوى "الشهر تسع وعشرون ليلة فلا تصوموا حتى تروه فإن غُم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين يوما"، وفى حديث غيره "لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غُم عليكم فاقدروا له"، وفى حديث آخر "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غُم عليكم فاقدروا له".

وأضاف "راشد"، أن الحسابات تتطلب إثبات وقائع فلكية معينة للتأكد من ولادة الهلال الجديد، من هذه العوامل حساب وقت الاقتران بين الشمس والقمر والأرض، بمعنى اجتماع الشمس والقمر في اتجاه واحد بالنسبة للأرض، ويكون القمر محاقا في هذا الوضع بطبيعة الحال، لذلك يصعب تحديد حالة الاقتران بالأرصاد العلمية ولكن يمكن تحديدها وبدقة كبيرة بواسطة الحساب الفلكي.

وأوضح أن رؤية الهلال الجديد من أصعب الأرصاد الفلكية قاطبة، فالهلال الجديد يولد بعد فترة من حدوث الاقتران تترواح بين 6:16 ساعة،وبذلك يكون موضعه على صفحة السماء بالقرب من قرص الشمس وقد تطمسه الشمس كما تطمس النجوم نهارا وتستحيل رؤيته في هذه الحالة، ولكن علينا أن ننتظر حتى تغرب الشمس ونبحث عن الهلال الجديد إذا كان موجودا لفترة زمنية كافية لتتبعه ورصده قبل غروبه.

وأشار إلى أهمية الحساب الفلكى للاستعداد لعملية الرؤية، حيث يتم حساب فترة بقاء الهلال أو مكثه على صفحة السماء بعد غروب شمس يوم 29 من الشهر السابق" يوم الرؤية"، وكذلك الإحداثيات الفلكية لموقع الهلال الجديد بالنسبة لقرص الشمس، حتى يركز المشاهد فقط على الناحية التي يتوقع ظهور الهلال فيها بالنسبة لقرص الشمس أثناء الغروب في اتجاهات خاطئة.

وأوضح أن مشاهدة الهلال بالعين المجردة أو باستخدام وسائل مساعدة للعين، مثل المنظار الفلكى تعتمد أساسا على شرطين أساسيين، أولهما هو ميلاد الهلال قبل غروب الشمس بفترة زمنية كافية لرصده بعد غروبها يوم تحري الهلال، وهذا الأمر يتحدد وبدقة كافية عن طريق الحساب الفلكى، وثانيهما هو السطوع النسبى للهلال الجديد، مقارنة بلمعان شفق السماء الذي ينجم عن تشتت ضوء الشمس بعد غروبها بواسطة الغلاف الجوى للأرض.

وأكد أنه إذا كان الهلال الجديد باهتا بالنسبة لضوء الشفق عندئذ يغمره ضوء الشفق وتستحيل رؤيته أما إذا حدث العكس أي أن سطوع الهلال يفوق ضوء الشفق تسهل رؤية الهلال في هذه الحالة، وقد يتساوى سطوع الهلال مع ضوء الشفق وتصعب الرؤية أيضا لهذا السبب، ولذلك فإن الحسابات الفلكية قد تقطع بوجود الهلال فوق الأفق عند غروب الشمس يوم الرؤية، ولكنها لا تضمن رؤية الهلال لعوامل جيو فيزيائية مثل شفافية الكتل الهوائية ومدى تأثرها بالعوامل الجوية مثل الأتربة والأدخنة والأبخرة وللإقلال من هذه العوامل المعوقة يتحتم رصد الهلال من أماكن مرتفعة وبعيدة عن مصادرة التلوث الجوى والضوئى.

ولفت إلى أنه عبر تاريخ المعهد الطويل الذي يربو عن مائة عام، تناول علماء المعهد مشكلة رؤية الأهلة وتم تطوير معايير حسابية وطرق الرصد لإثبات رؤية الهلال الجديد على أسس علمية راسخة، ومن خلال الدعم المستمر من الدولة، أمكن تطوير تكنولوجيات الرصد الفلكى تباعا لمواكبة التقدم العلمى في هذا المجال، حيث اكتسب المعهد "مرصد حلوان سابقا" شهرة عالمية خاصة، لما يتمتع به من مناخ مصر من صفاء واستقرار يساعد على إجراء الأرصاد الفلكية بدقة ملموسة ووفرة كبيرة.

وأشار إلى تبنى المعهد برامج بحثية وثقافية وإعلامية للتصدى للبلبة التي تحدث عادة لاختلاف نتائج الرؤية في العالم الإسلامى، كما شارك علماء المعهد في الندوات والمؤتمرات المحلية والإقليمية إلى عقدت لبحث المشكلات العلمية لرؤية الأهلة وتحديد بدايات الأشهر الهجرية على أسس علمية موحدة في الأقطار الإسلامية شرقا وغربا سعيا إلى الوصول إلى تقويم هجرى موحد، وتم التوصل في نتائج هذه المؤتمرات إلى أن رؤية الهلال هي الأصل بشرط ألا تتمكن منها التهم ومنها مخالفتها للحساب الفلكى، كما أنه إذا تعذرت الرؤية يجوز الاعتماد على الحساب الفلكى الموثوق به..وكان من أهم اللقاء التي شارك المعهد بها ندوة الأهلة والمواقيت والتقنيات الفلكية التي عقدت بالكويت عام 1989

وكشف عن أن المعهد هو الجهة الوحيدة على مستوى العالم الذي قام خلال النصف الأخير من القرن العشرين بإدخال التقنيات الفوتومترية لدراسة الهلال الجديد، ومدى تغيرها بتغير الخصائص البصرية للكتل الهوائية في بعض المواقع الجغرافية المختلفة وتركزت الأبحاث في قياس لمعان شفق السماء ومقارنته بسطوع الهلال عند أطوار وأعمار وإحداثيات فلكية مختلفة وذلك من خلال حزم طيفية تقع في نطاق حساسية العين البشرية وبناء على نتائج الأبحاث تم تحديد معايير فوتو مترية لإمكانية رؤية الهلال الجديد وإرجاع بعض المعايير السابقة التي توصل إليها الأقدمون من العرب والمسلمين لهذه المعايير الحديثة. 
الجريدة الرسمية