رئيس التحرير
عصام كامل

طه النجار يكتب: «إنه أثر هواك»

طه النجار
طه النجار

جميعنا نشتاق، كالذي تفرُّ منه الكلمات‏، تتسرب، وتترك الصمت مرحلة يكون فيها حاضرًا؛ نطلب البراءة من هدوئنا، ومن صمتنا، نستجدي منه حديثًا أو كلامًا.


نُريد أن نُخبر منْ يُجالسنا سَرائرنا الكامِنة وراء شُحوب وجهنا، وهالاتنا السوداء، وارتعاشات أيدينا، وارتعادات قلوبنا.

جميعنا يشتاق إلى أحدٍ سبقتنا إليه محبّتُنا، مودتنا، خيالَاتنا إلى بعيدٍ لم يُجالسنا، إلى فانتازيا.. إلى أبعد ممن نرى.

اشتياقنا جلّاد وقلوبنا هشّة، فتُبكيك أغنية أو فيلمًا وأشياء صغيرة.

نحن بلا شك يمتلكنا حنين، يحتلنا لهيب إلى النوافذ، إلى صندوق قديم مُقفل مليء بالعتمة، إلى الرسائل البريدية المُحاطة بكل الذين غابوا.

نحن مُصابون بدفء الأيدى إذا اجتاح خواطرنا عناق طويل، مصابين بانحناءة الكتف كُلما أثقلت الحياة رؤوسنا، مصابين بالأشياء العابرة، بالتفاصيل الصغيرة، مُصابين بالحلم. 

لكننا إن نجونا سَننجو بفعل الصور، الليل، الرسائل، الأغاني، الموسيقى، القصائد، نهايات الأفلام الدرامية؛ أو ستقتُلنا كالبنادق التي تغتال العصافير. 

نحن مصابون بدواعي اللهفة، والخُطىَ والطريق والمسافة، وعقارب الساعة، واللحن الذي يسبق الأغنية، والحنين الذي يسبق اللقاء.

لكنه لطالما تتزايد الرغبة بالركض لا تنتظر أن يعفو عنك هواك، أو يُقدّم قَرابين، وكُن كالذي مات مصلوبًا بهواه.

لا يمكنك التخلص منه إذا بدا إليك صادقًا، تقودك فيه أشياء تفسرها بالحاجة إلى الانتماء إليها، ثم أنت تنتمي لهواك.

وكأنك في منفاك، ترى إلهك الكبير في محرابك تتهجد له.

ربما نَعلم أنّ كل هذه الأشياء خُرافة سَلكتْ طريقها إلينا، نُصدقها إذا لَمست صُدورنا الحجرية، فـتُعيد إلى قلبك النبض ويزهر فيك الورد، خُرافة تجعل قلبك رطبًا..! 

تُرمَّم خُدوشًا في قلبك، تعُود الحياة إلى روحك بفعل لم تقم به بعد؛ لكنّه أثر هواك..! 

عزيزي، عزيزتي؛ وكل ما نحتاج أن نكتب له أما بعد، أما بعد: إنه أثر هواك.
الجريدة الرسمية