رئيس التحرير
عصام كامل

آخر حرفي لـ«السجاد اليدوي» ببني سويف: «نفسي في ورشة» (صور وفيديو)

فيتو

تشتهر منطقة «بني زايد» بمركز ناصر شمالي محافظة بني سويف؛ بصناعة السجاد اليدوي منذ عشرات السنوات، لكن مع زيادة تكاليف الإنتاج وإحجام الشباب والخريجين عن امتهان تلك الحرفة؛ بدأت المهنة في الاندثار تدريجيًا، وأصبح من يمتهنونها فعليا لا يتعدون العشرات بمراكز المحافظة مجتمعة.


وانتقلت «فيتو» لحي «بني زايد» لمقابلة «عم شعبان» آخر صانعي السجاد اليدوي، للتعرف منه على أسباب تراجع المهنة، وقدرته على مواصلة العمل بها حتى الآن، وهل هناك مقترحات لإعادتها لسابق عهدها كحرفة كانت في الوقت القريب أحد مصادر الدخل القومي المصري، من عوائد تصدير منتجاتها.

شعبان عبد الهادي عبد العليم، 48 سنة، متزوج ولديه ثلاث بنات، «منى وشروق ورقية»، يعمل بمهنة صناعة السجاد اليدوي منذ أوائل ثمانينيات القرن الماضي، تعلمها بأحد مصانع الأسر المنتجة، ويمارسها من منزله هو وأسرته، بعد أن علم بناته المهنة التي أصبحت مصدر الدخل الوحيد للأسرة.

ويقول عن شعبان: «الحمد لله المهنة بتدخل لنا اللي يكفينا.. واشتهرت في سبعينيات وثمانينات القرن الماضي، والآن بدأت في التراجع، لعدم إقبال الأجيال الجديدة على تعلمها، نظرًا لمشقتها وضعف عائدها المادي مقارنة بمجهود من يعملون بها، وظهور الموكيت الأكثر تفضيلًا، ما يهدد تلك الصناعة بالاندثار والتلاشي».

وأضاف: «منتجاتنا نسوقها لدى تجار السجاد بالقاهرة.. هما اللي بيعرفوا قيمة الحتة، ويقدروا قيمتها والجهد المبذول فيها، وهناك بعض المنتجات نصدرها للخارج، من خلال التجار ومكاتب التصدير، رغم أن مستلزمات وخامات الصناعة جميعها محلية، عدا الصبغة نستوردها من ألمانيا».

وأوضح: «المهنة تتلاشى شيًا فشيء.. فمعظم من تعلموا المهنة معي تركوها واتجهوا لمهن المعمار ذات العائد المادي الأكبر والسريع، خاصة بعد ارتفاع أسعار مستلزمات وخامات التصنيع، بعد أن كانت تدر علينا أرباحًا كبيرة، لكن مع زيادة الأسعار لم يبق سوى القليل من العمال، معظمهم في قرية الشناوية، والباقي تركوا المهنة لعدم رضاهم عن العائد المادي».

وتابع عم شعبان: «حاولت أكثر من مرة أن أنقل عملي للمنطقة الصناعية، لكن لم يستجب أي من المسئولين المتعاقبين على محافظة بني سويف لطلبي تخصيص ورشة للتصنيع، ومعرض للمنتجات».

وناشد عم شعبان المستشار هاني عبد الجابر، محافظ بني سويف، بالموافقة على تخصيص مكان له لتدريب الشباب على الحرفة اليدوية، قائلًا إن وجود المكان سيكون دافعًا للخريجين للتدريب.

واستطرد: «صناعة السجاد اليدوي، هي مهنتي الوحيدة، ولا يوجد مصدر دخل آخر لي أو وظيفة أخرى، ولهذا لجأت للجهات إلى تمنح قروضًا للمشروعات الصغيرة، لكني دائمًا ما أصطدم بإجراءات سحب القروض، التي تشترط وجود ضمانات كافية، وهو ما لا يتوفر معي، فاضطر لإلغاء فكرة الحصول على قرض وتطوير مهنتي، ليقتصر عملي على تسويق المنتجات لدى بعض التجار في العاصمة».

وعن العائد المادي؛ أكد أنه غير ثابت، فعلى سبيل المثال السجادة ذات المقاس الكبيرة تستغرق مع عم شعبان ما يقرب من الشهر في تصنيعها، ويبيعها للتاجر بـ2500 جنيه، موضّحًا: «لكني لا أحسب المكسب ماديًا.. فمكسبي هو استمراري في المهنة التي أحببتها، مناشدًا الشباب بالتدريب على المهنة التي لا يستغرق تعلمها أكثر من 6 أشهر، بدلًا من انتظار الوظيفة الحكومية».

«شروق» ابنة عم شعبان أشارت إلى عملها مع والدها في الإجازات وأوقات الفراغ، موضحة: «أنا في الصف الأول الإعدادي، أذهب صباحًا للمدرسة، ثم إلى الدروس، وأعود بعد ذلك للجلوس بجانب والدي على النول لمساعدته أنا وشقيقتي الكبرى دعاء، فوالدنا علمنا المهنة منذ الصغر، لنساعده في عمله لزيادة الإنتاج».

وطلب «عم شعبان» من مسئولي محافظة بني سويف؛ النظر إلى المهن اليدوية والحرفية عامة، وإلى مهنة السجاد اليدوي خاصة، قبل أن تنقرض، مؤكدًا أن مثل هذه المهن هي السبيل لانتشال البلاد من أزمتها الاقتصادية، مضيفًا: «الشباب بيسافروا بره ويشتغلوا أي حاجة، يا ريت المحافظة تساعدهم وتدعمنا في تدريبهم».

من جانبه أكد المستشار هاني عبد الجابر، محافظ بني سويف، أهمية الاتجاه نحو المشروعات الصغيرة والمتوسطة، خاصة في مجالات الإنتاج المتنوعة والحرف اليدوية، لما توفره من فرص عمل ودعم للاقتصاد القومي.

وأشار المحافظ، إلى أن الحكومة تدعم هذا التوجه من خلال العديد من البرامج والأنشطة، لتشجيع ودعم المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر لدفع وتنمية وتشجيع إقامة المشروعات، والعمل على زيادة الإنتاج وخلق المزيد من فرص العمل للشباب.
الجريدة الرسمية