رئيس التحرير
عصام كامل

بسبب ارتفاع أسعار التقاوي.. مزارعون يهجرون زراعة البطاطس

فيتو

مع ارتفاع أسعار تقاوي البطاطس قرر الكثير من المزارعين التخلي عن زراعة هذا المحصول المهم، والذي يعتبر من الأطباق الرئيسية على المائدة المصرية والتوجه لزراعة محاصيل أخرى.


وكان قطاع كبير من المزارعين قرر زراعة البطاطس هذا الموسم بعد الارتفاع الكبير في أسعارها الذي بدأ بـ 11 جنيهًا ووصل إلى 16 جنيهًا للكيلو في مناطق عدة بالجمهورية، وهي فرصة بالنسبة لأي مزارع يرغب بالتأكيد في الربح، لكن محمد الجوهري أحد منتجي البطاطس بمركز بلقاس بمحافظة الدقهلية تلقى كبيرة صدمة بسبب الارتفاع الكبير في أسعار تقاوي البطاطس بنسبة تخطت الـ 50% في بعض الأصناف.

يقول الجوهري: "خططت لزراعة البطاطس هذا العام لأن السوق يبشر بربحية جيدة منها، لكن فوجئنا جميعا كمنتجي بطاطس بأسعار التقاوي المرتفعة، فبعض الأصناف مثل (الهتما) وصل سعر الطن منها إلى 27 ألف جنيه، بينما كان السعر في العام الماضي 16 ألف جنيه.. هذا دفع بعض المزارعين المتعاقدين مع اتحاد مصدري الحاصلات البستانية لاستلام التقاوي مباشرة وبيعها للتجار مقابل ربح يصل إلى 8 و9 آلاف جنيه في الطن دون أن يشغل باله بزراعتها".

وأضاف: "كما أن من زرعوا العروة السابقة لن يتمكنوا من شراء تقاوي لزراعة العروة الشتوية لأن الإنتاجية منخفضة والمكسب لا يغطي سعر التقاوي والتجهيز وهؤلاء خرجوا من المنظومة هذا الموسم".

وقرر الجوهري أن يستثني 30% من مساحة أرضه التي كان مقررا أن يزرعها بالبطاطس ويتجه لأي محاصيل أخرى سواء الفاصوليا البيضاء أو الورقيات كالخس البلدي أو الخضراوات أو القمح أو البصل، وأشار إلى امتلاكه قطعة أرض مزروعة الآن بالخس الكابوتشا كان يخطط لزراعتها بطاطس بعد الحصاد لكن لن يقدم على ذلك في ظل الارتفاع الحالي في أسعار التقاوي، بينما هناك مساحات قام بتجهيزها بالفعل لزراعة البطاطس وأنفق على الفدان قرابة 7 آلاف جنيه، وتلك يجب أن يزرعها بطاطس تلافيا للخسارة لا أكثر.

صغار المزارعين الذين وجدوا أنفسهم أمام أسعار تقاوي لا قبل لهم به سيعزفون عن زراعة البطاطس على حساب محاصيل كالبصل والفاصوليا والقمح.

ووفق الجوهري فإن صغار المنتجين للبطاطس تضمن استدامة المحصول وطرحه بشكل سريع في الأسواق بأسعار جيدة للمستهلك فهم لا يملكون القدرة على تخزين البطاطس وقراءة حركة السوق ولا يجيدون لعبة الاحتكار، فهم بمجرد حاجتهم للمال يبيعون المحصول عكس أصحاب الحيازات الكبيرة، والواقع الذي نعيشه الآن يشير إلى احتمالية نقص المساحة بنسبة 20% عن كل عام، مقابل تركز الزراعة في مساحات الكيانات الكبيرة المنتجة للبطاطس، وبالتالي احتمالية حدوث أزمات جديدة الموسم المقبل، كالتي شهدناها منذ شهر والتي ربح منها المنتجون الكبار أيضا الذين طرحوا إنتاجهم في السوق بعد أن ارتفع سعر البطاطس لعشرة جنيهات بينما باع الصغار والسعر متدنٍ.

وتابع: "للأسف هناك مزارعون غير قادرين على تقدير الموقف جيدا ويشترون التقاوي بسعرها الحالي ويتكبدون في سبيل ذلك بيع ذهب زوجاتهم وماشيتهم في سبيل تحقيق مكاسب كبيرة من زراعة البطاطس هذا العام وهو أمر غير متوقع، وأسعار القطن مثال على ذلك فالعام الماضي وصل سعر القنطار إلى 3000 جنيه وكان الطلب كبيرا بينما العام الحالى انخفض إلى 2300 جنيه ولا يوجد من يشتريه".

ومن جانبه قرر خالد عبد الصمد، مهندس زراعي، أحد منتجي البطاطس في مركز منية النصر بالدقهلية، أن يخفض مساحة الأرض التي قرر زراعتها بالبطاطس على غير عادته خلال الـ6 سنوات الأخيرة، حيث اعتاد على زراعة 10 أفدنة بالبطاطس سنويا بينما مع ارتفاع أسعار تقاوي البطاطس هذا العام قرر أن يزرع فدانين من القمح بدلا من البطاطس.

ويؤكد خالد أن المزارعين لن يزرعوا البطاطس بنفس المساحات التي اعتادوا على زراعتها، وقال: "المساحة التي قررت زراعتها بالبطاطس بسبب تجهيزها سأضطر لزراعتها بأصناف أقل تجاريا من غيرها، فكل عام كنت أزرع بطاطس من صنف سبونتا".

وأضاف: "بينما الموسم الحالي قررت زراعة صنف الكاره منخفض الطلب في التصدير والسوق المحلي مقارنة بالاسبونتا المطلوبة بشكل كبير، لأن الكاره موفرة في الزراعة حيث يستهلك الفدان من 6 إلى 7 شكائر، بينما الاسبونتا من 12 إلى 14 شيكارة وهذا العام سعر شيكارة الاسبونتا ارتفع من 750 إلى 1350 جنيها وأصناف أخرى قفز فيها السعر إلى ٤٥ ألف جنيه للطن في سابقة لم تحدث من قبل".

ولفت خالد إلى أن الأسعار المرتفعة ستقود المزارعين إلى تقليل المستخدم من التقاوي باتباع أسلوب تخريط التقاوي إلى قطع صغيرة عكس التوصيات الفنية لوزارة الزراعة بتقطيع التقاوي إلى قطع بحجم البيضة ولكن المزارعين سيقطعونها إلى قطع أصغر بكثير لتقليل الاستهلاك وذلك يتسبب في زيادة الإصابات الفيروسية الفطرية ويهدد بضعف الإنتاجية.

وقال إن تكلفة إنتاج الفدان زادت بسبب التقاوي هذا الموسم نحو ٦ آلاف جنيه عن العام الماضي في الدلتا، بينما تتكلف الزراعة في المناطق الصحراوية التي تعتمد على الري المحوري مبالغ أكبر حيث لا يتبع مزارعوها نظام تخريط التقاوي ويلجئون لزراعة الحبوب كاملة أي استهلاك أكثر من التقاوي.

وأشار إلى أن إيجار جهاز الري المحوري يصل لـ ١١ ألف جنيه وهذا يعني أن تكلفة الفدان تقفز إلى ٦٠ ألف جنيه بل وتتجاوز ذلك عكس الدلتا التي قفزت فيها تكلفة الفدان إلى ٤٥ ألف جنيه وبالتالي فمن المتوقع خروج كثيرين من منظومة إنتاج البطاطس من هذه العروة.
الجريدة الرسمية