رئيس التحرير
عصام كامل

من القاعدة إلى «داعش».. تاريخ ميلاد «الإرهاب الأسود».. واشنطن صنعتهم وتل أبيب استخدمتهم والشرق الأوسط «يسدد الفاتورة».. ولقاء سري في الجولان مهد الأرض لدخول إسرائيل إلى س

فيتو

«المنتصر يكتب التاريخ.. والمتأمر يصنعه» من هنا يمكن الحديث عن نشأة التنظيمات الإرهابية، التي عانى – ولا يزال يعاني – منها العالم طوال السنوات الماضية، فالتنظيمات تلك لم تخرج من الأرض في «غمضة عين»، ولا يمكن التعامل معها كونها «نبتا شيطانيا» لا جذور له، لا سيما أن وثائق عدة خرجت لتكشف تسلسل شجرة عائلة الإرهاب، وتزيح الستار عن الأيدي الخفية التي لعبت دورًا كبيرًا في غرس بذرة الإرهاب، ورعايتها حتى أصبحت – بمرور الأيام – شجرة خبيثة.


دور صهيوني

أمريكا، ومن قبلها الكيان الصهيوني، لا يمكن الحديث عن التنظيمات الإرهابية، دون التوقف كثيرًا أمام الدور الذي لعبته واشنطن وتل أبيب في صناعة هذه التنظيمات، التي كان هدفها في البداية «تكدير الأمن العالمي»، ثم أعلنت – بوقاحة- أنها ستتدخل في الدول التي تعاني ويلات الإرهاب لحمايتها، وهو ما حدث في العراق وسوريا وأفغانستان وغيرها من دول العرب وأفريقيا، رغم أن العديد من الوثائق والتقارير أكدت أن الإرهاب من صنعها، بل وتدعمه ماديًا ومعنويا لكن بشكل سري، وصدق على ذلك العديد من الصحف والمعاهد البحثية الأمريكية، بالاعتماد على وثائق تم تسريبها من الحكومة الأمريكية والمخابرات واطلعوا عليها.

معهد «جلوبال سيرش» بواشنطن أوضح أن تنظيمي «داعش» و«القاعدة» لا يتلقيان الدعم من أمريكا فقط، بل حليفتها إسرائيل أيضا، مشيرا إلى أن تاريخ استخدام الولايات المتحدة للجهاديين يعود لعام 1980، عندما تم تجنيد وتسليح «القاعدة» في الحرب السوفيتية الأفغانية، من جانب وكالة الاستخبارات الأمريكية وكذلك الموساد، وبين أن الرئيس الأمريكي الأسبق، جورج بوش، ونائبه ديك تشيني، خلقا فوضى في العراق وأفغانستان مستمرة حتى الآن، عبر استخدام العناصر المتطرفة ومنها «داعش» لتكوين إمارات تنشر القلق بالمنطقة.

وثائق

ومن الوثائق التي تؤكد ذلك، تقرير حصلت عليه منظمة «جاديكيال ووتش» الأمريكية، يتضمن أن وكالة استخبارات الدفاع التي هي جزء من 16 وكالة مخابراتية في الولايات المتحدة، قالت في أغسطس 2012، أي قبل ظهور «داعش»، إن هناك احتمالية لإقامة إمارة سلفية معلنة أو غير معلنة في شرق سوريا بالحسكة ودير الزور، وهذا بالضبط ما سيدعم قواتنا في مواجهة معارضينا، من أجل عزل النظام السوري.

كما كانت أمريكا أول من زودت «داعش» بشاحنات من نوع «بيك أب تويوتا»، ورغم ادعائها أن السيارات تلك تمت سرقتها من جنودها بسوريا، لكن عناصر بها أكدوا أنهم حصلوا عليها عبر اتفاقيات مع الحكومة الأمريكية، كما أن السباك مارك أوبرهولزر، الذي يقوم بإصلاح خراطيم المياه بالسيارات بولاية تكساس كشف ذلك، عندما نشرت «داعش» تغريدة لها بها صورة لسيارته ويقودها عدد من الإرهابيين، وأوضح أن سيارته كانت ذهبت للصيانة في شركة بهيوستن، ومن ثم تم بيعها في مزاد علني، وبعد ذلك تم نقلها لتركيا وتزويدها بمدفع مضاد للطائرات، مؤكدا أن العديد من سيارات «إف- 250» تم بيعهم في مزادات، وشَحنهم لتركيا ومن ثم سوريا.

وإلى جانب الدعم الأمريكي لـ«داعش» لم تكن إدارة دولة الاحتلال بعيدة عن المشهد، حيث أكد الجنرال الإسرائيلي المتقاعد جيرشون هاكوهين، أن وزير الدفاع الأسبق «موشيه يعلون» اجتمع في سبتمبر 2014 مع عدد من الإرهابيين الذين كانوا يتمركزون بالقرب من الجولان، للاتفاق معهم على إثارة الشغب على الحدود، وهو ما سيسمح لقوات الاحتلال بالتدخل وفرض السيطرة، بزعم أن حدودها في خطر، بقوله: «خلال وجودي في الجولان جلسنا مع 3 سوريين جهاديين، وسألهم يعلون هل أنتم سلفيون، لكنهم لم يردوا عليه ولم يكشفوا عن هويتهم، لكن تم الاتفاق على ما سيتم على الحدود».

أيضا.. عثرت القوات السورية على الأسلحة والذخيرة الإسرائيلية في المناطق المحررة من الجهاديين مرات عديدة، واعترف الوزير الصهيوني الأسبق بدعم الاحتلال لتنظيم «داعش» وجهاديين آخرين، بدعوى أنهم معارضين للنظام السوري، كما زار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عددا من الإرهابيين الذين يتلقون العلاج في إسرائيل، بزعم أنهم لاجئون ويجب حمايتهم، ويتم معالجة الآلاف من العناصر المسلحة بسوريا بالمستشفيات الإسرائيلية.

الدعم المالي

الاحتلال الصهيوني قدم الدعم المالي والطعام والوقود والمساعدات الطبية والسلاح لسنوات عديدة، وأكد ذلك أحد الجهاديين الذي لم يكشف عن اسمه قائلا: «إسرائيل تقف بجانبنا. لم نكن لننجو دونها. إنها تدعمنا بما في ذلك الأسلحة التي تقدمها حكومتها»، وحذفت صحيفة «جيروسالم بوست» العبرية، تقريرا لها منذ فترة بعد ساعات من نشره، كشفت فيه عن الأسلحة والذخائر والأموال التي تقدم للمتطرفين بسوريا من قبل نظام نتنياهو، ليكشف مدير تحريرها، ديفيد بران بعد ذلك أن الجيش الإسرائيلي هو من أجبرها على حذف المقال ونشر تقرير مخالف له.

وكان أول من نشر صورا للتنظيم الإرهابي، موقع «أكتيف بوست» العبري، كما نشر فيديوهات مزيفة عن عدد عمليات الإعدامات للتنظيم في 2014، وهناك تقارير من عميل وكالة الاستخبارات الأمريكية المتقاعد، إدوارد سنودن، أن زعيم داعش أبو بكر البغدادي، هو عميل للموساد، واسمه الحقيقي هو سيمون إليوت أو إليوت شيمون، قائلا: «سيمون إليون أو إليوت شيمون، الملقب بالبغدادي ولد لأبوين يهوديين، وعميل للموساد، وتم تدريبه على التجسس والحرب النفسية ضد المجتمعات العربية والإسلامية».

مراسلات

كما أظهرت مراسلات بين القائم بالأعمال في السفارة الأمريكية في دمشق، وليام روبوك والحكومة، توضح أن الولايات المتحدة كانت تخطط لنشر القلق في دمشق قبل اندلاع ثورات الربيع العربي، وذكر فيها أن «الرئيس السوري بشار الأسد يسير بخط ثابت في علاقته بإيران ونسعى للحصول على الدعم من الدول العربية ضده، لأنه حليف للدولة الفارسية»، ودعا للعب على وتر المخاوف السنية من التأثير الإيراني، قائلا: «وهناك مخاوف من زيادة عدد الناشطين الداعمين لإيران بالعراق واتجاههم للتبشير، ويجب أن يتم استغلالها».

وفي السياق نفسه نشرت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، مقالا لها الأسبوع الماضي، بعنوان «طائرات الهليكوبتر الغامضة»، ألمحت فيه أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تسير عددا من الطائرات لحمل عناصر «داعش» من مناطق الصراع ونقلهم لأماكن أخرى، وفي 13 نوفمبر الجاري، نفذت طائرات التحالف الدولي عملية إخلاء لجهاديين من قرية السويداء بمحافظة الحسكة، وكان من ضمنهم عناصر من «داعش» وتم نقلهم لمكان مجهول، كما هبطت طائرتان في 10 و11 نوفمبر الماضيين، بضواحي السوسة بمحافظة دير الزور، وأجلت 3 أعضاء من «داعش»، وقبلها في أكتوبر تم نقل قادة التنظيم الإرهابي من منطقة أبو كمال إلى مكان مجهول، وحدث الأمر نفسه في قرية المرشد التي ينتشر بها التنظيم في أغسطس الماضي، وكذلك قريتي الجس وكالو بحي القامشلي.

كما أن وسائل الإعلام الأفغانية أشارت أيضا إلى تلك الطائرات الغامضة، وقالت إن «هناك رحلات لعدد من طائرات الهليكوبتر، في شمال أفغانستان، بالمواصفات الموجودة نفسها في سوريا التي تسلم السلاح والمواد التموينية لعناصر داعش وطالبان، كما تنقل عناصر منهم، وشوهد إحداها في مقاطعة ساربول».

وفي مايو 2017، قال محمد ظاهر وحدات، حاكم مقاطعة سار بول الشمالية الأفغانية إن «مروحيات عسكرية لا تحمل أية علامات قد هبطت لفترة وجيزة في معقل الإرهابيين، ثم غادرت دون أن تتمكن قوات الأمن الأفغانية من التقاط صور لها، لأن الأمر حدث في الليل».

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية