رئيس التحرير
عصام كامل

كارلوس غصن.. الفساد ينهي أسطورة «رئيس سيارات نيسان»

كارلوس غصن
كارلوس غصن

أعلنت السلطات اليابانية، اليوم، القبض على رئيس شركة صناعة السيارات اليابانية نيسان في طوكيو «كارلوس غصن»، بعد استجوابه من قبل الشرطة فيما يتعلق بمخالفات مالية.


وذكر تليفزيون «إن.إتش.كي» الرسمي، أن "مكتب مدعي منطقة طوكيو قام بتوقيف رئيس مجلس إدارة نيسان غصن بشبهة انتهاك القانون".

وفور الإعلان عن النبأ، تراجعت أسهم شركة "رينو" الفرنسية بأكثر من 12% في التعاملات الصباحية في باريس.

تعليق فرنسي

من جانبه أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن حكومة بلاده تراقب قضية اعتقال كارلوس غصن عن كثب، وقال خلال زيارة لبلجيكا اليوم: "ستظل الدولة بصفتها أحد المساهمين في رينو حذرة للغاية فيما يتعلق باستقرار الحلف والمجموعة".

وكانت مجموعة "نيسان" اليابانية لصناعة السيارات الإثنين أكدت أن رئيس مجلس إدارتها "أعلن على مدى عدة سنوات عن عائدات تقل عن دخله الفعلي" بحسب نتائج تحقيق داخلي.

وأضافت المجموعة "إلى جانب ذلك، تم اكتشاف عدة أعمال سوء سلوك مثل استخدام أملاك الشركة لغايات شخصية" مشيرة إلى أنها ستقترح على مجلس الإدارة "إقالته من منصبه سريعا".

قرار العزل

قال الرئيس التنفيذي لنيسان موتور، هيروتو سايكاوا، إنه سيقترح عزل كارلوس غصن رئيس مجلس الإدارة في اجتماع لمجلس إدارة الشركة يوم الخميس المقبل، جراء حوادث سوء سلوك مالي خطيرة وغير مقبولة.

وتدور الاتهامات حول إخفاء غصن بعض تفاصيل الرواتب والمكافآت التي حصل عليها، ما قد يشير إلى تهرب ضريبي.

وقائع الفساد

وأشارت الشركة إلى أنها "عثرت على العديد من الأفعال المهمة الأخرى من سوء السلوك" بما في ذلك "الاستخدام الشخصي لأصول الشركة".

وأكدت نيسان أنه "تم تزويد مكتب المدعي العام الياباني بكافة المعلومات، وأنها تعاونت مع تحقيقات المكتب بشكل كامل".

وقالت الشركة إن "سوء السلوك الذي تم اكتشافه من خلال تحقيقاتها الداخلية، يشكل انتهاكا واضحا لواجب الرعاية كمدير.

وعرف عن غضن أنه المدير التنفيذي الأعلى أجرًا في اليابان في عام 2010.

وكشفت نيسان عن حصول غصن على 9.9 ملايين دولار كمرتب سنوي في 2016 – 2017.

وحصل غصن على مرتب سنوي بـ7.4 ملايين يورو من رينو الفرنسية في 2017.

لبنانى الأصل

كارلوس غصن رجل أعمال لبناني برازيلي فرنسي، ولد في البرازيل ودرس في لبنان وفرنسا، ويحمل جنسية الدول الثلاث، دخل مجال صناعة السيارات عبر شركة ميشلان لتصنيع الإطارات المطاطية، ثم شغل عدة مناصب قيادية -في وقت واحد- في شركات عالمية رائدة في المجال، وهي رينو ونيسان وميتسوبيشي.

أنقذ غصن «نيسان» من الإفلاس عام 2000، وحولها للربحية خلال عام واحد، فأنهى 20 مليار دولار من الديون خلال 3 سنوات وهي مهمة وصفت حينها بالمستحيلة، واليوم يعد كارلوس غصن واحدًا من أبرز 50 رجلًا في عالم السياسة والأعمال.

ميلاده ودراسته

ولد كارلوس غصن في مدينة «بورتو فاليو» البرازيلية، وبعد ستة أعوام انتقل مع عائلته إلى مدينة «بيروت» في لبنان، ليبدأ مرحلته الدراسية هناك، بينما أتم تعليمه الجامعي في “باريس” في فرنسا، ليتخرج عام 1974 من كلية الهندسة، وعبر تنقّله وعيشه لفترات طويلة في كلٍ من تلك البلدان، فقد كان كارلوس غصن طليق اللسان في العربية والبرتغالية، الفرنسية والإنجليزية أيضًا.

بدايته المهنية

بدأ غصن مساره المهني في شركة ميشلان أكبر شركة أوروبية لصنع الإطارات المطاطية، وعمل في فروع الشركة في فرنسا وألمانيا.

وفي 1981 اختير رئيسًا للمشروع بمدينة "لو بوي أون فالي" الفرنسية، وفي 1984 عُينَ رئيسًا لقطاع البحوث والتطوير بشركة ميشلان.

رئيس ميشلان ورينو

تم اختيار كارلوس غصن بعد ذلك بعام رئيسا لعمليات ميشلان في أمريكا الجنوبية، حيث عاد إلى «ريو دي جانيرو» ونجح في تثبيت أقدام الشركة بالمنطقة، وهو ما دفعَ قياداته إلى اختياره لرئاسة قطاع عمليات ميشلان في أمريكا الشمالية عام 1989.

عام 1996 نجحت شركة رينو الفرنسية للسيارات في استقطاب غصن للعمل لديها، وعينته في منصب نائب رئيس تنفيذي مكلف بتطوير عمل الشركة وفتح أسواق جديدة لها، كما كلف أيضا برئاسة قطاع الشركة في أمريكا الجنوبية.

إنقاذ نيسان

وعندما نشأ تحالف بين شركتي رينو ونيسان عام 1999 حافظ غصن على منصبه في رينو، وفي نفس الوقت عين أيضا كرئيس قطاع عمليات بنيسان، ثم اختير عام 2001 رئيسًا تنفيذيا.

وتمكن غصن عبر سياسة خفض الكلفة من تحويل مجموعة نيسان التي كانت على وشك الإفلاس إلى شركة رابحة بلغ رقم أعمالها السنوي نحو مائة مليار يورو، مما أكسبه احترامًا كبيرا في المنطقة، حتى أن رئيس أكبر شركة منافسة وهي "تويوتا" وجه إليه تحية، معبرًا عن الأمل "في مواصلة الاستفادة من قدراته للمضي قدما في تطوير صناعة السيارات".

ويعتبر كارلوس غصن رابع شخص غير ياباني يرأس الشركة اليابانية الشهيرة نيسان، ونجح في إعادة هيكلة الشركة التي كانت على وشك الإفلاس في أواخر التسعينيات.

في 2005 عين كارلوس غصن رئيسًا لشركة رينو، مع احتفاظه بمنصب الرئيس التنفيذي للشركة، ومنصبه على رأس نيسان، مما جعله أول شخصية تترأس شركتين من هذا الحجم في العالم، وذلك في وقت واحد.

وعام 2006 رفض غصن عرضًا من شركة فورد للسيارات لرئاستها وإعادة هيكلتها من جديد، وذلك بعد أن رفض المسئولون تمكينه من منصب رئيس الشركة ومديرها التنفيذي.

تقليص الضرر

وبعد تسونامي اليابان –الكارثة الطبيعية الأسوأ عالميًا- عام 2011، كان كارلوس غصن ذو فاعلية مذهلة في تقليص الضرر الحاصل للشركة في مدينة فوكوشيما، حيث قام بإعادة توجيهات العمل في مصنع “لواكي” وأكد على الالتزام بإنتاج ما لا يقل عن مليون سيارة سنويًا.

وإلى جانب مناصبه في رينو ونيسان شغل كارلوس غصن عدة وظائف في شركات كبرى للسيارات، بينها شركة أفتو فاز الروسية.

وفي أكتوبر 2016 أتمت نيسان سيطرتها على 34% من شركة ميتسوبيشي، وأصبح غصن بذلك رئيسا لثلاث شركات عالمية.
قمة صناعة السيارات

وفي فبراير 2017 قرر كارلوس غصن التنحي عن الإدارة المباشرة لنيسان، على أن يبقى رئيس مجلس إدارتها من أجل التركيز على التحالف مع شركتي رينو وميتسوبيشي موتورز الذي يطمح لحمله إلى قمة صناعة السيارات العالمية.

والتحالف الذي يقوده كارلوس غصن يشمل إلى جانب رينو ونيسان وميتسوبيشي أكبر شركة روسية مصنعة للسيارات أفتو فاز (لادا) التي تواجه صعوبات كبرى، وقد أنتج هذا التحالف عام 2016 قرابة عشرة ملايين سيارة (9.86 ملايين) ليقترب بذلك من الأمريكية جنرال موتورز (عشرة ملايين وحدة) التي تحل خلف فولكسفاغن الألمانية (10.3 ملايين سيارة)، وتويوتا اليابانية (10.18 ملايين سيارة).

بطل خارق

أصبحت قصة حياته كبطل خارق في سلسة كتب في اليابان بعنوان القصة الحقيقية لكارلوس غصن، وفي كتاب المانغا Big Comic Superior، وقد نشرت هذه السلسة في كتاب عام 2002.

كذلك فقد أطلق اسمه على "صندوق بينتو" في بعض قوائم الطعام في بعض المطاعم، وصناديق بينتو معروفة لدى رجال الأعمال والطلاب ومن يرغب بوجبة غداء سريعة، وقد اعتبرت صحيفة فاينانشيال تايمز ذلك مقياسًا للنمو السريع لشعبية غصن في اليابان وجعلها جديرة بأن تؤكل، خاصة أن اليابانيين يحافظون على عاداتهم ولا يرحبون بالطرق الأجنبية الدخيلة لذلك فإن "غصن بينتو"يعبر عن مدى حب الشعب الياباني وإعجابه بكارلوس غصن.

وقد كان غصن عنوان لعدد من الكتب الإنجليزية واليابانية والفرنسية. كما ألف غصن هو نفسه كتابًا باللغة الإنجليزية عن قصته مع نيسان وهو من الكتب الأكثر مبيعا في مجال إدارة الأعمال سمي هذا الكتاب (التحول، النهوض التاريخي لشركة نيسان).

سعي غصن لتطوير خط إنتاج سيارات كهربائية عديمة الانبعاثات لنيسان هو واحد من العناوين الأربع التي ظهرت في الفيلم الوثائقي نقمة السيارات الكهربائية عام 2011.

سيارات كهربائية

سيارة نيسان ليف عديمة الانبعاثات والتي بدأ تصديرها في أواخر 2010 إلى الولايات المتحدة واليابان هي أول سيارة مُنتجة تعمل بالكهرباء، وقد خصص غصن 5 مليار دولار لإيصال سيارة نيسان ليف، والعديد من السيارات الكهربائية التي تعتمد في هندستها على نظام سيارة ليف، إلى السوق، وهي ما اعتبرت مخاطرة دفعت بيزنيس ويك للتساؤل عما إذا كان غصن مجنونًا.

يعد غصن عنوانا للكثير من المواضيع ورسائل الماجستير والمقالات بين طلاب إدارة الأعمال، ومن الجدير بالذكر أن Cyber Essay لها قسم مخصص للأوراق التي تتحدث عن إدارة غصن للشركات، ومن أكثر الرسائل العلمية شيوعا واستشهادا هي رسالة الماجستير التي كتبها كوجي ناكي من مدرسة سلون للإدارة والتي تقارن بين غصن والجنرال الأمريكي دوغلاس ماك آرثر الذي أعاد بناء اليابان بعد الحرب العالمية الثانية.

أقوى 10 رجال

حصل غصن على العديد من الجوائز والأوسمة عن إنجازاته، حيث منحته مجلة فورتشن عام 2002 لقب رجل أعمال آسيا، وانتخب رجلًا للعام في الطبعة الآسيوية من المجلة نفسها عام 2003، وفي العام ذاته أدرجته المجلة ضمن أقوى 10 رجال أعمال خارج الولايات المتحدة، وفي عام 2006 سمي فارسا فخريًا للإمبراطوري البريطانية، أما في عام 2010 فأدرجته "CEO Quarterly" واحدًا من أكثر المدراء التنفيذيين احترامًا، كما منحته CNBC لقب قائد أعمال آسيا، وفي عام 2012 حصل على كل من جائزة الجمعية اليابانية وجائزة إنجاز العمر من جمعية الإدارة الإستراتيجية وهي جمعية غير ربحية تعمل على تعزيز أخلاق إدارة الأعمال حيث أصبح أول شخص في صناعة السيارات ورابع شخص في العالم يفوز بهذه الجائزة، كما حصل على وسام إيزابيلا الكاثوليكية وعلى درجة الزمالة الدولية للأكاديمية الملكية للهندسة.

الجريدة الرسمية