رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا يطالب شباب الصوفية بتجديد الخطاب الصوفي

الطرق الصوفية
الطرق الصوفية

تعيش الطرق الصوفية حراكا مكثفا، لا يقف عند محاولات إدخال الصوفية العلمية إلى الواقع الصوفي المصري، بعد سنوات من الذوبان في فلك "الدروشة"، بما أفقدها دورها الريادي في المنطقة، بل تتعالى الأصوات حاليا للمطالبة بتجديد الخطاب الصوفي.


ويحاول شباب الصوفية، استغلال الباب الذي طرقه الرئيس عبد الفتاح السيسي، عام 2015، الذي طالب بتجديد الخطاب الديني ومن وقتها والأنظار تتجه إلى التيارات الدينية وخاصة الحركية منها، بينما الصوفية الذين كان لهم تاريخ وباع طويل، في التوفيق بين الإسلام والمسلمين، وأبناء الحضارات الأخرى، لم ينظر إليهم أحد، رغم غرقهم في الطقوس التي أبعدتهم تدريجيا عن أوساط المتعلمين والشباب وبعض الفئات التي ترى في الصوفية مجرد «دروشة» مبالغ فيها ولا تصلح للواقع.

ما لا يعرفه الكثير من الصوفيين أنفسهم، أن الصوفي الحقيقي يجب أن يدرس علوم الكلام والفقه والتصوف، كما يجب للصوفي أن يكون على علم كامل بالكتاب والسنة، لكي يصحح اعتقاداته وعباداته ومعاملاته على اختلافها، وبالتالي استمرار الصوفية في الطقوس فقط يضعها في خانة «التدين الشكلي»، التي أصبحت سمة مميزة للإسلاميين، سواء في طريقة الحوار، أو الإصرار على تطويل اللحى، وحتى أداء الفرائض شكلًا لا موضوعا، في وقت يزاد فيه حجم الكذب ونفاق وغش تلك التيارات التي كادت أن تلقى بالبلاد في الجحيم.

يقول الدكتور جمال المرزوقي، الباحث في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيحية، إن التصوف يجعل من هذه الحياة وسيلة لا غاية يأخذ منها الإنسان كغايته، ولا يخضع لعبودية حب المال والجاه، ولا يستعلي بها على الآخرين، ولهذا يتحرر تمامًا من شهواته وأهوائه، وبإرادة حرة.

ويوضح أن التصوف ليس هروبًا من واقع الحياة، وإنما هو محاولة من الإنسان للتسلح بقيم روحية جديدة تعينه على مواجهة الحياة المادية، وتحقق له التوازن النفسي حتى يواجه مصاعبها ومشكلاتها، ولهذا المفهوم يصبح التصوف إيجابيًا لا سلبيًا، ما دام يربط بين حياة الإنسان ومجتمعه.

ويرى المرزوقي أن التصوف معنى بالأخلاق، والتمسك بشكليات الدين دون جوهره، أو ادعاء الدين لتحقيق مآرب ذاتية، موضحا أنه يعبر عن الفهم الواعي للدين والعمل به، بما يربط حياة التعبد بحياة المجتمع، فلا ينعزل الدين ويتقوقع أصحابه بعيدًا عن حقائق الحياة، وهو المطلوب من الصوفية حاليا بحسب وصفه.
الجريدة الرسمية