رئيس التحرير
عصام كامل

رئيس الوزراء في لقاء بالغرفة التجارية الأمريكية.. القاهرة شريك أساسي لواشنطن.. استثمارات الولايات المتحدة تتجاوز 2.6 مليار دولار.. الاقتصاد المصري حقق أعلى معدل نمو سنوي منذ عشر سنوات بنسبة 5.3٪

الدكتور مصطفى مدبولي،
الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء

ألقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، كلمة اليوم أمام الغرفة التجارية الأمريكية خلال اللقاء الذي أقامته الغرفة بالتعاون مع مجلس الأعمال المصري الأمريكي، بمناسبة زيارة وفد أمريكي برئاسة سارة كيمب القائم بأعمال نائب وكيل وزارة التجارة الأمريكية، وبمشاركة 44 شركة أمريكية.


فرص واعدة
وفي مستهل كلمته، أعرب رئيس الوزراء عن امتنانه وتقديره لأعضاء الوفد الأمريكي الذين أتوا لاستكشاف الفرص الواعدة في مصر، موجهًا الشكر لأعضاء الغرفة التجارية الأمريكية ومجلس الأعمال المصري الأمريكي لمساهمتهم في تنظيم هذا اللقاء الهام. 

وقال مدبولي في كلمته: أؤمن أن مثل هذه المنتديات تُعد مثالية لمجتمع الأعمال، حيث تأتي لمناقشة واستكشاف الفرص التجارية والاستثمارية، وإنها تساهم بلا شك في تقوية العلاقات المصرية الأمريكية على كافة الأصعدة.

وأضاف رئيس الوزراء أن القاهرة كانت ولا تزال شريكا إستراتيجيا لواشنطن، وذلك بفضل موقع مصر الجغرافي ودورها المحوري في المنطقة، كما أن مصر هي شريك أساسي للولايات المتحدة الأمريكية فيما يتعلق بإنجاز الأهداف المشتركة والمتمثلة في نشر السلام وتحقيق الاستقرار في إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فضلًا عن مناطق أخرى من العالم.

المستقبل الأكبر
وأشار رئيس الوزراء، في كلمته، إلى أن مصر كانت المُستقبل الأكبر للاستثمارات الأمريكية المباشرة في أفريقيا بنسبة 38% من الاستثمارات الأمريكية المباشرة في القارة في عام 2016، كما احتلت المرتبة الثانية بين الدول الأكثر استقبالًا لتلك الاستثمارات في الشرق الأوسط، وهو ما يعكس متانة العلاقات بين البلدين، لافتًا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تأتي ضمن أكبر عشر دول أجنبية لها استثمارات مباشرة في مصر، بإجمالي رأس مال يبلغ نحو 2،6 مليار دولار أمريكي وذلك بنهاية يوليو 2018.

ونوه رئيس الوزراء إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي في زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية عقد عدة اجتماعات مع شركات أمريكية ومع أعضاء غرفة التجارة الأمريكية للترويج للفرص الكبيرة التي يمكن لمستثمري الولايات المتحدة الأمريكية استغلالها خاصة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والعاصمة الإدارية الجديدة، ومحطات الطاقة، هذا إلى جانب كافة القطاعات الأخرى.

مجتمع الأعمال الأمريكي
ووجه رئيس الوزراء خلال كلمته الدعوة إلى مجتمع الأعمال الأمريكي للعمل مع كل من مجتمع الأعمال المصري والحكومة المصرية بهدف تعزيز النمو الاقتصادي بين البلدين، من خلال الاستفادة من موقع مصر الجغرافي الحيوي ومجموعة الموارد المتميزة سواء البشرية أو الطبيعية والتي تجعل مصر واحدة من أكثر الاقتصاديات المتنوعة والجاذبة في المنطقة.

وأضاف مدبولي أن مصر تعد سوقا كبيرة، تسمح للمستثمرين والمصدرين بالنفاذ لأسواق كبرى بدون تعريفة جمركية عبر عدد من اتفاقيات التجارة التفضيلية مع الدول العربية، والاتحاد الأوروبي، وتركيا، وتجمع الكوميسا، وتجمع التكتلات الأفريقية الثلاث والذي سيجمع نحو 26 سوقًا أفريقية، لافتًا ً إلى أن مصر في مرحلة التفاوض لإقامة منطقة تجارة حرة مع الاتحاد الجمركي الأوراسي والذي يتضمن (أمريكا وبيلاروسيا وكازاخستان وجمهورية قيرغيزستان وروسيا).

العلاقات الإستراتيجية
وعلى الصعيد التجاري، أعرب رئيس الوزراء عن إيمانه بأنه في إطار العلاقات الإستراتيجية التي تجمع بين البلدين، ما زال لدينا فرصة لتعزيز التبادل التجاري الذي بلغ 5.1 مليار دولار أمريكي في 2017، والبحث عن وسائل جديدة تسهم في تنوع برامج التبادل التجاري في السنوات القادمة.

وقال رئيس الوزراء: إننا نواجه تحديات اقتصادية غير مسبوقة، ورغم ذلك كلنا عزم على تخطي تلك التحديات وبذل المزيد من الجهود للتغلب على أية معوقات تحول دون تحقيق التنمية، وأضاف مدبولي: " كلي ثقة أن الولايات المتحدة الأمريكية كشريك حقيقي على استعداد لدعم الجهود المصرية في تحقيق أهدافها والمساعدة في استمرار الاقتصاد المصري على مساره الصحيح.

القطاع الخاص
وأضاف مدبولي أن الحكومة تحرص دائمًا على اطلاع وإشراك القطاع الخاص والمجتمع المدني والمراكز الفكرية والبحثية، وكذلك شركاء التنمية الدوليين فيما اتخذته الدولة المصرية مؤخرًا من خطوات وما بذلته من جهود لتنمية الاقتصاد من أجل تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، لافتًا إلى أن مؤتمر اليوم يمثل إحدى المناسبات الرئيسية لدعم هذه الشراكة والتي تمكن الحكومة من عرض ما قامت به من جهود وما حققته من إصلاحات اقتصادية تدل على جاهزية الاقتصاد المصري وقدرته على جذب الاستثمارات والتكيف مع التطورات الاقتصادية والمالية العالمية. 

واطلع رئيس الوزراء الحضور على أهم الجهود التي بذلتها مصر خلال السنوات الأربع الأخيرة لتحقيق الإصلاح الاقتصادي في سبيل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية الشاملة والمستدامة، والتي انطلقت في ظل العديد من التحديات والصعوبات التي واجهت الاقتصاد المصري منذ عام 2011، والتي أدت في مجملها إلى تراجع الأداء والمؤشرات الاقتصادية الكلية بانخفاض معدلات النمو والاستثمار والتشغيل والإيرادات العامة للدولة وزيادة العجز الكلي وعجز ميزان المدفوعات وتراجع الاحتياطي النقدي إلى أدنى مستوياته، فضلًا عن المتغيرات السياسية والاقتصادية الإقليمية والدولية والأحداث التي تشهدها المنطقة العربية ودول الجوار لمصر والتي زادت من حدة التحديات والصعوبات التي تواجه الاقتصاد المصري.

التنمية المستدامة
وأوضح رئيس الوزراء أنه في إطار ذلك وضعت الدولة المصرية إستراتيجية شاملة لتحقيق التنمية تمثلت في " إستراتيجية التنمية المستدامة: رؤية مصر 2030" التي أطلقتها الحكومة في فبراير عام 2016 لتكون الإطار العام المنظم لبرامج العمل خلال السنوات المقبلة، وذلك حرصًا على اتساق وتواصل الجهود على المدى الطويل مع البرامج والخطط التنموية المرحلية والتي جاء في إطارها برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الذي بدأت الحكومة في تنفيذه اعتبارًا من نوفمبر 2016، حيث نفذت الحكومة المصرية العديد من الإصلاحات والإجراءات لتحقيق النمو الشامل والمستدام وزيادة القدرات التنافسية وزيادة ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري وتحفيز النمو الاقتصادي الذي يقوده القطاع الخاص، وقد ارتكزت هذه الإجراءات والإصلاحات على إصدار حزمة من القوانين والتشريعات تهدف إلى رفع كفاءة المؤسسات وتهيئة بيئة الأعمال، وذلك من خلال إصدار عدد من القوانين منها قانون جديد للخدمة المدنية، وقانون التراخيص الصناعية، وقانون الاستثمار الجديد بما يٌسهم في تبسيط إجراءات إقامة المشروعات وتهيئة بيئة الأعمال وتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي. 

وأضاف مدبولي أن الإجراءات شملت العمل على تهيئة البنية الأساسية اللازمة لعملية التنمية من خلال تكثيف الاستثمار في مشروعات البنية التحتية وأهمها مشروع الشبكة القومية للطرق وتنمية محور قناة السويس وإقامة المناطق الصناعية والمدن الجديدة ومن بينها إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة وغيرها من المشروعات القومية ذات الأثر الاقتصادي والاجتماعي.

الإصلاح الإداري
وقال مدبولي: إدراكًا من الدولة المصرية لأهمية تحقيق الإصلاح الإداري كضرورة لرفع كفاءة المؤسسات وتهيئة بيئة الأعمال الجاذبة للاستثمار المحلي والأجنبي وباعتباره أحد المقومات الرئيسية لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، تقوم الحكومة المصرية في إطار رؤية مصر 2030 بتنفيذ خطة شاملة للإصلاح الإداري تتضمن عددًا من المحاور أهمها تحقيق الإصلاح التشريعي، وتحديث القوانين المنظمة لعمل الجهاز الإداري للدولة، والتطوير المؤسسي، والتدريب وبناء القدرات، وتحسين وميكنة الخدمات الحكومية بما يلبي الاحتياجات ويحقق رضا المواطنين. 

وأكد رئيس الوزراء أنه رغم صعوبة التحديات فإن مصر بدأت بالفعل في جني بعض الثمار والنتائج الإيجابية الأولية للإصلاحات والجهود المبذولة خلال الفترة الأخيرة، والتي جاء أهمها تحقيق الاقتصاد المصري أعلى معدل نمو سنوي منذ عشر سنوات بلغ 5.3٪ خلال العام المالي 17/2018، وقد ارتفعت مؤشرات الاقتصاد المصري بفضل الوصول إلى معدلات نمو إيجابية في القطاعات الاقتصادية المختلفة، وكذلك بفضل زيادة حجم الاستثمارات وكذا ارتفاع حجم صافي الصادرات، حيث نمت الصادرات غير البترولية من 16 إلى 18 مليار دولار بنسبة زيادة 18% خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 17/2018، كما حقق ميزان المدفوعات فائضًا بلغ نحو 11 مليار دولار، وانخفض عجز الميزان التجاري بنسبة 58% خلال هذه الفترة، كما ارتفع حجم احتياطيات النقد الأجنبي من 14.9 مليار دولار (في يونيو 2014) إلى 44٫4 مليار دولار (في يونيو 2018) لتُغطي أكثر من ثمانية أشهر من الواردات السلعية بعد أن كانت تغطي ثلاثة أشهر فقط.

الإصلاح الاقتصادي
وأضاف رئيس الوزراء: استكمالًا للجهود التي بذلتها الحكومة خلال الفترة الماضية في إطار البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي واتساقًا مع رؤية مصر 2030، وضعت الحكومة برنامجًا شاملًا للعمل خلال السنوات الأربع المقبلة (2018-2022)، لافتًا إلى أنه في مجال التنمية الاقتصادية، تستهدف الحكومة رفع معدلات النمو الاقتصادي بشكل تدريجي من 5.3٪ عام 17/2018 إلى 8% بحلول عام 21/2022.

كما تستهدف تعزيز دور الاستثمار الخاص في دفع هذا النمو بمواصلة الجهود المبذولة لتحسين بيئة الأعمال، خاصةً ما يتعلق بميكنة إجراءات تأسيس الشركات وتبسيطها وخفض تكلفتها، والتوسع في المناطق الحرة وإنشاء 12 منطقة استثمارية جديدة، وتأسيس منصة شاملة لتحفيز بيئة ريادة الأعمال، من خلال أربع ركائز أساسية هي، التمويل، وتأهيل رواد الأعمال، ومراكز خدمة ريادة الأعمال، والإصلاحات التشريعية والتنظيمية الجديدة، وكذا الاستمرار في تحديث الخريطة الاستثمارية، وتحديث بيانات الفرص الاستثمارية، بما ينعكس على جذب استثمارات خاصة تقدر بنحو 3.4 تريليون جنيه خلال الأربع السنوات القادمة، وزيادة صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بنحو 47 مليار دولار.

قطاع الصناعة
وذكر مدبولي أن الحكومة تولي أهمية بالغة لتعزيز تنافسية قطاع الصناعة، بما يسهم في زيادة معدل النمو الصناعي من 6.3٪ عام 18/2019 إلى 10.7٪ عام 21/2022، وذلك بالتركيز على إتاحة الأراضي الصناعية بأسعار تنافسية في كافة المحافظات، وتبسيط إجراءات التراخيص الصناعية، والتوسع في المجمعات الصناعية المتكاملة بإنشاء 13 مجمعًا صناعيًا جديدًا، وغيرها من الإصلاحات الهيكلية، لافتًا إلى أن الجهود المبذولة في مجال تحسين بيئة الأعمال، تستهدف بالدرجة الأولى توفير نحو 900 ألف فرصة عمل سنويًا تعمل على خفض معدلات البطالة إلى نحو 8.4% عام 21/2022.

وضمانًا لتحقيق هذه المستهدفات، قال مدبولي إن الحكومة تولي أهمية كبيرة لإعطاء دفعة تنموية للقطاعات كثيفة التشغيل مثل الزراعة والتجارة الداخلية والإنشاءات، فضلًا عن تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر وتعزيز علاقاتها التشابكية مع المشروعات كبيرة الحجم، كما تولي الحكومة أولوية لتحسين مستوى معيشة المواطنين، والانتهاء من تطوير جميع المناطق غير الآمنة، والتوسع في إقامة وحدات الإسكان المناسبة لكافة المواطنين بإنشاء 764 ألف وحدة سكنية بمشروع الإسكان الاجتماعي ونحو 400 ألف وحدة أخرى بالإسكان المتوسط، وإنشاء 2000 كم شبكة طرق قومية، وتحسين مستوى خدمات مياه الشرب بتنفيذ 265 مشروعًا فضلًا عن 594 مشروعًا لتطوير خدمات الصرف الصحي، والتوسع في شبكات الأمان الاجتماعي بتغطية 60% من السكان تحت خط الفقر ضمن برنامج تكافل وكرامة

المصالح المتبادلة
وأضاف مدبولي: اسمحوا لي أن أشير في وجود هذا الجمع المتميز من المستثمرين الأمريكيين والمصريين إلى ما تقوم به الحكومة المصرية من جهود لتشجيع الشراكة الفاعلة بين القطاعين العام والخاص لتنفيذ استثمارات مشتركة تحقق النفع والمصالح المتبادلة، والتي تشكل في الوقت ذاته رافدًا رئيسيًا لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، لافتًا إلى أنه إلى جانب الإجراءات والإصلاحات التشريعية والمؤسسية التي تم اتخاذها لتهيئة بيئة الأعمال الداعمة لهذه الشراكة، تعمل الحكومة كذلك على خلق الفرص وفتح مجالات متعددة للاستثمار المشترك.

وفي ختام كلمته وجه رئيس الوزراء الشكر والتقدير لكافة المشاركين والقائمين على الإعداد والتنظيم الجيد لهذا المؤتمر متمنيًا للمشاركين من ضيوف مصر الكرام طيب الإقامة في مصر.
الجريدة الرسمية