رئيس التحرير
عصام كامل

النيابة: 6 آلاف من 52 ألف عامل في السكك الحديدية يتولون التشغيل

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

لا يقتصر دور النيابة الإدارية على مباشرة التحقيق في المخالفات فقط بل تمتد رسالتها في أسمى غايتها لتحديد أوجه القصور والخلل الذي أدى إلى حدوث هذه المخالفات وتقديم الحلول القانونية والعملية الكفيلة بعلاج هذا الخلل والقصور، وبذلك تكتمل منظومة الرسالة التي تجملها النيابة الإدارية، وهي الرسالة التي أوكلها لها قانون إنشائها باختصاصها بضبط أداة الحكم تحقيقاَ للصالح العام وضماناَ لحسن سير أداء المرافق العامة للدولة.


وتبين للنيابة الإدارية أثناء تحقيقها للقضية رقم 112 / 2018 رئاسة الهيئة بشأن خروج جرار وعربات القطار رقم 986 عن القضبان وانقلاب بعضها يوم 13/ 7 /2018 نتيجة عطل بالتحويلة الخاصة بمحطة المرازيق –أن هناك خلل في منظومة العمل بالسكك الحديدية متمثل في قصور وخلل بالمنظومة الفنية للإشارات للسكة الحديد،وقصور وخلل بمنظومة العمل (العنصر البشري) بالسكة الحديد.

وجاءت أوجه القصور والخلل في منظومة الإشارات بالسكة الحديد، أن سكك حديد مصر ظلت مهملة منذ أكثر من ثلاثين عام وقد شهدت العقود الأخيرة العديد من حوادث وكوارث القطارات التي أودت بحياة العديد من أبناء هذا الوطن وبعد كل حادثة كانت النيابة الإدارية – بمناسبة تحقيقاتها – تدق ناقوس الخطر وتنادي بضرورة تطوير منظومة السكة الحديد في ضوء توصياتها لعلاج أوجه الخلل والقصور.

وأكدت النيابة الإدارية أنها على يقين بأن توصياتها ستجد لها آذان مصغية في ظل ما تتسم به هذه المرحلة من مواجهة تركة الفساد الإداري ووضع حلول جذرية لها في كافة المجالات.

وأشارت إلى منظومة الإشارات بالسكة الحديد تعتمد على نظام الربط الكهربائي أو الدوائر الكهربائية وذلك وفقا للنظام المستحدث عام 1992 ببعض الخطوط وأن الخطوط الأخرى مازالت تعمل بنظام الربط الميكانيكي القديم.

وتبين عيوب هذا النظام إن هذه الأنظمة قديمة جدًا ولا تواكب الأنظمة الحديثة والمتطورة بأنظمة السكك الحديدية، ولا توجد قطع غيار لهذه الأنظمة لأن الشركات المنتجة لا توقف عن إنتاجها أو العمل بها منذ فترة طويلة ولذلك يتم الاعتماد قطع غيار بديلة قد تؤثر في كفاءة المنظومة.

كما تبين أن نظام الربط الكهربائي أو الميكانيكي لا يعتمد على نظام التحكيم المركزي لسير القطارات، وهذه الأنظمة لا يوجد بها نظام تسجيل للأحداث الخاصة بسير القطارات سوء بالإدارة المركزية أو لوحة التشغيل.

كما إن هذه الأنظمة تعتمد على العنصر البشري اعتمادا أساسيًا في تشغيل وتسيير القطارات ولكل محطة أو برج أو تحويلة أو مزلقان على وحدة لعدم وجود نظام للتحكم المركزي لسير القطارات بتلك الأنظمة، ودائمًا ما يحدث إهمال أو تقاعس من العنصر البشري يؤدي إلى حدوث كوارث.

كما تبين وجود خلل في تشغيل أجهزة (A.T.C) حيث أن هذه الأجهزة توضع في مكان بالجرار معروف للسائق وحده وأن مفتاح الصناديق الخاصة (A.T.C) يسهل فتحها مما يمكن بعض السائقين من تعطيلها حتى يتمكن من قيادة القطار بالسرعة التي يراها ودون الالتزام بالسيمافور بدعوى أن ذلك يعطل مسير القطارات.

وأشارت النيابة إلى أنه يمكن سرقة جهاز ( A.T.C) (ما يطلق على الصندوق الأسود) كما حدث في الحادث الأخير موضوع القضية رقم 112 / 2018 رئاسة الهيئة حيث تبين سرقة الجهاز بعد الحادث مباشرة، فضلًا عن تبين من سرقة بعض أجهزة ( A.T.C) الموضوعة على السكة الحديد.

وجاءت أوجه العلاج للخلل والقصور بمنظومة الإشارات بالسكة الحديد بأنه يتعين الاعتماد على نظام الربط الإلكتروني بمنظومة الإشارات ومسير القطارات – (أسوة بما هو متبع بالخط الثاني الثالث لمترو الأنفاق) – حيث أن هذا النظام يعتمد على نظام التحكم المركزي لسير القطارات بما يضمن سلامة التشغيل.

كما أن هذا النظام يوجد به نظام تسجيل بأحداث الخاصة بسير القطارات فضلًا عن أن هذا النظام يعتمد في المقام الأول على التشغيل الإلكتروني الأمر الذي تقل معه الأخطاء البشرية في هذه المنظومة ويضاف إلى ما سبق توافر قطاع غير المنظومة الإلكترونية.

جدير بالذكر أن خطط السكة الحديد للتطوير تقدم دائما للتطور الشامل لكل قطاعات وأنظمة السكة الحديد سواء الإشارات أو البنية الأساسية للقضبان والسكة ذاتها أو تطوير الجرارات والعربات وهو ما يتطلب مبالغ طائلة قد تعوق التطوير – إلا أن النيابة الإدارية ترى أن أولوية التطوير تبدأ بتطوير منظومة الإشارات وهى المتعلقة بأنظمة(A.T.C) السيمافورات _التحويلات _ المزلقانات، باعتبارها الأهم في التطوير.

كما أن منحة صندوق النقد الدولي تغطى تطوير هذه المنظومة، لحين العمل بمنظومة الربط الإلكتروني ويمكن اتخاذ بعض التدابير منها، ووضع كاميرات مراقبة على غرف الريليهات وأبراج المحطة وكذلك على لوحة التشغيل وذلك لتحقيق قدر كبير من الرقابة المركزية على المحطات والأبراج وما يدور بها، ووضع جهاز (A.T.C) في مكان بالجرار لا يمكن للسائق أو غيره ممن له ثمة مصلحة في الوصول له حتى لا يتمكن من تعطيله وحتى لا يمكن سرقته وذلك بعد وقوع حوادث.

كما تبين أن أوجه الخلل في منظومة صيانة الإشارات وكيفية علاجها جاءت في تلاحظ للنيابة الإدارية أن معظم أنظمة وقطاعات السكة الحديد مغطاة بعقود للصيانة مع شركات أخرى وذلك كصيانة الجرارات والعربات وغيرها إلا أن صيانة الإشارات تتولاه الهيئة القومية لسكك حديد مصر بنفسها وقد يرجع ذلك لإحجام الشركات عنها لضعف المقابل المالي ولخطورة المنظومة، وقد تلاحظ صورية أعمال الصيانة للإشارات.

كما تقوم هيئة سكك حديد مصر بوضع خطة سنوية لصيانة الإشارات ومنها ( السيمافورات والتحويلات، غرف الريليهات ) وعلى أن تكون صيانة الداخلي ( غرف الريليهات ) كل 6 أشهر وصيانة الخارجي ( اللوحة والسيمافورات والتحويلات وغيرها ) كل 3 شهور وتتضمن كراسة الصيانة إجراء تجارب للأجهزة للوقوف على حالتها.

وتلاحظ عند مطالعة كراسات الصيانة (داخلي - خارجي ) لمحطة المرازيق عن الفترة خلال عامي 2017، 2018 أن جميع التجارب والأجهزة منتهية بالتقرير أنها تعمل بصورة جيدة بما ينبئ عن أن هذه الصيانة صورية، تلاحظ عدم تضمن كراسات الصيانة لبنود متعلقة بالأعطال السابقة للإشارات بما لا يمكن معه الوقوف على الحالة العامة لها طوال فترة الصيانة.

وأكد التقرير أن أعمال الصيانة تتم في غير حضور كبار المختصين بالصيانة بالمنطقة وإنما يتم اعتمادها منهم فقط، ولا يوجد سجل بالمحطة ليوقع فيه المختصين بالصيانة منه أثناء مرورهم الشهري أو الأسبوعي– حسب الاختصاص– لمتابعة عمل وصيانة الإشارات بما لا يمكن معه الوقوف على حقيقة المرور الفعلي.

كما جاءت أوجه علاج الخلل والقصور في منظومة صيانة الإشارات بأنه يتعين تصوير التجارب وأعمال الصيانة أثناء القيام بها وفقًا لخطة الصيانة (داخلي _ خارجي) على أن ترفق أسطوانة مدمجة (C.D) عليها المقاطع المصورة الخاصة بأعمال الصيانة بكراسة الصيانة وذلك للتأكد من القيام بالصيانة الفعلية.

وأكد التقرير أنه يجب أن تتم الصيانة في حضور مدير عام الصيانة أو مدير إدارة الإشارات، كما يتعين إثبات كافة الأعطال الخاصة بالإشارات بكراسة الصيانة للمحطة خلال فترة الصيانة – حتى ولو تم إصلاحها- لإمكانية الوقوف على الحالة العامة للأجهزة بالمحطة ولإمكانية تحليل هذه الأعطال والوقوف على أسبابها ومتابعتها في ضوء ذلك.

ولفت التقرير إلى أهمية إنشاء سجل بالمحطات لتوقيع المختصين بالصيانة أثناء مرورهم بالمحطة أو البرج أو تمكينهم من التوقيع بسجل الزيارات 350 الموجود بالمحطة وذلك للتأكد من المرور الفعلي، وعدم وجود نظام لتحليل الأعطال والوقوف على أسبابها.

وتعتمد الهيئة القومية لسكك حديد مصر على منظومة الأوراق والسجلات فقط للإخطار بالأعطال وإدراج الهام منها بالسجلات اليومية المهمة لإخطار كافة الإدارات المختصة به وهو نظام يفتقر إلى إمكانية الربط بين الأعطال وتكراراها في الفترات الزمنية المختلفة، وهو نظام لا يمكن معه الوقوف على تكرار الأعطال أو تحليل أسبابها.

وأكد التقرير أن أوجه العلاج تشمل إعداد برنامج بالحاسب الآلي يتم فيه إثبات كافة الأعطال التي يتم الإخطار بها سواء كبيرة أو صغيرة وكافة البيانات المتعلقة بكل محطة أو برج وذلك حتى يمكن من خلال هذا البرنامج الوقوف على تكرار الأعطال سواء في المكان الواحد أو عدة أماكن بما يمكن معه توفير قاعدة بيانات عن كافة الأعطال وتكرارها سواء من حيث النوعية أو المكان حتى يمكن وضع تحليل أو تصور كامل لمنظومة العمل بالسكة الحديد والأعطال التي ترد عليها وإمكانية صيانتها أو إصلاحها.

وأضاف التقرير أنه رغم أن المنظومة المطبقة حاليًا بالسكة الحديد سواء الربط الكهربائي أو الميكانيكي تعتمد على العنصر البشري اعتمادًا كليًا لتطبيق المنظومة فإنه وفقًا للبيان الرسمي المقدم من المختصين فإن وظائف التشغيل الأساسية والتي يعتمد عليها مسير القطارات عددها 5333 وأن العجز في هذه الوظائف يبلغ 7786 وهو ما يترتب عليه تشغيل هذه العمالة 12 ساعة وراحة 12 ساعة وراحة 24 ساعة وفي حالات الضرورة يتم تشغيلها 12 ساعة وراحة 12 ساعة.

ولفت التقرير إلى أنه من المفارقات العجيبة أن عدد العاملين بهيئة السكك الحديدية يتجاوز 52 ألف عامل في حين من يتولى التشغيل لا يتجاوز عددهم 6 آلاف عامل وهو ما يؤكد الفساد الذي كانت تحيا فيه السكة الحديد في العقود الثلاثة الأخيرة.

كما جاءت أوجه العلاج بإنشاء معهد يتبع السكة الحديد أو إعادة تشغيل معهد وردان بالسكة الحديد؛ وذلك لتدريب وتعيين كوادر تشغيل جديدة لسد العجز في وظائف التشغيل، ومحاولة توطين أو تقريب أماكن العمل لوظائف التشغيل من محال إقامتهم لإمكانية تقليل ساعات العمل والاستفادة من ساعات الراحة وذلك حتى يظل العامل بكامل قوته وتركيزه.

وأكد التقرير أنه يتعين منح مميزات خاصة لوظائف التشغيل القائمة بالعمل الفعلي كمح حافز خاص بهم لأداء العمل فعليًا، ويتعين تدريب وظائف التشغيل على سلامة التشغيل ومواجهة الأزمات.
الجريدة الرسمية