رئيس التحرير
عصام كامل

شبح الخصخصة يعود من جديد.. مخاوف من بيع أصول شركات قطاع الأعمال العام.. الحكومة تلجأ للقطاع الخاص لإنقاذ الشركات الخاسرة بمباركة البرلمان.. والسكة الحديد والمترو البداية

محمد وهب الله، و
محمد وهب الله، و عبد العال وهيثم الحريري وهشام عبد الواحد

ما من ملف يعاني أزمة في مصر، إلا ويعلق المسئولون آمالهم في القطاع الخاص باعتباره طوق النجاة لإنقاذ القطاع العام من الضياع.

وتستعين الحكومة في كثير من الأحيان بالبرلمان الذي يسن التشريعات التي تسمح بدخول القطاع الخاص كشريك أساسي في عمليات التطوير، وعلى الرغم من وجود أصوات معارضة لهذا التوجه، تخوفا من أنه نوع من أنواع «الخصخصة»، إلا أن الردود الحكومية والبرلمانية جاهزة بأنه ليس خصخصة، وإنما مشاركة القطاع الخاص في عمليات الإدارة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.


البداية كانت في قطاع السكك الحديدية، والتي تعاني إهمالا شديدا يكبدها المزيد من الخسائر السنوية، حتى أصبحت الإيرادات لا تكفي المصروفات، في ظل ارتفاع أسعار الكهرباء والوقود، وهو ما دفع الحكومة للتفكير في دخول القطاع الخاص في هذا المرفق الحيوي والهام.

وعلى الفور بارك البرلمان هذا المطلب، وتمت الموافقة النهائية على تعديل قانون هيئة السكك الحديدية بما يسمح بمشاركة القطاع الخاص في عمليات التطوير، ودافع نواب المجلس، عن موقفهم بأن ما تم ليس خصخصة مطلقا، وإنما محاولة لانتشال ثاني أقدم سكة حديد في العالم من الضياع.

نفس الشيء تكرر في شأن مترو الأنفاق، حيث وافق البرلمان أيضا على مشروع قانون بتعديل هيئة الأنفاق بما يسمح بدخول القطاع الخاص للاستثمار في هيئة المترو لإزالة المشكلات التي يتعرض لها المترو من وقت لآخر، وبسبب النزيف الحاد والخسائر المتكررة التي تؤثر على الحركة في كثير من الأحيان.

وفي هذا السياق، أكد الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب، أن السكة الحديد في مصر لن تتطور، إلا بمشاركة القطاع الخاص، قائلا: أي كلام عن التطوير بعيدا عن مشاركة القطاع الخاص لن يجدي نفعا، مشيرا إلى أن السكك الحديدية تعاني من إهمال لسنوات، حتى أصبحت متهالكة.

وطالب رئيس البرلمان، بأهمية الاعتماد على القطاع الخاص لتحقيق التنمية في مصر، بدلا من استمرار التعويل على دور القطاع العام الذي لم يحقق المأمول منه.

ووصل الأمر برئيس البرلمان في إحدى الجلسات العامة بالهجوم على القطاع العام بقوله: لا القطاع العام قاد عملية التنمية في يوم من الأيام، ولا حقق الخدمة للمواطنين.

وفيما يتعلق بالشركات الخاسرة في قطاع الغزل والنسيج، نجح الدكتور خالد بدوي، وزير قطاع الأعمال العام، في إقناع نواب البرلمان، بضرورة دخول القطاع الخاص في عمليات التطوير وبيع الأصول غير المستغلة، لتتمكن الحكومة من إنجاح وسرعة تحسين أحوال الشركات القائمة.

ومن جانبه دافع هشام عبد الواحد، رئيس لجنة النقل والمواصلات في مجلس النواب، عن مشاركة القطاع الخاص في تطوير السكك الحديدية، بالتأكيد على أنه أصبح ضرورة حتمية، لاسيما مع تزايد معدلات إهدار المليارات في هذا المرفق، والتي وصلت لنحو 50 مليار جنيه خسائر.

ودافع النائب أيضا عن موقف البرلمان في تصريح خاص لـ"فيتو"، بقوله: "البرلمان لن يقبل بأي حال من الأحوال أن يكون سببا في الخصخصة"، موضحا أن مشاركة القطاع الخاص في عمليات إعادة تأهيل السكك الحديدية، وكذلك مترو الأنفاق لن يكون اتجاها نحو "الخصخصة".

وأشار النائب هشام عبد الواحد، إلى أنه في إطار الحفاظ على حقوق الدولة والمواطنين من القطاع الخاص، فأن البرلمان لا يقبل مطلقا بأن يملي القطاع الخاص شروطه على الدولة في تطوير قطاع السكة الحديد ومترو الأنفاق، وأن أي قرار متعلق بالمواطنين لن يتم اتخاذه قبل التشاور مع مجلس النواب.

وتعهد النائب، أن هذه المشاركة لن يضار منها مطلقا المواطنين البسطاء، ففي تطوير السكة الحديد لن يسمح بأن تكون على سبيل المثال الزيادة في أسعار التذاكر المتحكم فيها القطاع الخاص، بينما سيكون القرار وفقا لما تراه الحكومة بالتنسيق مع البرلمان، مع الأخذ في الاعتبار أهمية الحفاظ على الفئات الأقل دخلا، ولن يتم المساس بـ"قطارات الغلابة".

وفي شأن شركات القطاع العام، أكد محمد وهب الله، وكيل لجنة القوى العاملة في مجلس النواب، أنه من غير المقبول بيع شركات القطاع العام مطلقا، أو خصخصتها، لاسيما وأننا عانينا من ويلات الخصخصة في العصور الماضية.

وأشار النائب، في تصريح خاص لـ"فيتو" إلى أنه لا مانع من مشاركة القطاع الخاص في عمليات التطوير وتنمية القطاع الحكومي، طالما في إطار القانون، لاسيما وأن هناك ضرورة تستوجب إعادة هيكلة شركات قطاع الأعمال العام المتعثرة والشركات التي تتكبد خسائر.

وأوضح محمد وهب الله، أنه من بين الشركات التي تحتاج إلى إعادة هيكلة قطاع الغزل والنسيج والتشييد والبناء وفي قطاع الدواء كذلك، معلنا رفضه بيع أصول الشركات ولكن يجب حسن استغلالها بما يساعد في توفير السيولة المالية اللازمة لعمليات التطوير.

على الجانب الآخر، رفض هيثم الحريري، عضو تكتل 25/30 في مجلس النواب، اتجاهات الحكومة في الحديث عن مشاركة القطاع الخاص، مؤكدا أنها بابا خلفيا للخصخصة وبيع القطاع العام، الذي يمثل كارثة كبيرة.

ورفض النائب في تصريح خاص لـ"فيتو" دفوع الحكومة وبعض النواب، بأن مشاركة القطاع الخاص ليست نوعا من الخصخصة، مشيرا إلى أن تجربة مصر في هذا الملف أثبتت فشلها، مستشهدا بما حدث في شركات الغزل والنسيج والمحالج، وكذلك شركات الحديد والصلب وصناعة الأسمنت.

وأكد النائب، أن دخول القطاع الخاص، كان سببا في تخريب هذه الشركات، وأدى إلى تسريح العمالة وضياع هذه الصناعات على مصر، بعدما كانت رائدة في أكثر من مجال، لافتا إلى أن توقف الإنتاج في عدد من المصانع يتسبب في ارتفاع أسعار المنتجات ويدفع لاستيرادها بأسعار عالية نظرا لزيادة تكاليفها وهو ما يحمل خزانة الدولة أموالا كثيرة.

وشدد النائب هيثم الحريري، على الحكومة بضرورة البحث الحقيقي عن أسباب الخسائر، وسبل مواجهتها بطرق علمية وليس اللجوء إلى الحلول السهلة المتمثلة في بيع الأصول الخاصة بشركات القطاع العام، أو دخول القطاع الخاص كشريك في عمليات الإدارة وخلافه.
الجريدة الرسمية