رئيس التحرير
عصام كامل

حكاية قاضية مسيحية حكمت على شبان أساءوا للعذراء بحفظ سورة آل عمران

فيتو

"الأحكام البديلة" هو النهج الذي اعتادت المحاكم اتباعه والسير عليه قديمًا ضمن وسائل تأديب وتهذيب الجناة بعيدًا عن الحكم عليهم بالسجن لفترات تختلف حسب الجريمة المرتكبة.


ومع مرور العصور تحولت الأحكام لقرارات بسجن الجناة فقط على الرغم من تزايد الجرائم السلوكية والأخلاقية التي تحتاج للتقويم والإصلاح بدلا من السجن والترويع وكان على رأسها قضايا ازدراء الأديان التي باتت تتزايد على الرغم من الأحكام العقابية الصادرة بحق مرتكبيها.

التسامح بين الأديان ونشر المحبة والوئام.. جميعها قيم ومبادئ نُسبت لقرار القاضية اللبنانية المسيحية جوسلين متى التي حاولت أن تعامل المسيئين "بالتي هي أحسن" كما أوصى الإسلام وسط دعوات لقضاه العالم بالسير على نهجها لنشر السلام والعدل في العالم.

ويفرض القانون اللبناني عقوبات متعددة على كل من يثبت تطاوله على الأديان، وصل إلى السجن لمدة بين 6 أشهر إلى 3 سنوات، ولكن القاضية اللبنانية المسيحية اختارت، بشكل فاجأ الجميع، العودة لاتباع هذه الطريقة التي وُصفت بالحضارية، من جديد في محاكمتها لثلاثة من الشباب أساءوا للسيدة مريم العذراء فبحثت عن طريقة تهذبهم حسبما يمكنهم إدراكه فلم تجد إلا القرآن، باعتبارهم مسلمين، وسيلة لتحسين سلوكهم.

ففي الوقت الذي يواجه فيها الشباب الثلاثة المحاكمة كان الجميع ينتظر السماع بالحكم بالسجن عليهم معاقبة لهم على سوء سلوكهم وازدرائهم لشخصية يمجدها الجميع من جميع الديانات، إلا أن "جوسلين" فاجئت المتهمين والجماهير بقرارها إصدار حكمها عليهم بحفظ جزء من سورة "آل عمران" تبرز فيها عظمة السيدة العذراء ومن بعدها يُطلق سراحهم، وبالفعل قام الشباب بحفظ السورة وقاموا بتلاوتها على القاضية التي أطلقت سراحهم فور تأكدها من حفظ الشباب للسورة.

وخرج القادة السياسيون ورواد مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان وخارجها للإشادة بموقف القاضية الجميلة التي لقنت الجميع درسًا في العدل والتهذيب فوجه لها رئيس الوزراء سعد الحريري تحياته عبر "تويتر"، مؤكدة قدرتها على ترسيخ مبادئ المشاركة بين الديانات المختلفة في لبنان باتخاذها ذلك القرار.

واعتبرها نجيب ميقاتي، رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، مثالا يحتذى في الأحكام القضائية الإصلاحية المبنية على التسامح والتثقيف الديني الصحيح واحترام الآخرين، وتحويل مجريات الأمور من سلبية إلى إيجابية، كما أثنى الرئيس اللبناني السابق العماد ميشال سليمان على ما فعلته القاضية قائلا: "نهج جديد يبدأه القضاء مع الحكم النوعي المميز الذي أصدرته القاضية جوسلين متى على شبان أهانوا الأديان بوجوب حفظ مقاطع من القرآن تتعلق بالسيدة العذراء".
الجريدة الرسمية