رئيس التحرير
عصام كامل

عقوبات جريمة السرقة.. جنحة أو جناية «تقرير»

عصام أبو العلا المحامي
عصام أبو العلا المحامي بالنقض

يثير موضوع جرائم السرقة قضية في غاية الخطورة لما تمثله من خروج على القانون والنظام العام وتهديد الناس في أموالهم، الأمر الذي يجعلنا دائما نتساءل هل لهذه الجريمة درجات وهل لها عقوبات تقدرها المحكمة بحسب قيمة الشيء المسروق، وغيرها من التساؤلات المثارة والمتجددة، وفي محاولة للإجابة على هذه التساؤلات فإنه يجب أولا أن نعرف من هو السارق وهل لقيمة الشيء المسروق دخل في تقدير العقوبة أم لا.


وفي هذا الصدد، يجيب عصام أبو العلا المحامي بالنقض على سؤال: متى يتم اعتبار جريمة السرقة جنحة ومتى يتم اعتبارها جناية؟:

من هو السارق؟
السارق هو كل من اختلس مالا مملوكا للغير بنية تملكه وقد أوردت المادة 311 من قانون العقوبات هذا التعريف ولكن حتى لا يختلط الأمر بالنسبة لما تعبر عنه كلمة اختلاس فليس المقصود منها هو فهم الكثير أن كلمة اختلاس إنما تعبر عن جريمة مستقله بذاتها فهي ليست كذلك إنما هي معني لكلمة سارق أو أول ما يبدأ به تعريف السارق حيث يظن العديد من الناس أن هذه الكلمة هي كل من قيل عنه مختلس كما في الموظف العام أو الذي يعمل في شركة خاصة.

ومن ثم يختلف هذا التعبير عن الفهم المتداول فالاختلاس هو بداية جريمة السرقة التي تتوافر بمجرد الاستيلاء على مال الغير دون رضاه، وتقع الجريمة كاملة حين يتمكن السارق من استخلاص المال لنفسه وفرض سيطرته عليه، ولكن يجب أن يعلم الجاني أنه يأتي فعل السرقة، وهذا ما يعرف بالقصد الجنائي أي لا بد وأن تتوافر نية الجاني في تملك المال المسروق، وهو أمر لمحكمة الموضوع أن تستظهره من وقائع الدعوى المطروحة عليها حتى ولو لم يقر بها الجاني.

ويجب الإشارة إلى أنه إذا كان الجاني زوجا أو زوجة للمجني عليه أو أصل أو فرع منه فإن الدعوى الجنائية لا يجوز تحريكها ضده إلا إذا طلب المجني عليه ذلك وهي فئات حددها القانون على سبيل الحصر، بل إن الجريمة إن وقعت كاملة وأحيلت إلى المحكمة وقضت بحكم نهائي على الجاني بالإدانة، فإن للمجنى عليه أن يطلب في أي وقت وقف تنفيذ العقوبة.

وللقاضي دائما السلطة المطلقة في تقدير العقوبة فقد يقدر أقصى عقوبة على سارق سرق شيئا قليل القيمة وقد تكون العقوبة أقل على سارق لشيء ذي قيمة كبيرة، فهذا مطلق تقدير القاضي طالما توافرت أركان الجريمة، وإن كان العمل قد جرى على أن العقوبة تزداد وتقل بحسب قيمة الشيء المسروق ولكن لا يجب اعتبار ذلك قاعدة فالأصل والاستثناء هو أن للقاضي سلطة تقديرها دون معقب عليه من محكمة النقض.

متى تكون السرقة جناية؟
فالإجابة هي عين ما تنص عليه المادة 313 من قانون العقوبات، فقد قررت أنه يعاقب بالسجن المؤبد من وقعت منه سرقة مع اجتماع خمسة شروط من أن تكون السرقة ليلا ومن شخصين فأكثر يكون أحدهما حاملا سلاحا مخفيا أو ظاهرا، وأن يكون السارقون دخلوا مكانا مسكونا أو ملحقا به أو معدا للسكني وعن طريق تسور المكان أو كسر الباب أو اصطناع مفاتيح أو انتحال صفة ضابط أو موظف عمومي، أو إيهام المجني عليه بأن لدى السارق أمرا مزورا صادرا من الحكومة، وأخيرا أن يرتكبوا الجريمة بالإكراه أو التهديد باستعمال أسلحتهم، فإذا اجتمعت تلك الشروط كانت العقوبة لا دخل للقاضي في تقديرها كما نص عليها القانون السجن المؤبد.

كما تكون السرقة جناية إذا ارتكبت بالإكراه وفي هذه الحالة تكون العقوبة السجن، إما إذا ترتب على فعل الإكراه ثمة جروح فإن العقوبة تتراوح ما بين السجن المشدد إلى السجن المؤبد، وهو ما نصت عليه المادة 314 من قانون العقوبات، ونشير أخيرا إلى أنه يكفي التهديد باستعمال السلاح فلا يشترط استعماله فعلا طبقا لمفهوم المادة السابقة.

وأيضا تكون العقوبة السجن المشدد على السارق الذي يرتكب جريمته ليلا طالما كان بصحبته على الأقل شخصا آخر ويكفي أن يكون أحدهما حاملا سلاحا ظاهرا أو مخفيا.

أما جرائم السرقة التي ترتكب في الطرق العامة أو وسائل النقل بكافة أنواعها فقد شدد المشرع عقاب الجاني فجعل العقوبة السجن المؤبد أو المشدد في حالات محددة أول تلك الحالات إذا وقعت السرقة من شخصين أو أكثر وكان أحدهم حاملا سلاحا، والحالة الثانية إذا وقعت من شخصين أو أكثر بطريق الإكراه أو التهديد باستعمال السلاح، والسرقة توصف بأنها جناية إذا وقعت على أسلحة الجيش أو ذخيرته.

وأضاف المشرع المادة 316 مكرر ثالثا من قانون العقوبات بأن قرر عقوبة الحبس من ستة أشهر حتى سبع سنوات بالنسبة للسرقات التي ترتكب في إحدى وسائل النقل أيا كان نوعها، وكذلك السرقات التي تحصل في مكان مسكون أو ملحق به وتطبق ذات العقوبة على السرقات التي ترتكب من شخص واحد يحمل سلاحا.

وخرج المشرع على الأصل العام في تشديد عقوبة جريمة السرقة وأفرد للسرقات التي ترتكب دون توافر الظروف المشددة عقوبات مخففه إذا وقعت من الخدم أو المتخصصين في نقل الاشياء بالعربات أو من تابعيهم، فالعقوبة في هذه الحالة قررها المشرع بعقوبة الجنحة كما نصت المادتين 317،318 من ذات القانون.


وماذا عن عقوبة العودة للسرقة؟
اجاز القانون للقاضي أن يقضي عليه بعقوبة إضافيه وهي وضعه تحت مراقبة الشرطة مدة سنه على الأقل أو سنتين على الأكثر حتى يكون ذلك رادعا لكل من تسول له نفسه من السارقين العودة إلى ارتكاب الجريمة مرة أخرى.

وأخيرا يجب التنويه إلى أن جريمة السرقة أحاطها المشرع بسياج هائل من الشروط والأركان الواجب توافرها ليُحكم على من يطاله اتهام بالسرقة بالإدانة، كما أن محكمة النقض تراقب تطبيق تلك الشروط والأركان، لما في وصم أي إنسان بأنه سارق من آثار مستقبله عليه وعلى عائلته.

وتعرف الأحكام بأنها القرارات التي تصدر عن السلطة القضائية في الخصومات التي ترفع إليها عن طريق الدعوى التي يرفعها الخصوم لاستصدار حكم يضع حدا للنزاع القائم بينهم.

وأحاط المشرع الأحكام بالكثير من الضمانات ورتب عليها آثارًا ورسم لها طرق طعن محددة، ونصت المادة 211 من قانون المرافعات على أنه لا يجوز الطعن في الأحكام إلا من المحكوم عليه ولا يجوز ممن قبل الحكم أو ممن قُضي له بكل طلباته ما لم ينص القانون على غير ذلك".

وحصر المشرع طرق الطعن في نوعين هما طرق الطعن العادية وطرق الطعن غير العادية، فالنوع الأول هو طريق الطعن بالاستئناف فقد نصت المادة 219 من قانون المرافعات في فقرتها الأولى على أنه للخصوم في غير الأحوال المستثناة بنص في القانون أن يستأنفوا أحكام محاكم الدرجة الأولى الصادرة في اختصاصها الابتدائي".

وفي المادة 227 من ذات القانون حدد المشرع مواعيد الاستئناف بحيث تكون في الأصل مدتها أربعون يوما، ويرد على هذا الأصل استثناءان هما الأحكام الصادرة في المواد المستعجلة حيث إن استئناف هذه الأحكام ضرب له المشرع ميعادا وهو خمسة عشرة يوما، وذلك نظرا لطبيعة هذه الأحكام من كون الغرض منها هو درء الأخطار بشكل عاجل دون المساس بأصل الحق، أما الاستثناء الثاني فيرد على الاستئناف المقام من النائب العام أو من يقوم مقامه حيث رأي المشرع أنه في حاجة إلى زيادة الميعاد فجعله ستين يوما.


هل هناك أحكام لا يجوز استئنافها؟
الإجابة بنعم وهي تلك الأحكام الصادرة في حدود النصاب الانتهائي للمحكمة، وهذه الأحكام هي أحكام نهائية يلزم لاستئنافها تقديم كفالة وقد أحاطها المشرع بسياج منيع من الطعن حيث حصر سببين للطعن بالاستئناف عليها أن توافر أحدهما جاز الطعن، وهذان السببين هما "ودون توسع" البطلان وسبق صدور حكم حائز لقوة الأمر المقضي فيه "حكم نهائي بات"، ويضاف إلى ذلك الأحكام الصادرة في دعاوي الخلع حيث لا يجوز الطعن عليها بالاستئناف.

أما النوع الثاني من طرق الطعن في الأحكام وهو الطرق غير العادية والتي حصرها المشرع أيضا في حالتي التماس إعادة النظر، والطعن بالنقض.

الالتماس إعادة النظر هو طريق طعن غير عادي يجوز للخصوم عملا بالمادة 241 من قانون المرافعات أن يلتمسوا إعادة النظر في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية في أحوال حددها المشرع جاء مفادها:-

1- إذا وقع من الخصم غش كان من شأنه التأثير في الحكم.
2- إذا كان الحكم بنى على أوراق ظهر بعد الحكم تزويرها، أو بنى على شهادة قضى - من الجهة المختصة بعد الحكم- أنها شهادة زور.
3- إذا حصل الملتمس بعد الحكم على أوراق قاطعة في الدعوى كان قد تعذر عليه إبرازها قبل الحكم.
4- إذا قضى الحكم بشيء لم يطلبه الخصوم أو قضى بأكثر مما طلبوه.
5- إذا كان منطوق الحكم يناقض بعضه بعضًا
6- إذا كان الحكم غيابيا.
7- إذا صدر الحكم على من لم يكن ممثلا تمثيلا صحيحا في الدعوى.

وحددت المادة 242 من قانون المرافعات ميعاد الالتماس بأربعين يوما إلا أنه لا يبدأ الميعاد في الفقرات الأربع الأولى من المادة السابقة إلا من اليوم الذي ظهر فيه الغشر أو الإقرار بالتزوير أو حكم بثبوته أو الذي حكم فيه على شاهد الزور بالإدانة، أو اليوم الذي ظهرت فيه الورقة المحتجزة التي لم يستطع الملتمس تقديمها أمام المحكمة.

ويجدر الإشارة إلى أن التماس إعادة النظر لا يوقف تنفيذ الحكم الملتمس فيه بل يجب أن تأمر المحكمة المختصة بنظرة بوقف التنفيذ أن رأت وجها لذلك.

أما عن الحالة الثانية من حالتي طرق الطعن غير العادية فهي حالة الطعن بالنقض.

فبدايةً لا يجوز الطعن بالنقض على الأحكام الصادرة في الدعاوى التي لا تتجاوز قيمتها مائة ألف جنيه وفيما عدا ذلك من الأحكام فإنه يجوز الطعن عليها بطريق النقض طالما جاوزت قيمتها هذا المبلغ أو كانت الدعوى قد أقيمت ابتداءً غير مقدرة القيمة، ولا يترتب على الطعن بالنقض وقف تنفيذ الحكم شأنه شأن التماس إعادة النظر إلا إذا أمرت محكمة النقض بوقف التنفيذ وفي هذه الحالة يجب على المحكمة أن تحدد جلسة لنظر الطعن في موعد لا يتجاوز ستة أشهر، وقد نصت المادة 252 من قانون المرافعات على أن ميعاد الطعن بالنقض ستون يوما واستثنى من ذلك الميعاد النائب العام طبقا لقواعد محددة.

ويجب أن ننوه إلى أن الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية المشكلة بهيئة استئنافية لا يجوز الطعن عليها بالنقض إلا إذا شاب الحكم بطلان أو كان على خلاف حكم بات صدر في ذات موضوع الدعوى، كما أن الأحكام الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية لا يجوز الطعن عليها بالنقض إلا من النائب العام، والغريب أن هذا الطعن لا يستفيد منه الخصوم، وإنما فقط لمصلحة القانون.
الجريدة الرسمية