رئيس التحرير
عصام كامل

في شهر النصر.. السادات صانع المجد والشرف والتاريخ.. "هيكل" يصفه ببطل الحرب.. وقائد استثنائي في 1973

الرئيس الراحل محمد
الرئيس الراحل محمد أنور السادات
لقد جرى العُرف على أن التاريخ يكتبه المنتصرون، وأن الشعوب تمجد قادتها المنتصرين، غير إن هذه النظرية تبدو مهتزة مرتبكة أمام الرئيس الراحل محمد أنور السادات، بطل الحرب والسلام، الذي قاد جيش مصر العظيم لتحقيق انتصارات السادس من أكتوبر/ العاشر من رمضان، وأعاد كامل التراب المصري الذي دنسه المحتل الإسرائيلي بعد حرب النكسة.


وخلال الأيام القليلة الماضية، مرت ذكرى نصر العاشر من رمضان، ثم أعقبتها ذكرى تحرير سيناء، دون احتفاء بهذا القائد الاستثنائي الذي صاغ تاريخًا استثنائيًا للعسكرية المصرية والأمة العربية، سواء على الصعيد الرسمي أو الصعيد الشعبي، وهو أمر مثير للجدل والحيرة، لا سيما عندما يذهب الاحتفاء إلى مَن لم يحقق نصرًا عسكريًا وحيدًا في حياته، أو عندما يعمد بعض الصغار إلى تشويه سيرة الرجل وصورته، حسدًا من عند أنفسهم الأمَّارة بالسوء.

في السطور التالية.. نرصد شخصية السادات في عيون العالم، ونبحر في عقله، ونعرف كيف كان يفكر ويقرر، وكيف استطاع أن يكسر أنف المحتل الصهيوني، ويسترد الأرض والكرامة والاعتبار.

بطل الحرب
كتب محمد حسنين هيكل: "السادات كان قبل ليلة العبور واحدًا من زعماء العالم العربي مثل كثيرين، لكنه بعدها أصبح نجمًا يلمع في أفق عالٍ وشاهق، قبلها كان رجلا مثل: "هنري كيسنجر" يتهرب منه ويراه بهلوانًا سياسيًا، بعدها لم يعد في مقدور أحد، بمن فيهم "كيسنجر" أن ينكر قدره ومكانته، بل ويتطلع إلى لقائه".


مضيفًا: "لم يكن في تاريخ العرب الحديث انتصار عسكري واضح قبل ليلة 6 أكتوبر، حيث سجل السادات في تاريخ العرب نصرًا عسكريًا لم يكن ينتظره أحد، وإحساسه قبل الحرب أن عبد الناصر يعيش بداخله، لكن بعد الانتصار تدفق الإحساس لديه بأنه أكبر من جمال عبد الناصر"، وتلك هي الحقيقة الساطعة التي لا تنكرها سوى العيون الرمداء، والضمائر الشائهة.

في مناسبات عديدة، منذ حرب أكتوبر 1973 وحتى الآن، يُجمِع عسكريون زاملوا السادات، وكانوا شهودًا على إنجازاته العسكرية، على أنَّ الله تعالى أكرم مصر برجالاتٍ استطاعوا الحفاظ على أرضها، وإثراء تاريخها أمثال: السادات الذي عاش من أجل وطنه، واستشهد من أجل مبادئه التي سعى إليها من خير هذا الوطن.

حيث تحمل كافة أشكال الضغوط المحلية والدولية، وعبر بوطنه في مرحلة عصيبة، تُعدُّ من أصعب المراحل التي مرت بها البلاد، كما تمتع ببصيرة متقدة مكنته من الرؤية لمدى أبعد كثيرًا مما يراه الجميع، حتى استحق أن يُقالَ عنه إنه كان سابقًا لعصره؛ فكان هادئًا حكيمًا، يمتلك من الإرادة والصبر والتصميمم رصيدًا كبيرًا.

واستطاع بتلك السمات أن يصبح قائدًا استثنائيًا، اقترن اسمه بأعظم قادة القرن العشرين، وصار واحدًا من أشهر صُناع الانتصارات والأمجاد والتاريخ المشرف.

كان لدى الرئيس السادات يقينٌ وقناعة بأبناء القوات المسلحة المصرية، برغم عدم وجود إمكانيات قوية آنذاك تضاهى العدو، فلم يكن الصراع وفقًا للمنظور العسكري متكافئًا، بشهادة كل المراقبين المحليين والدوليين.

رجل استثنائي
فلجأ قبل حرب العزة والكرامة إلى الخداع الإستراتيجى ونجح فيه، حيث لم يكن يجول بخاطر أحد أنه سوف يقدم على اتخاذ قرار الحرب، ولكنه فعلها ليقف العالم مذهولًا أمام هذا القرار، فاستطاع إعادة التوازن لسياسات مصر الخارجية، وجعل إسرائيل تعترف بحدودها مع مصر، وكسر أنفها وحطم كبرياءها، وأعاد افتتاح قناة السويس بعد توقفها إبان الحرب، وصنع ما لم يصنعه سابقوه من ذوي الشعارات الوهمية والأصوات الحنجورية.

قبيل انطلاق حرب السادس من أكتوبر/ العاشر من رمضان، التي مهدت فيما بعد لإنجازات عديدة، من بينها تحرير كامل التراب المصري، والاحتفال كل عام بذكرى تحرير سيناء.. عمَّتْ حالة من التساؤل في كافة الأوساط العسكرية، تُرى: متى تحين ساعة الصفر؟ ولم يكن أحد، بمن فيهم الراحل عاطف السادات، شقيق الرئيس، يعرف موعد الحرب الذي كان مدعومًا بالسرية الكاملة.

ولم يتم الإفصاح عنه إلا قبل 45 دقيقة فقط من انطلاق المعركة التي شهدت تلقين العدو الصهيوني درسًا لن ينساه وقضي على أحلامه التي ذهبت أدراج الرياح؛ ليعترف العدو الصهيوني أمام العالم بهزيمته الفادحة أمام أبطال مصر البواسل.
الجريدة الرسمية