رئيس التحرير
عصام كامل

زيادة الرزق والبنين.. فوائد وثمرات المواظبة على الاستغفار

فوائد وثمرات المواظبة
فوائد وثمرات المواظبة على الاستغفار
لم تخصّ الشريعة الإسلاميّة فضيلة الاستغفار بصيغة مُعيَّنة، وإنّما جاءت صِيَغ عدّة للاستغفار في كتاب الله وسُنّة نبيّه الكريم، ومن صِيغ الاستغفار في القرآن الكريم:


 (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي). (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ). (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ). (رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ).

صِيَغ استغفار وردت في السنّة
جاء في السنّة النبويّة ذِكر صِيغ عديدة للاستغفار، ومن هذه الصِّيغ: الصيغة التي عدَّها النبيّ الكريم سيّدَ الاستغفار، وهي أن يقول العبد: (اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي لا إلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا علَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي، فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ قالَ: ومَن قالَها مِنَ النَّهارِ مُوقِنًا بها، فَماتَ مِن يَومِهِ قَبْلَ أنْ يُمْسِيَ، فَهو مِن أهْلِ الجَنَّةِ، ومَن قالَها مِنَ اللَّيْلِ وهو مُوقِنٌ بها، فَماتَ قَبْلَ أنْ يُصْبِحَ، فَهو مِن أهْلِ الجَنَّةِ).

الدعاء الذي يكون في الصلاة ما بين التشهُّد والتسليم، قال -عليه الصلاة والسلام-: (اللهمَّ اغفرْ لي ما قدَّمتُ وما أخَّرت، وما أسررتُ وما أعلنتُ، وما أسرفْت، وما أنت أعلمُ به منِّي، أنت المقدِّم وأنت المؤخِّر لا إله إلا أنت)

ثمرات الاستغفار للاستغفار فوائد وثمرات كثيرة، يُذكَر منها:

تكفير الخطايا والذنوب؛ فالذي يستغفر من ذنبه يغفر الله له خطاياه، وهذه المغفرة تختلف باختلاف درجة التوبة؛ فقد تشمل المغفرة الذنبَ كلّه حتى يعود العبد خالياً من الذنوب، وقد تُخفّف المغفرة من الذنوب ولا تُكفّرها بالكُلّية. دخول الجنّة التي أعدّها الله لعباده المُتَّقين الذين يستغفرون لذنوبهم، ويتوبون عن خطايهم، قال -تعالى-: (أُولَٰئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ).

الوقاية من الخِزي الذي يلحق بالكافرين والمنافقين يوم القيامة؛ فلا يفضح الله المؤمنين المستغفرين، ولا يُخزيهم أمام الأشهاد يوم ترتفع الحُجب، وتتجلّى حقائق النفوس، والأشياء. تجديد إيمان العبد؛ فالذنوب والخطايا تُضعف إيمان العبد، وقد تُحدث شَرخاً في نفسه وقلبه، وقد تحدث نكتة سوداء في قلبه، ومن شأن الاستغفار والتوبة من الذنوب محو أثر تلك السيّئات، وإعادة الإيمان إلى النفس؛ ولذلك ربط الله في كتابه العزيز بين التوبة من الذنب والإيمان؛ ذلك أنّ الإيمان يحمل العبد على إدراك الذنوب، وتمييزها، ويدفعه إلى اجتنابها؛ خشية من وعد الله، ووعيده، وبالتالي يظهر أثر الإيمان في استغفار المؤمن، وتوبته الدائمة من ذنوبه التي يقترفها في حقّ الله -تعالى-، قال -تعالى-: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ).

زيادة الرزق، وتكثير البنين، وشيوع الخيرات، ودوام النعمة على الإنسان؛ فثمرة الاستغفار والتوبة تتجلّى في نزول الغيث من السماء مدراراً، فتجري الأنهار، وتنبت الزروع، والثمار، قال -تعالى-: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا*يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا*وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا).

وفي المقابل هناك آثار للذنوب وللخطايا تتمثّل بحرمان العبد من رزقه، وقد يكون هذا الحرمان محسوساً بحيث يمنع الله عن العبد بعض النِّعم الدنيويّة، وقد يكون هذا الحرمان معنويّاً بحيث يُحرَم العبد نعمة التوفيق إلى الخير، وفي الحديث: ( إنَّ الرجلَ ليُحرَمُ الرزقَ بالذنبِ يصيبُهُ، ولا يردُّ القدرَ إلا الدعاءُ، ولا يزيدُ في العمرِ إلا البرُّ).

دَفع العذاب عن العباد؛ فللاستغفار ثمرة عظيمة في الوقاية من عذاب الله الواقع بالمُذنِبين، قال -تعالى-: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)

حُكم الاستغفار مع عدم الطهارة؟
وقع الإجماع بين فقهاء الأمة على جواز ترديد الذكر والدعاء بالقلب واللسان لمن كان مُحدِثاً، أو به جنابة، كما أجمعوا على جواز ذلك للحائض، والنفساء، ومن هذا الذكر: التسبيح، والتهليل، والاستغفار، والتكبير، والصلاة على النبيّ.

الاستغفار بالقلب أم باللسان
فضّل بعض علماء الأمّة الذكر بالقلب على الذكر باللسان إذا أراد المسلم أن يقتصر على إحداهما، وإن كان الجمع بينهما في الذكر أفضل، وأكثر نفعاً، ولا يجوز للمسلم أن يترك الذكر باللسان، ويقتصر على الذكر بالقلب خشية من الرياء؛ فالاحتراز من مراقبة الناس، والخشية من ملاحظاتهم يُضيّع على المسلم كثيراً من مَهمّات الشريعة، ويُغلق أمامه أبواب الخير، وقِيل إنّ تَرك التلفُّظ بالذكر؛ سواء كان مُستحَبّاً، أو واجباً، غير مُعتبَر في الصلاة، أو غيرها، وإنّما يجب على المسلم أن يتلفّظ بالذكر؛ حتى يسمع نفسه، وقد فرَّق آخرون بين الذكر بالقلب، والذكر باللسان، وبيّنوا أنّ الذكر بالقلب يكون من خلال التفكُّر في آيات الله، والإنابة والرجوع إليه، وتعظيمه، ورجائه، وذكر مَحبّته، وحسن التوكُّل عليه، أمّا الذكر باللسان فيكون من خلال كلّ قول يتقرّب به العبد إلى ربّه، وأشرف هذا القول وأعلاه ترديد (لا إله إلا الله)، وذهب العلّامة الشيخ ابن عثيمين إلى القول باعتبار الذكر باللسان فقط، فلا يُعتَدّ بالذكر حتى يُحرّك به المسلم لسانَه، وشفتَيه.
الجريدة الرسمية