رئيس التحرير
عصام كامل

3 أحداث في 18 يونيو غيرت مجرى التاريخ المصري

إعلان الجمهورية
إعلان الجمهورية

يحمل يوم 18 يونيو ذكريات خالدة فارقة في عمر الأمة المصرية، والمثير أنها مرتبطة بتأسيس حقب مختلفة، ونظم حكم استطاعت تغيير وجه المنطقة بأكملها، وليس الدولة المصرية فقط، وإن كانت خصوصية التجارب أثرت في مصر أولا، واتجاهات الحكم، وانعكاساته على العقلية المصرية.



محمد على

أولى الذكريات المرتبطة باليوم، هي تنصيب محمد علي باشا على حكم مصر في مثل هذا اليوم من عام 1805، وبعيدا عن الذكريات التقليدية المحفوظة عن الطريقة التي صعد بها للحكم وتزكيته من رجال الدين وخاصة الشيخ عمر مكرم، يمكن القول إن محمد على هو واحد من أبطال الأمة المصرية وسيظل كذلك بحجم إنجازاته واتساع مشروعه، إذ يعتبر مؤسس مصر الحديثة.

محمد علي باشا: وصل بالجيش المصري لإسطنبول.. وأوروبا منعته من سحق العثمانلي  


لم يولد محمد على في مصر، بل لم يتحدث اللغة العربية، إلا أنه يمكن تعريفه بسهولة على أنه شخص كافح للدفاع عن البلاد وسيادتها وعزتها وقوتها وتطوير مواردها الاقتصادية والإدارية.

محمد على هو منشئ اقتصاد القطن الذي ساهم لسنوات طويلة في جعل مصر محل اهتمام العالم، وهو صاحب نظام الري الذي استمر حتى سنوات قليلة ماضية، وهو أيضا مؤلف نظام الإدارة المركزي الحديث، وأول من زود الجيش بأبناء الطبقات الفقيرة من المصريين بعد ان كان محرما عليهم. 

خلق محمد ملامح إمبراطورية بالمقاييس المصرية، أسس صناعة حديثة على النهج الغربي، جلب للبلاد قدرات تقنية مماثلة لأحدث البلدان الغربية في ذلك الوقت، أنشأ نظام في إدارة الدولة تعيده مصر الآن، وهو تصدي الدولة للتنمية وبناء المشروعات الضخمة، وتخطيط الاقتصاد حسب أولويات البلاد. 

توسع محمد على شرقا وغربا، وزاحم الإمبراطورية العثمانية وكاد أن يقضى عليها ويبنى على أنقاضها خلافة مركزية مقرها مصر تعيد أمجاد المصريين. 

لكن تكاتفت ضده جميع القوى العالمية تضامنا مع رجل اوروبا المريض ـ الدولة العثمانية ـ وانتهى به الحال إلى الاستقرار على حكم مصر، حتى وفاته في عام 1849، وترك للتاريخ العالمي تجربة تستحق ان تدرس.
 
إعلان الجمهورية

من الذكريات التي لا تأخذ حقها إعلان الجمهورية المصرية وتولى اللواء محمد نجيب رئاسة مصر كأول رئيس لها بعد إلغاء الملكية. 

صدر إعلان الجمهورية عن مجلس قيادة الثورة عام 1953 في شكل إعلان دستوري، بعد التراجع عن إجراءات سابقة فور اندلاع ثورة ثورة 23 يوليو عام 1952 التي طالبت الملك فاروق بالتنازل عن العرش لابنه وولي عهده الأمير أحمد فؤاد ومغادرة البلاد قبل مساء 26 يوليو 1952.

فى ١٨ يونيو منذ ٦٢ عاما سقوط الملكية وإعلان الجمهورية


لجأ مجلس قيادة الثورة إلى إلغاء الملكية، إذ كان يُنظر إليها على أنها فاسدة بامتياز ومؤيدة لبريطانيا كما القى الجيش باللوم على الملك فاروق في هزيمة مصر بنكبة عام 1948 أمام إسرائيل.

حققت الجمهورية أعظم اهدافها بإنهاء الاحتلال البريطاني للبلاد بعد إسقاط الملكية، وتأميم قناة السويس، وبرامج الإصلاح الزراعي، ووضع بذور سياسة التصنيع الضخم في الخمسة عشر عامًا الأولى من الثورة، مما أدى تغير كامل في البنية التحتية والتحضر بعد أن وصلت التنمية إلى كل ارجاء البلاد. 

استفاد من الجمهورية الناشئة أنذاك كل الطبقات الاجتماعية، بعد أن كانت خيرات مصر مقتصرة على طبقات النبلاء، وبعض أبناء الطبقات المتوسطة.

كان من نتائج إعلان الجمهورية وخاصة بعد تولي الرئيس جمال عبد الناصر الحكم، مولد القومية العربية التي جعلت من مصر مركز إعادة تصنيع لأمجاد الحضارة العربية.  

ارتبطت الروح القومية في المنطقة بمصر الناصرية، وأصبحت أحلام الوحدة السياسية هي السائدة في العالم العربي، ودعمتها الشعوب العربية من المحيط للخليج. 

لكن انتهت الجمهورية الأولى عمليا باندلاع ثورة يناير عام 2011، بعد عقود من التراجع عن أحلام الجمهورية الأولى وتضارب أهدافها بتنوع سياسات رجال الحكم بعد الناصرية، وتشهد مصر الآن ملامح جمهورية جديدة يقودها الرئيس عبد الفتاح السيسي. 

آخر جندي في قناة السويس

في مثل هذا اليوم من عام 1956 خرج آخر جندي بريطاني من قناة السويس، بعد صراع شرس اندلع فور إعلان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر من ميدان المنشية بالإسكندرية قرار تأميم شركة قناة السويس.


تأميم قناة السويس درس في ذاكرة الأمة

كان القرار صدمة كبرى للقوى العالمية، تفنن النظام الدولي وقتها في محاولة تركيع مصر، سواء بسحب الولايات المتحدة عرض تمويل السد العالي بطريقة مهينة لمصر. 

كما حاولت بريطانيا تقليب المؤسسات الدولية لعدم مساعدة ناصر في إعادة بناء البلاد بجانب تجميد الأموال المصرية في فرنسا وإنجلترا.

جمدت الولايات المتحدة أموال شركة القناة لديها، وأموال الحكومة المصرية وكانت تقدر بنحو 43 مليون دولار، أي ما يعادل نحو 15 مليون جنيه مصري وقت التأميم.

ولجأت القوى الدولية إلى شن العدوان الثلاثي على مصر، لكن الإرادة المصرية انتصرت في النهاية، وتم جلاء الغرباء عن القناة، ونجحت عملية تمصيرها بامتياز. 

الجريدة الرسمية