رئيس التحرير
عصام كامل

قبل الصفعة وبعدها.. حمادة ماكرون تاني!

سؤال يتردد بقوة داخل عقل أي متأمل لمشهد تلقى فيه رجل بدرجة رئيس دولة بحجم فرنسا صفعة على خده من أحد مواطنيه: هل يتمتع السياسيون بجلد غير الجلد البشرى الطبيعي؟ السؤال عن الجلد وطبيعته وسماكته.. ليس هو المغزى.. بل تلك القدرة الملفتة للنظر، المثيرة للدهشة، على استيعاب اللطمة، واستئناف الجولة لمصافحة مستقبليه في جنوب شرقي فرنسا.


العام القادم هو عام الانتخابات الرئاسية الفرنسية، فإما أن يفشل وتنطوى سنواته السبع الحافلة بالمظاهرات والاحتجاجات والعنف، ثم الضغوط الاقتصادية الناجمة عن كورونا وإغلاق اقتصاد البلاد.
وإذا كان اليوم الخميس هو موعد المحاكمة العاجلة للشاب داميان المولع بملكية العصور الوسطى، والتهمة هي الاعتداء علي موظف عام، وإذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس ثلاث سنوات، وغرامة ٤٣ألف يورو، فإن هذا كله تقرير واقع عن واقعة أثارت اهتمام العالم.

لكن الاهتمام السياسي مختلف بالقطع عن ثورة الخيال العارمة التى لابد أخذت تضرب في كيان وكرامة ومكانة ماكرون.. من ناحية.. وبالقدر ذاته، لكن بانفعالات مغايرة.. داخل كيان ورأس الشاب الذي شل الذراع اليمنى لرئيس دولة كبرى واستباح خده بلطمة قوية!

أي خيال ذلك! اعتزاز بالفعل. إحساس بالعظمة. لهفة على تكرارها لو تمكن. السجن وعقوبته ثمن بخس للطمة علي وجه رئيس. على الجانب الآخر.. تصوروا الحالة النفسية والذهنية للرئيس الفرنسي، كرجل، وكرئيس. بالطبع فالفصل عادة يكون صعبا بين أي إنسان ومنصبه، وغالبا ما تتغول سلطات المنصب على سمات الشخصية، فتجعلها بحجم الكرة الأرضية.. إلا من عصم ربي من الغرور والتيه..

ماكرون وبوش الابن
في حالة ماكرون، فإنه في سن الشباب.. وهو مارس قدرا هائلا من الاتزان والتحكم في الانفعال وفي رد الفعل. الحرس الرئاسي المصاحب له ألقى القبض علي الفاعل.. وعلي زميله الذي تولى تصوير لقطة الصفعة. كيف يواجه ماكرون الرئيس موظفي الإليزيه وهو ملطوم على وجهه.. وكيف يواجه زوجته وهو معان بالصفع علي الخد.. وبقدر أهمية الخيال عند الإجابة على هذين التساؤلين إلا أن الأهم حقا هو منظره أمام نفسه.. وهو في فراشه، وهو في جلسة يدير فيها شئون البلاد.. وهو يصدر الأوامر..

ألا تراوده رغبة في الانتقام، أو على الأقل رد الاعتبار؟ ترى كيف يرى نظرات مرؤوسيه وهو يخاطبهم؟ ثم ما رؤية هؤلاء الموظفين والوزراء له حاليا.. بعد الصفع. مع التوسيع يمكن إثارة الخيال أيضا عن الإطار الذي سيرى فيه زعماء العالم رئيس فرنسا ملطوما على الوجه؟

عشرات الأسئلة تدور في أذهاننا نحن العوام ونتصور أنها يمكن أن تقض مضجع ماكرون.. الذي ربما تجاوز الأمر وتعالى عليه واعتبر الفاعل مهووسا ملتاث العقل.

قبل ماكرون، كانت فردة الحذاء الأشهر التى صوبها شاب عراقي نحو الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن.. وأفلت منها بوش ببراعة..  لو أصابته فإنها إصابة هائلة لأمريكا بجزمة عراقية.. تنحى بوش بلياقة عالية فذهبت فردة الحذاء بعيدا.. وسقط الشاب العراقي فريسة في قبضة الأمن الرئاسي الأمريكي.

آخر سؤال.. ونطرحه لأنه منطقى وملح جدا: ماذا.. ماذا.. لو تلقاها..  تلك الصفعة.. حاكم في الشرق الأوسط؟ ما مصير الفاعل الأحمق بامتياز؟
الجريدة الرسمية