رئيس التحرير
عصام كامل

المواجهة الثقافية للإرهاب


سيثبت التاريخ أن مرحلة حكم جماعة الإخوان المسلمين – بالرغم من أنه لم يتعد عامًا واحدًا- مثّل أسوأ فترة في تاريخ مصر المعاصرة لأنه كان في الواقع تنفيذًا لرؤية سياسية متخلفة خلطت الدين بالسياسة.


وشرعت في تحقيق مخططها الإجرامى والذي يتمثل في هدم الدولة وتفكيك مؤسساتها الرئيسية وهى القوات المسلحة والشرطة والقضاء لتأسيس الدولة الدينية التي تحكم – كما يزعمون- بشرع الله!

غير أن خطر المشروع الإخوانى – لو تعمقنا في تشريح مفرداته الأساسية- لا يتمثل فقط في هدم الدولة ولكنه أخطر من ذلك يؤدى إلى تسميم المجتمع من خلال الغزو الفكرى المنهجى لعقول الشباب لتفريغها من كل الأفكار الإيجابية وزرع مجموعة من الأفكار التكفيرية محلها وبث اليقين الخادع في نفوسهم أنهم الوحيدون الذين يمثلون الإسلام الحقيقى وأن مهمتهم هي محاربة خصوم المشروع الإسلامى بكل الوسائل بما في ذلك القتل والاغتيال والتخريب.

وخطورة هذا المشروع الذي يسيطر على عقول الشباب منذ الصغر من خلال تربية إخوانية منهجية تؤدى في النهاية إلى أن يتبنوا فكرًا متهافتًا حتى ولو أصبحوا مهنيين بارزين أو أساتذة جامعيين!

ويكفى في هذا الصدد أن نحلل مضمون الرسائل الأسبوعية التي كان يوجهها المرشد العام للجماعة الدكتور "بديع" لكى نتحقق من صحة هذا الحكم.

وقد تابعت بانتظام هذه الرسائل التي كانت ترسلها لى الجماعة بالبريد الإلكترونى.. واكتشفت أنها في مجموعها مجموعة عظات فارغة من تلك التي يلوكها خطباء الزوايا الصغيرة!

وقد طلعت من إبداعاته المميزة رسالة عن فضائل "شهر رجب" مدعمة بالآيات والأحاديث النبوية.. ولم يستطع الرجل وهو أستاذ جامعى أن يقدم أي رؤية سياسية أو اقتصادية تتبناها جماعته مما يدل على فقر فكرى شديد وإفلاس نظرى.. ولقد كان هذا هو أحد أسباب فشل الجماعة السياسي وعجز قادتها عن إدارة شئون الدولة.

ويكفى للتدليل على خطورة تسميم عقول الشباب ما زاد كل يوم من المظاهرات التخريبية التي ينظمها طلبة وطالبات الإخوان المسلمين في مختلف الجامعات.. وما يؤكد استشراء الفكر الإخوانى الخبيث ما صرحت به إحدى طالبات جامعة الأزهر الإخوانيات بأنها لا تعنيها عقوبة الفصل من الجامعة لو حدث عقابًا على سلوكها التخريبى لأن الفصل من الجامعة يعد جهادًا في سبيل الله!

وإذا أضفنا إلى ذلك حوادث الاغتيال المخططة لضباط الشرطة وضباط الجيش وتفجير المؤسسات الحكومية لأدركنا أننا بإزاء الإرهاب في مواجهة ظاهرة معقدة غاية التعقيد.. وذلك لأن الحلول الأمنية – مهما كانت فعالة ورادعة- لا تكفى بذاتها لأن المجتمع يحتاج بشدة إلى سياسة ثقافية متكاملة تواجه الأفكار الإخوانية التكفيرية وتنقى عقول الشباب من "النجائس" التي بثت فيها.. وتأسيس منظومة متكاملة من القيم الإيجابية والأفكار العصرية عن الدولة والمجتمع مما يسمح في النهاية بتأسيس ديمقراطية مصرية جديدة تقوم على المواطنة في المقام الأول وتحاول إنجاز أهداف ثورة 25 يناير في الحرية السياسية والعدالة الاجتماعية واحترام الكرامة الإنسانية.
الجريدة الرسمية