رئيس التحرير
عصام كامل

"التعليم" ترقص على جثث الإخوان


لم يكن أداء جماعة الإخوان المسلمين فى ملف التعليم مقنعا، بل إنه جر الوزارة من سيئ إلى أسوأ، وتحولت الأمور داخل الديوان إلى صراع من أجل إحكام السيطرة على كل مقاليد الأمور، من أجل تنفيذ برنامج الجماعة، حتى إن كان ذلك سببا فى بذر بذور الشقاق والخلاف بين أبناء الوطن الواحد، بسبب العقلية التى كانت تدير بها الجماعة الأمور باعتبارها جسر الطهارة، فى بحر النجاسات، أو نهر الإيمان فى صحراء الكفر والضلال، حتى كان أفرادها فى الوزارة والمديريات التعليمية يتعاملون مع الجميع، وكأنهم ضالون فى غيهم يعمهون، إذ لا يرون النور الذى يشع من هامات جماعة الله! التى لا تنطق بغير الحق ولا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها!!.


وعقب سقوط الإخوان فى ثورة 30 يونيو، بدأت الأمور فى التحول داخل وزارة التربية والتعليم، وأصبحت الأخونة التهمة الجاهزة لكل شيء، ولكل شخص يؤرق الوزارة، آخر تلك الأشياء كان قرار الدكتور محمود أبو النصر وزير التربية والتعليم الخاص بإعدام كتاب التربية الوطنية للصف الثالث الثانوى بحجة أن الكتاب أعدته الجماعة لتمرير أفكار بعينها.

والكتاب الذى تناوله أحد المواقع الإلكترونية بالعرض والنقد باعتباره كتاب العام الدراسى القادم، وأنه معدل من قبل الجماعة، وهو ليس كذلك فى واقع الأمر، لأنه كتاب تم إعداده خلال العام الدراسى 2011/2012 فى عهد الوزير الأسبق جمال العربى الذى كان يتولى أمور الوزارة فى حكومة الدكتور كمال الجنزورى أيام حكم المجلس العسكرى، أى قبل قدوم الجماعة الإرهابية للحكم، وتم تدريس الكتاب العام الماضى، وأثيرت حوله ضجة إعلامية لما فيه من أفكار سياسية وإشارات كثيرة للأحزاب الإسلامية التى بدأت تتكون خلال عام 2011، وقتها قرر الدكتور إبراهيم غنيم وزير التربية والتعليم السابق التحقيق فى واقعة الكتاب، وتم وضعه ضمن الكتب المراد تعديلها خلال العام الدراسى القادم، وهو ما تم بالفعل، والكتاب الجديد، يصدر خلال أيام ليكون هو المخصص للدراسة لطلاب المرحلة الثانوية.

وزارة التربية والتعليم بقرار إعدام الكتاب كمن يعدم ميتا، أو كمن يحاول استغلال حالة الرفض الشعبى لكل ما ينتمى إلى الجماعة الإرهابية، وإظهار نفسها بمظهر القائم على تطهير الأمور من كل ما يتعلق بالأخونة، بإنهاء حياة كتاب هو منتهى بالفعل.

واقعة كتاب التربية الوطنية ليست الوحيدة التى تمثل حالة من الرقص على جثث الإخوان، فالتعليم واحدة من أكثر المؤسسات الحكومية التى بدأ سطحها يلقى الفوران الذى يغلى فى جوف الديوان، ومنذ سقطت الجماعة، وعزل رئيسها.. بدأت حملة إعادة تصنيع الوجوه القديمة، تمهيدا لإعادة تصديرها للمجتمع باعتبارها من ضحايا النظام البائد الذى كان يحارب الشرفاء، والنبلاء، وتصدر أمثال هؤلاء للمشهد مرة أخرى جعل شعورا بالسأم يتسلل إلى نفوس الكثيرين ممن كرهوا تكرار الأكاذيب والنفاق، وتسلل لدى البعض شعور بالاشمئزاز من القدرة على التلون، والأغرب من هؤلاء أؤلئك الذين بدأوا فى تصدير مثل تلك الوجوه باعتبارهم رجال المرحلة القادرين على انتشال البلاد من الضياع والخراب، والقادرين على إنقاذ دفة التعليم قبل غرق السفينة، وبدأ تصدير تلك الوجوه من جماعات المصالح باعتبارهم ضحايا الفضيلة.

وأنهم كانوا هناك يدافعون عن الحق والعدل المغتصب من قبل جماعة الإخوان الإرهابية، وأنهم فقدوا مناصبهم بسبب أطماع الجماعة وأوهامها، ولم يفقدوا أماكنهم بسبب فسادهم وإفسادهم، واتساع ذمتهم التى يضيق المحيط مقارنة بها!!.
الجريدة الرسمية