رئيس التحرير
عصام كامل

الإذاعة المصرية في خطر !


ليس من قبيل التهويل وإثارة فرقعة إعلامية.. بالفعل الإذاعة المصرية في خطر بعد كل هذا التراجع الذي أصابها منذ يناير 2011 وحتى الآن.. بالتدريج وبشكل ممنهج قام المسئولون عن رئاسة الإذاعة بتسهيل التخلي عن كل ما كان يميز الإذاعة في التغطية السريعة والحية لكل الأحداث التي كانت تجري في طول البلاد وعرضها.. كانت الإذاعة ضيفا خفيفا وعزيزا على أذن المستمع في مصر وخارجها.. حتى إنها كانت ترمم ما يفسده الحكام في علاقات الشعوب.


الإذاعة المصرية الرائدة في الوطن العربي تفقد بريقها شيئا فشيئا.. تحولت كثير من شبكاتها إلى مسخ مشوه.. غابت عنها علامات وإشارات كانت منارات هادية.. ضاع سمت شبكة الشرق الأوسط بعد أن قام رئيس من رؤسائها السابقين بطمس معالمها فلا أصبحت الشبكة الساحرة الخفيفة السريعة المميزة، ولا أصبحت الشبكة الجادة التي تقدم أحسن مما كانت تقدمه من قبل، اختفت البسمة التي كانت تقدمها القديرة إيناس جوهر والقديرة انتصار شلبي واختفت البرامج التي صنعت شهرة الشرق الأوسط عن عمد وبسوء نية لتصفية حسابات ولإفساح المجال للشبكات الإذاعية الخاصة.

اختفت برامج كانت على شبكة البرنامج العام علامة وقيمة تجمع الأسرة وتشيع حالة من التواصل بين أفرادها.. "عائلة مرزوق".. "كلمتين وبس".. وكلاهما صالح لبثه في كل وقت وحين، اختفت الصور الغنائية.. عواد باع أرضه.. معروف الإسكافي.. الدندرمة.. وغيرها من البرامج الناجحة والدراما الهادفة.. كنوز الإذاعة ضيعها القائمون على شئون الإذاعة !! وللأسف لم يستطيعوا تقديم أحسن منها أو مثلها !!

منذ ذلك الحين بدأت الإذاعة تخرج من المنافسة بعد أن تولى شأنها ربع مبدع ونصف مدير وموظف لا يرى في الوظيفة غير اسمها ولا يرى في السلطة غير إبعاد الكفاءات ومجازاة المبدعين وإخفاء كنوز الإذاعة ولا يسعى إلا للحصول على كل المكاسب وإرضاء أصحاب النفوذ !

الإذاعة المصرية وكل شبكاتها بها من الكفاءات والقدرات التي تجعلها تعود من جديد للمنافسة واختطاف الأذن قبل العين.. وأعرف منهم الكثير من المذيعين والمخرجين تعاملت معهم ووجدت فيهم إمكانيات هائلة.. هم الآن يحتاجون لإثبات أنفسهم من خلال عمل قيادي يبرز مهاراتهم المتعددة وجرأتهم في التناول الموضوعي.. يحتاجون فرصة يتحملون فيها المسئولية بكل تفاصيلها !!

وبنظرة نقدية محايدة أكد لي عدد من خبراء الإعلام في مجال العمل الإذاعي وعدد من العاملين في الوسط الإذاعي أن رئيس الإذاعة الحالي لم تستطع إنقاذ الإذاعة من عثرتها في وقت يتعاظم فيه دور الإعلام المسموع على شبكات ومحطات إذاعية خاصة تجتذب ملايين المستمعين لذلك أعتقد أنه آن الأوان لتصعيد الصفوف الثانية والثالثة لتولي مناصب القيادة على مستوى رئيس الإذاعة مثل المذيعة المثقفة والنشطة نادية مبروك رئيس شبكة الشباب والرياضة الحالية، ومثل المذيعة الجادة ميرفت خيرالله نائب رئيس شبكة البرنامج العام لتولي مسئولية الشبكة الأم في الإذاعة وغيرهما من القيادات الشابة.

الإذاعة هي من قدمت معظم وجوه الشاشة في التليفزيون وهي التي أثرت العمل الإعلامي بوجه عام، لذلك أعود وأكرر الإذاعة المصرية في خطر وتخرج من المنافسة بفعل فاعل.. الراديو هو الوسيلة الأقرب من أي وسيلة إعلامية أخرى في أي مكان وفي أي زمان في الشارع في السيارة على المقهى في الأتوبيس.. الإذاعة هي مطبخ الوعي الأول.. وهي الكتاب الذي نقرأ منه دون تكلفة أو جهد.. أدركوا الإذاعة قبل أن يهيل عليها الجهلاء أكوام الركام.
m.elazizi@hotmail.com
الجريدة الرسمية