لصوص الأعراض
كتبت قبل سنوات بعيدة في الصفحة الأخيرة من مجلتي الحبيبة روزاليوسف مقالا تحت عنوان صراصير الصحافة، ففي ذلك الوقت كان كل من أمسك قلما أو مطواة أو مفكا اعتبر نفسه صحفيا، وقد صار التعبير شائعا ولا يزال صالحا، غير أن السنين مرت محملة بأحداث جسام وكوارث وطنية وأخلاقية غير مسبوقة، ولم تفلح صرخة الاستغاثة تلك ولا الدعوة للانتباه إلى وجوب احترام الكلمة حتى يحترمنا الناس..
بل خرج علينا مع التقدم العلمي التطبيقي المبهر، التكنولوجيا يعني، لصوص الأعراض مستغلين قدرات أجهزة المحمول، وكاميرات المراقبة، وكاميرات وسماعات التنصت.
هم الآن يحملون صفة وضيعة لا تليق بالمهنة السامية ولا أصحابها، هم الآن قراصنة الصحافة، وهؤلاء كانوا وسيظلون موجودين يرتزقون من بيع الصور، واسمهم في الصحافة العالمية الباباراتزي Paparazzi، المصورون الصحفيون المتطفلون..
وأشهرهم أولئك الذين تلصصوا طويلا على الأميرة ديانا وقصة حبها مع عماد الفايد، تلك القصة التي انتهت بمصرعهما في نفق بباريس في أغسطس 1997، أثناء هروب العاشقين من لصوص الأعراض..
منذ شاع المحمول، منذ صار كل عالم وكل جاهل وكل عارف وكل حاقد رئيس تحرير على صفحته، منذ صار رؤساء تحرير يتقبلون ما يأتيهم من كل لص أعراض، من كل من تربص بدمعة حزينة في جنازة أو دفنة أو عزاء، بكل من تخفى ليسرق لقطة فاضحة لفخذ أو نهد في مهرجان.. يتباهى بها موقع اخباري، يتناقلها الناس بالملايين، ذاك مشهد محزن مقرف أشبه بنميمة تناقل الوشايات في القرى من أذن لأذن لأذن، دون رادع من ضمير أو خوف من الله..
صحافتنا ليست بخير، وإعلامنا ليس بخير وأخلاقنا ليست بخير.. تلك هي الحقيقة التى نعلمها ونعيشها جميعا ونتألم لها ونشكو حالها..
مثل كل إنسان، مثل كل مهنة، لن يحترمك جمهورك، ولا المسئولون، إلا إذا احترمت نفسك، وتعاملت بمهنية وندية مبنية علي العلم وكتالوج المهنة، ووقار.. تعلمت في حياتي المهنية ألا أهرول وراء مصدر مهما كان منصبه، فإن هرول تركته واحتفظت بإيقاع خطوتي الهادئ، لأني لا أحب أن أبدو كمن يتسول أو يستجدي أو يشبع غرور مسئول..
وفي كل المحاضرات التى قدمتها للطلاب، بل في كل معاملاتي مع زملائي في صحف الميدان ونهضة مصر والوطني اليوم، التي تشرفت برئاسة تحريرها، وتأسيس اثنتين منها، حرصت أن يعرف الزملاء أنهم أهم من المصدر بالعلم والوقار والنظافة -الأخلاقية والشخصية- بحسن المظهر والتحضير الجيد، وبالأمانة في التسجيل أو عدمه.. قلت لزملائي إن المسئول يذهب والصحافة القوية الصادقة تبقي، وأنتم كذلك.
فماذا جرى؟ جرى على الصحافة ولها ما يجرى على المجتمع.. فهي انعكاس كامل الأبعاد لما يحدث، وصمام الأمان، في المهنة هو حسن اختيار رئيس التحرير.. وصواب الاختيار لا المجاملة ولا مطأطئي الرؤوس.. بتوع حاضر يا باشا! أولئك وبال علي المسئول، وهم أول من سيبيعونه على أول ناصية لسوق الفوضى!
منصب رئيس التحرير يقتضي ليس فقط من يفهم في المهنة ورسالتها ودورها، بل تحتاج من يمتلك الشجاعة والأخلاق والإحساس بمسئولية الكلمة.. واحترام الذات.
كانت أولوياتي كرئيس تحرير لعدة صحف. متعاقبة ثلاثية، الله ثم الوطن، ثم الحقيقة المثبتة، وكان شعار جريدة الميدان وقتها لا نفرط في الحق ولا نتنازل عن الحقيقة.. لدينا مواقع وصحف ورقية على رأسها صحفيون يفتقدون الكثير، بسبب تراجع التوزيع والدخول على الأخبار، ونظرا لشيوع التفاهة، وتمكن النميمة من عقل المجتمع، وبسبب من صفحات الوشاية والأكاذيب، وجد رؤساء تحرير ضالتهم فيما يأتيهم من لصوص الأعراض، والجنازات..
ما قيمة صورة أو فيديو لساق فنانة، أو صدرها، أو ملابسها، مقترنة بتعليقات قذرة فاضحة، يتداولها جمهور الظلام.. نعم كلنا جمهور الظلام، متخفي خلف الشاشات، تحت شعور داهم واثق بأننا غير مرئيين..
ماذا يفيد الصحيفة أو الموقع الذي يبث العري والفضائح؟ زيادة الدخول، زيادة التوزيع؟ الذي يبيع أعراض الناس في موقع أو صحيفة أو صفحة إلكترونية هو بائعة الهوى، عاهرة النواصى سواء بسواء..
سلام على كل صحفي احترم نفسه واحترم مهنته ورسالته.. والعار كل العار على صراصير الصحافة وقراصنة الأعراض.. نحترم أنفسنا لكي يحترمنا الناس، سلطة وغير سلطة..
عفوا للإطالة..
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
