الزواج العرفي وسنينه!
منذ أيام أصدر الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، بيانا عن أكثر المحافظات إقبالا على الزواج العرفي وأقلها استقبالا له.. أما انتشار تلك الظاهرة فلا يمكن قراءته باعتباره مجرد تغيير في نمط العلاقات، بل باعتباره مؤشرًا اجتماعيًا خطيرًا يكشف عن ضغوط اقتصادية وثقافية وقانونية تدفع الشباب إلى طريق يبدو في ظاهره حلًا سريعًا، لكنه في جوهره تفريط في الحقوق وتأسيس لعلاقة لا تستند إلى حماية واضحة.
فالأسرة في منطق القرآن ليست مجرد اقتران بين رجل وامرأة، بل بناء يقوم على السكن والاستقرار والعلانية، وقد قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا﴾، وهذا السكن لا يتحقق في ظل علاقة تخلو من التوثيق الذي يحفظ الحقوق ويضمن المسؤوليات.
ورغم أن كثيرين يبررون اللجوء إلى الزواج العرفي بارتفاع التكاليف، أو تعقّد الإجراءات، أو بسطوة العادات، إلا أن السؤال يبقى قائمًا: هل يمكن للضغوط المادية أن تكون مدخلًا للتفريط في عقد يعتبره الإسلام ميثاقًا غليظًا؟
وكيف نقبل بعلاقة قد تفقد فيها المرأة حقها في النفقة والميراث، أو يجد فيها الطفل نفسه بلا إثبات، أو تُترك الأسرة كلها رهينة نزاعات متشابكة يصعب حسمها؟ وقد قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾، فكيف يتحقق الوفاء في عقد لا وجود رسميًا له؟ وكيف تُحفظ الحقوق إذا كان الأساس ذاته غير معلن ولا موثق؟
ويكاد يتفق خبراء الاجتماع والقانون على أن الزواج غير الموثق ليس إسقاطًا لورقة رسمية بقدر ما هو إسقاط لمنظومة حماية كاملة. فالنبي ﷺ وضع قاعدة عامة حين قال: «لا ضرر ولا ضرار»، والزواج العرفي بطبيعته يفتح الباب لألوان من الضرر لا تتوقف عند حدود العلاقة الزوجية، بل تمتد إلى الأطفال الذين يدفعون ثمن الغموض، وإلى المجتمع الذي يتعامل مع أسَر بلا سجل واضح ولا ضمانات.
بل إن الانتشار الهادئ لظاهرة الزواج العرفي قد يؤدي مع الوقت إلى إضعاف قدسية الزواج نفسها، وتحويله من مؤسسة قائمة على العلانية والمودة والرحمة إلى علاقة يمكن التلاعب بها أو التراجع عنها بكلمة أو ورقة تُمحى أو تُخفى.
ولعل التساؤل الأهم هنا: لماذا لا يكون التوثيق هو الأصل الذي لا يُستغنى عنه؟ ولماذا لا تُيسر الدولة الإجراءات حتى يصبح الزواج الشرعي الكامل هو الطريق الطبيعي لكل شاب وفتاة؟ إن مواجهة الظاهرة لا تحتاج وعظًا فقط، بل تحتاج وعيًا وإصلاحًا وتبسيطًا وصوتًا مجتمعيًا موحدًا يعيد للعقد مكانته، ويرسخ ثقافة الزواج المعلن الذي يحفظ الحقوق ويصون الكرامة.
وقد وعد الله بالإعانة لمن أقدم على الزواج بنية صحيحة فقال: ﴿إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ﴾، وهي آية كافية لقطع الطريق على فكرة أن الضيق المادي مبرر للعلاقة غير الموثقة.
إن العودة إلى الزواج الشرعي الكامل ليست خيارًا اجتماعيًا فحسب، بل ضرورة دينية وأخلاقية وقانونية. فالمجتمع لا يستقيم بعلاقات مظللة ولا بأسر معلقة بين السر والعلن، بل يستقيم حين تُبنى العلاقات على الوضوح، وتُحفظ الحقوق بالوثيقة، ويُعلن العقد في النور لا في الظلال.
ويبقى السؤال مفتوحًا أمام كل شاب وفتاة: إذا كان الزواج آية من آيات الله، فهل يليق أن يكون بلا شاهد ولا حماية ولا توثيق؟ أم أن الموضوع أكبر من ذلك.. ربما يكون السبب الظروف المادية لأن الزواج العرفي أقلّ تكلفة. وأحيانًا يكون ببلاش.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
