5 أسباب تحمي السودان "مؤقتا" من السقوط في مستنقع طالبان الأفغاني
أثارت الحرب المستمرة في السودان، والتي تضع القوات المسلحة السودانية في مواجهة مع ميليشيا الدعم السريع، مقارنات مع حالة عدم الاستقرار التي طال أمدها في أفغانستان بعد الانسحاب السوفييتي في عام 1989؛ حيث يواجه السودان خطر المزيد من التدهور من خلال الانهيار الاقتصادي والنزوح الجماعي والتقسيم.
وبينما تتصارع الدولتان مع الأزمات الإنسانية والدولة الهشة، هناك أسباب تجعلنا نعتقد أن السودان لن يكرر تجربة انحدار أفغانستان إلى العزلة الدبلوماسية، والتطرف الإيديولوجي، والسقوط في وضعية المنبوذ العالمي.
وينشأ هذا التمييز من اختلاف السياقات الجيوسياسية، وطبيعة الصراع، والالتزامات الدولية، وفق مقال رأي نشرته مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية التي يصدرها "مركز نيكسون".
المشهد الجيوسياسي في السودان وأفغانستان يختلفان بشكل جوهري
بحسب المقال الذي كتبه أستاذ القانون الدولي والدبلوماسية والموظف المدني السابق في الأمم المتحدة إيريك ألتر، فإن المشهد الجيوسياسي في السودان وأفغانستان يختلفان بشكل جوهري، الأمر الذي يقلل من احتمالات تحول السودان إلى دولة فاشلة إلى الأبد.
يقول ألتر: كان موقع أفغانستان المركزي، رغم أنها دولة غير ساحلية، سببا في الدعوة إلى هجمات أجنبية متكررة وحروب بالوكالة، بداية من الاحتلال السوفييتي وحتى التدخل الغربي بقيادة الولايات المتحدة؛ وقد أدى ذلك إلى خلق فراغ للجماعات المتطرفة، مما حول البلاد إلى ملاذ للجماعات الجهادية العابرة للحدود؛ وفي المقابل، فإن موقع السودان في شمال شرق أفريقيا، على الحدود مع سبع دول بما في ذلك مصر، وإثيوبيا، وتشاد، يضعه في شبكة من الترابط الإقليمي الذي من شأنه أن يجعل التفكك السياسي الكامل غير مرجح.
دور الجوار تقلل من فرص عزلة السودان
وبين أن الدول المجاورة –مثل مصر- تعتمد على السودان في تأمين مياه النيل واستقرار الحدود، في حين يحتفظ الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية بمصالح خاصة في منع التفتت؛ وأدى استيلاء ميليشيا الدعم السريع على الفاشر في أكتوبر 2025، وهو ما عزز سيطرتها على دارفور، إلى زيادة المخاوف من التقسيم، وفق ألتر.
ويتابع: "مع ذلك، فقد أدى هذا إلى استجابات إقليمية فورية، مثل استيعاب تشاد للاجئين وجهود وساطة الاتحاد الأفريقي، على عكس عزلة أفغانستان بعد الولايات المتحدة، خاصة أن ساحل السودان على البحر الأحمر يجتذب استثمارات اقتصادية من دول الخليج، مما يوفر وسيلة لتحقيق الاستقرار الذي تفتقر إليه أفغانستان بسبب تضاريسها الوعرة واقتصادها المعتمد على الأفيون".
الأسس الأيديولوجية للصراع تختلف بين الخرطوم وكابول
تختلف الأسس الأيديولوجية للصرع في كل من السودان وأفغانستان، ففي تسعينيات القرن الماضي، تبنت حركة طالبان تطبيقا صارما يعتمد على تفسيرها لقوانين الشريعة الإسلامية الصارمة، ما أدى إلى تقسيم أفغانستان بحكم الأمر الواقع إلى مناطق تسيطر عليها حركة طالبان وجيوب للمقاومة، الأمر الذي أدى إلى تجميد الصراع مع الحد الأدنى من إعادة البناء.
أما الحرب في السودان، فلا تقوم على أسس أيدلوجية؛ بل هي صراع على السلطة اندلع في إبريل 2023 بين الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع للسيطرة على الحكم الانتقالي بعد الإطاحة بالرئيس السوداني السابق عمر البشير، بحسب ألتر.
السودان لديه مجتمع مدني نابض قادر على التفاوض
ويقول الموظف المدني السابق في الأمم المتحدة: على الرغم من أوجه التشابه التاريخية بين البلدين، مثل الثورة المهدية السودانية في القرن التاسع عشر، روح طالبان الأصولية وحماسها المناهض للاستعمار، إلا أن السودان الحديث لديه مجتمع مدني نابض بالحياة يمكنه التوسط في أي عمليات تتعلق بالسلام، على عكس المعارضة المكبوتة في أفغانستان.
ويضيف: فعلى الرغم من وجود أبعاد عرقية، وخاصة في دارفور، حيث تعكس الفظائع جرائم الماضي، إلا أن الصراع يفتقر إلى الحماس الإيديولوجي الموحد الذي تتمتع به حركة طالبان؛ إذ إن الصراع في السودان هو صراع عملي على الموارد والأراضي، مما يجعل أي مفاوضات مستقبلية أكثر جدوى.
التدخل الدولي عامل فاعل في أي مفاوضات سودانية
إن التدخل الدولي يزيد إبعاد السودان عن مسار أفغانستان. ولقد حُدد مصير أفغانستان بالانسحاب الأمريكي عام 2021، مما ترك فراغا في الحكم وسط الأصول المجمدة والعقوبات. ومع ذلك، يستفيد السودان من التدقيق العالمي المستمر. ويشير الضوء الأخضر الذي منحته الأمم المتحدة مؤخرًا لإجراء تحقيقات في جرائم القتل الجماعي في نوفمبر إلى خطوة نحو المساءلة، وهو ما يتناقض مع إفلات أفغانستان من العقاب. وقد شجبت هيئات مثل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة "تكلفة الصمت" على تلك الجرائم، وحثت على اتخاذ إجراءات ضدها الفظائع، فضلا عن أن الاتحاد الأوروبي أعلن صراحة رفضه لفكرة تقسيم السودان.
على الرغم من هذه الضمانات، فإن مسار السودان قد يتفاقم إذا لم يتم التدخل؛ حيث تسببت الحرب في نزوح حوالي 12 مليون شخص وتسببت في مجاعة. ويهدد ميزان القوى الحالي بحدوث تقسيم فعلي على غرار ما حدث في ليبيا، بحيث تتمركز ميليشيا الدعم السريع في الغرب والقوات المسلحة السودانية في الشرق، ويعود المشهد السوداني إلى الموروث الاستعماري القائم على تهميش المناطق الطرفية، مثل دارفور، وفق ألتر.
توصيات لتجنب تقسيم السودان
ويرى الموظف المدني السابق في الأمم المتحدة أن "السودان يحتاج إلى دعم داخلي وإقليمي لتجنب التعرض إلى مزيد من التدهور أو التقسيم؛ فعلى الصعيد المحلي، يجب إحياء الانتقال السياسي الذي يقوده المدنيون لثورة 2019، وتمكين لجان الأحياء من تسهيل وقف إطلاق النار المحلي، وتوزيع المساعدات، وبناء الثقة الشعبية التي تآكلت بسبب الحرب، ودمج المجموعات العرقية من خلال حوارات شاملة، ومعالجة مظالم دارفور لمنع ظهور المزيد من الحركات الانفصالية.
وعلى المستوى الإقليمي، يمكن أن يمارس الداعمين الخارجيين مزيدا من الضغوط الدبلوماسية؛ إذ يمكن للاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية فرض حظر على الأسلحة التي يجري إدخالها إلى السودان، ويمكن للجنة الرباعية المعنية بالسودان، التي شكلتها الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة، أن تستضيف محادثات متجددة، مع ربط المساعدات بوقف التصعيد، حيث أظهر وقف إطلاق النار الجزئي في الممرات الإنسانية نتائج واعدة.
الجهود الدولية قد تحمي السودان من الحركات الجهادية
وعلى المستوى الدولي، هناك حاجة إلى تكثيف الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لردع المزيد من العنف؛ حيث تلبي المستويات الحالية للتمويل الإنساني 25% فقط من إجمالي الاحتياجات. وهناك حاجة ماسة إلى المزيد من الجهد الدولي لمكافحة المجاعة والنزوح. ومن الممكن أن تعمل العقوبات الاقتصادية المفروضة على المنتفعين من الحرب، إلى جانب تخفيف عبء الديون، على تحفيز السلام من خلال الاستفادة من الدروس المستفادة من التعافي في مرحلة ما بعد الصراع في أماكن أخرى.
لا يوجد سبب مباشر يجعل السودان يعيش نفس مصير أفغانستان ويصبح موطئ قدم جديد للجهاديين. ومع ذلك، فإن الواقعية تتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة أهمها الدبلوماسية المتكاملة، وزيادة المساعدات الإنسانية، وأن تكون لدى الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رغبة حقيقة في الاستجابة للدعوات الإقليمية والتدخل لإعادة الاستقرار إلى السودان وتجنب وقوع كارثة جيلية، وفق ألتر.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا



