رئيس التحرير
عصام كامل

إزاي نحمي أولادنا؟

18 حجم الخط

لماذا تفاقمت جرائم التحرش بالصغار في مجتمعاتنا؟ هل لأننا لا ندير معهم حوارًا رشيدًا دافئًا؟!
هل نحن نربّي أبناءنا كما ينبغي، أم أننا نُخْضِعهم لطقوس يومية اعتدناها دون أن نراجع معناها؟
وهل نُنشئ طفلًا قادرًا على حماية نفسه، أم ندفعه -دون قصد- ليكون فريسة سهلة لكل عابر ظلام

تطفو على السطح بين حين وآخر جريمة تحرش أو اعتداء على طفل، فنهتز جميعًا، ثم ما نلبث أن ننسى. لكن أكثر ما يثير القلق هو السؤال الذي نادرًا ما نطرحه: كم جريمة مثلها لم تُكتشف؟ وكم طفل كتم ألمه لأنه لم يجد من يصغي إليه، أو خاف من رد فعل أقرب الناس إليه؟

تسجّل عيادات الطب النفسي نمطًا متكررًا: أطفال تعرّضوا لأذى، لكنهم لم يستطيعوا الحديث عنه إلا بعد سنوات طويلة، بعدما تكون الجروح قد استقرت عميقًا في الذاكرة. لماذا؟ لأن القنوات الطبيعية التي يجب أن تربط الطفل بأسرته كانت مقطوعة أو مكسورة أو ضيقة لا تتسع لحقيقة موجِعة.

فهل علّمنا أبناءنا منذ البداية أن صوتهم مسموع؟ أم أقنعناهم -مباشرة أو ضمنيًا- بأن الصمت فضيلة، وأن العيب يعلو على الألم، وأن الكبار دائمًا على حق؟

إن التربية في عالم اليوم لم تعد مجرد إطعام وكسوة وتعليم مدرسي؛ بل أصبحت بناء قدرة نفسية تحمي الطفل من أخطر ما يمكن أن يواجهه. فمنذ سن الثالثة وحتى الثانية عشرة -وهي المرحلة الأخطر- تتشكّل الثقة، وتُحفر مبادئ إدراك الذات والحدود، ويتعلم الطفل ما الذي يجب كشفه وما الذي يجب كتمانه. فإذا لم يجد حوارًا يوميًا صريحًا، ستتكفل الحياة بشحنه بأسرار أكبر من عمره.

لكن لماذا ازداد عدد الجرائم ضد الأطفال في مجتمعاتنا؟ أهو انحلال أخلاقي؟ أم فراغ اجتماعي؟ أم غياب رادع حقيقي؟ أم أننا نعيش أزمة تربية، لا أزمة أخلاق فقط؟

هناك ثلاثة عوامل رئيسة تتضافر لتُخرج هذا المشهد المؤلم:

أولًا: غياب الحوار الأسري الحقيقي
نسأل أطفالنا: عامل إيه في المدرسة؟ لكننا لا ننتظر الإجابة.. نحثّهم على الحديث، ثم نقاطعهم لأنهم يستغرقون في التفاصيل. فيضيع أهم ما يريدون قوله. وهنا يبرز السؤال الجوهري: كيف يمكن لطفل ألا يتعرض للأذى وهو لا يملك نافذة آمنة يحكي من خلالها؟

ثانيًا: ثقافة اللوم والخزي
نربي أبناءنا على أن الخطأ عيب، وأن الاعتراف به فضيحة.. لكن الطفل الذي يقع عليه اعتداء يحمل في داخله شعورًا بالذنب، وشيئًا من العار، حتى وإن كان الضحية. فإذا قوبل كلامه باللوم، اختفى صوته إلى الأبد.. فهل أدركنا أن بعض التوبيخات التربوية تفتح طريقًا للمعتدي أكثر مما تردعه؟

ثالثًا: الخوف من رد فعل الوالدين
في كثير من البيوت، يخشى الطفل الصراحة لا لأنه مذنب، بل لأنه لا يعرف ماذا سيفعل أبواه بما يقوله. فيتساءل في داخله: هل سيغضب أبي؟ هل ستبكي أمي؟ هل سيحدث شيء مخيف؟ هذا الغموض وحده كفيل بأن يجعل الطفل يبتلع أكبر الكوارث دون أن يبوح بها.

لقد آن الأوان لنسأل أنفسنا بصراحة مؤلمة: هل نربي أطفالنا على الوعي أم على الطاعة؟ على الثقة أم على الخوف؟ على السؤال أم على السكوت؟ وهل نملك الشجاعة لنغيّر ما في داخل بيوتنا قبل أن نلوم ما في خارجها؟

إن حماية الأطفال لا تبدأ بالقوانين وحدها، ولا تنتهي عند بوابات المدارس، بل تبدأ كل ليلة، في جلسة قصيرة وصادقة، يشعر فيها الطفل أن بيته مساحة آمنة، وأن صوته لا يضيع، وأن الاعتراف ليس مصيدة، بل طريق نجاة.. فالمجتمع الذي يسمع أطفاله، مجتمع أصعب على المجرمين.. والمنازل التي يبنيها الحوار، يصعب أن يُخترق جدارها.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية