رئيس التحرير
عصام كامل

البداية الحقيقية لانتصار أكتوبر (1)

18 حجم الخط

 حرب أكتوبر لم تبدأ عام 1973، بل بدأت قبل ذلك التاريخ بـ6 سنوات كاملة.. والسطور التالية تسجل تلك الحقيقة الناصعة.. كثيرون من قادة القوات المسلحة المصرية سجلوا مذكراتهم، ودونوا ملاحظاتهم، حول المعركة، وأيضا الهزيمة المباغتة في 1967، وأسبابها، وتداعياتها، ولم تتكشف الحقائق كاملة، ولا يزال الأمر يحتاج إلى مزيد من الدراسات والأبحاث، والشهادات؛ من أجلاء استجلاء الموقف، والإجابة عن علامات استفهام ضخمة.


منذ أكثر من قرنين من الزمان، بدأ التخطيط لإقامة الدولة اليهودية، كوطن دائم لليهود المشتتين في بقاع الأرض، وتثبيت دعائم ذلك الكيان الغاصب.. بدأت ملامح التخطيط تتشكل، عندما ألف تيودور هيرتزل نبي الصهيونية، كتابا أسماه الدولة القديمة الجديدة عام 1902، وضع فيه خطة محددة لإنشاء الدولة العبرية، وجدولا زمنيا، شرح فيه خطوة خطوة، تفاصيل التحرك نحو إنشاء تلك الدولة.. بما يمثل نظرية استعمارية كاملة.


تعتمد تلك النظرية على فتح الجسور مع الدول العربية، بحيث تصبح الدولة اليهودية هي القاعدة الصناعية المتقدمة في المنطقة، وتساهم رءوس الأموال العربية في هذا المشروع الصناعي وتضخيمه، وإنجاحه.. وتفتح الأسواق العربية لتمتص الإنتاج اليهودي، وتسيطر إسرائيل على كل مصادر الثروة في الشرق الأوسط.


في عام 1903، كان الزعيم الشاب مصطفى كامل يرفع شعار مصر للمصريين، عندما وصل تيودور هيرتزل للقاهرة.. ليحمل إلى اللورد كرومر مشروع اقتطاع سيناء من مصر، وإقامة الدولة اليهودية عليها، تمهيدا للقفز من سيناء إلى فلسطين، لكن المناخ الذي خلقه مصطفى كامل لم يسمح بتنفيذ مطلب هيرتزل.


يعدّ وعد بلفور، الذي التزمت فيه بريطانيا خلال الحرب العالمية الأولى بتأييد إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، أحدَ أكثر الوثائق السياسية تأثيرًا في القرن الماضي، فإدراج هذا الوعد ضمن صك انتداب بريطانيا من عصبة الأمم على فلسطين، يعني بشكل أو بآخر أنّ القانون الدولي يضمنه..

 

وبالتالي أصبح وعد بلفور المبدأ التوجيهي للحكم البريطاني للبلاد خلال السنوات الثلاثين التالية، ليتمّ تنفيذه النهائي مع قيام إسرائيل في سنة 1948، ما غيّر  وجه الشرق الأوسط وتاريخه.


بصدور قرار تقسيم فلسطين من الأمم المتحدة في 29 نوفمبر 1947، يكون حلم تيودور هيرتزل قد تحقق، كما قدَّر، بعد مرور 50 سنة، بوجود دولة يهودية يضمنها القانون العام.. وبقي أن تصبح الدولة اليهودية حقيقة واقعة لتكتمل الغاية الصهيونية الأولى.


وفي 14 مايو 1948، مع نهاية الانتداب البريطاني على فلسطين، أعلن قيام دولة إسرائيل.. وقبل صدور هذا الإعلان كانت القوى الصهيونية قد بدأت أولى خطواتها العملية نحو ابتلاع فلسطين بكاملها بالاستيلاء على الأراضي التي يمكن أن تصل إليها يدها.


انتهت حرب 1948 بين إسرائيل والدول العربية بانتصار إسرائيل وانسحاب جيوش الدول العربية من فلسطين، وعقدت الهدنة بين إسرائيل وكل من مصر في 24 فبراير 1949، ثم لبنان في 23 مارس، والأردن في 3 أبريل، وأخيرا سوريا في 20 يوليو 1949.


في يوليو 1952، قامت ثورة مصر باتجاهاتها الاستقلالية والتحررية، والتي بدأت تبرز في العالم العربي.. ثم وقعت مصر اتفاقية الجلاء مع بريطانيا عام 1954، دون الإشارة إلى السماح للسفن الإسرائيلية بالعبور في قناة السويس؛ ما أثار حنق قادة إسرائيل. 


فانتقد موشى ديان، رئيس الأركان، ذلك، وقال: إنه “طالما أن إسرائيل ليست مستعدة للتصرف حسب الأصول الطبيعية، فإنه من الخير لها أن تستخدم القوة العسكرية للسيطرة على مضايق تيران في خليج العقبة”.. وكانت كلمات ديان هي أول إشارة معلنة من جانب إسرائيل لاستخدام القوة ضد مصر.

خلال فترة تجاوزت قليلا 20 عاما من عمر الثورة المصرية، وتاريخها المعاصر بين عامي 1952 - 1973، تعرضت مصر لثلاث تجارب عسكرية فريدة ومتنوعة الأبعاد والنتائج، وذلك في أعوام 1956، 1967، 1973.


في التجربة الأولى عام 1956، عانت مصر أشد المعاناة من مؤامرة دولية كبرى شاركت فيها ثلاث دول، شنت حربا عدائية ضد مصر لأنها اجترأت ومارست حقها الشرعي في تأميم قناة السويس عام 1956.


وأدت التجربة الثانية إلى نكسة سياسية، وهزيمة عسكرية مريرة، عندما هاجمت إسرائيل مصر هجوما مدبرا ومبيتا؛ لأنها أرادت أن تمارس سيادتها على أرضها، ومياهها الإقليمية، فقامت بإغلاق خليج العقبة أمام الملاحة الإسرائيلية في مايو 1967.


ثم جاءت التجربة الثالثة، وكانت مصر قد وعت الدرس تماما، ولذلك انتصرت، بعد أن حشدت طاقاتها الأصيلة، فأزالت آثار هزيمتها وتجاوزتها، وحققت أروع انتصاراتها في أكتوبر 1973.


من أبرز الآثار السلبية التي ترتبت على عدوان يونيو 1956، وكان له صلة مباشرة بالأحداث التي تسببت في اندلاع شرارة حرب 1967، ذلك الاتفاق بين مصر وإسرائيل عن طريق الولايات المتحدة الخاص بانسحاب إسرائيل من سيناء في عام 1957.


وكان هذا الاتفاق ذا شقين؛ الأول: وهو الشق المعلن، ويختص بقبول وجود قوات الطوارئ الدولية على الحدود بين مصر وإسرائيل، وأيضا، وهو الأهم، وجود هذه القوات في منطقة شرم الشيخ.


أما الشق الثاني: فلم يعلن عنه، وكان يختص بالسماح للسفن الإسرائيلية بالمرور، وفتح الملاحة لها إلى البحر الأحمر، في مقابل انسحاب إسرائيل الكامل من أراضي شبه جزيرة سيناء.


قبلت الحكومة المصرية هذا الاتفاق في مقابل عودة سيناء كاملة إلى مصر.. ظلت الحكومة المصرية تنظر إلى هذا الوضع بقلق شديد، وتعتبره نقطة ضعف في علاقاتها مع إسرائيل، يجب التخلص منها.
 

وشكل هذا الأمر ضغطا نفسيا على حكومة مصر وقيادتها طوال الأعوام التي أعقبت عدوان 1956، أدى إلى ترسب رغبة قوية في وجدان القيادة المصرية بضرورة التخلص من آثار عدوان 1956، وإزالتها بإعادة إغلاق مدخل خليج العقبة مرة أخرى، وإنهاء وجود قوات الطوارئ التابعة للأمم المتحدة.. صبرت القيادة المصرية على مضض، على هذا الوضع، 10 سنوات، تحت ضغط متزايد نتيجة للمزايدات العربية.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية