رئيس التحرير
عصام كامل

البكالوريا المختلف عليها!

18 حجم الخط

 إذا كانت الحكومة ممثلة في وزارة التربية والتعليم منحازة لنظام البكالوريا وتشجع الطلاب على قبوله بديلًا للثانوية العامة التقليدية، فلماذا تعجّلت في إقراره وتبنيه دون أن تفتح حوارًا مجتمعيًا واسعًا يقنع المخاطَبين به من طلاب وأولياء أمور ومعلمين؟ أليس الاستعجال في إصدار القرارات الكبرى مثيرًا للريبة؟ 

وكيف يمكن لنظام تعليمي أن يستقر بينما يتبدل شكله ومضمونه مع كل وزير جديد، فيتبدد الإحساس بالطمأنينة ويحل محله القلق الذي يزهق روح التجاوب والإبداع؟


النائبة المتميزة أميرة بهاء الدين أبو شقة لفتت الأنظار إلى أن التعليم ليس عملية أحادية الجانب، بل هو منظومة ثلاثية الأبعاد: معلم، طالب، وبنية تحتية. فإذا كان النظر إلى البكالوريا جاء من زاوية الطالب وحده، فما الذي قدم للمعلم الذي ينهض على كتفيه النظام كله؟ 

 

آلاف المعلمين ما زالوا عالقين في قضايا مؤجلة مثل مسابقة الـ36 ألف معلم أو العمل بالحصة بلا استقرار وظيفي ولا ضمان مالي. أما الطالب، فهو ليس مجرد رقم في سجل أو متلقٍ للامتحانات، بل هو حياة كاملة لأسرة بأكملها، وأي تغيير متعجل في مساره الدراسي يربك تلك الأسرة ويثقلها نفسيًا وماديًا. 

 

ثم تأتي الأبنية التعليمية واللوجستيات، وهي ضلع ثالث لا يقل أهمية، فإذا كان الواقع يشهد نقصًا وازدحامًا وضعف تجهيزات، تحاول الحكومة التغلب عليه فكيف يتحمل الطالب نظاما جديدا بمناهجه وأساليبه؟


ورغم ما يُعلن من مميزات للبكالوريا، فإنها عند التدقيق لا تبدو إلا أعباء جديدة في ثوب مختلف. فالتحسين الذي يُسوّق له كفرصة لرفع الدرجات قد يتحول إلى نقمة، إذا ما التهم العطلة الصيفية كلها، كما أنه قد يعيد شبح التنسيق المرتفع الذي عانى منه الطلاب قديمًا. 

 

والمناهج الجديدة لم يسبق تدريسها ولا يملك المعلمون خبرة كافية بها، ما يجعل التجربة مرتجلة ومفتقرة إلى سند علمي وتطبيقي. والدروس الخصوصية، التي وعد النظام بتقليصها، ستتضاعف بسبب صعوبة المواد وتعدد مستوياتها، فيتحول العبء المالي إلى كابوس مضاعف على الأسر.

 

والطالب الذي يتعثر في الصف الثاني يفقد حماسه قبل أن يبدأ الثالث، بينما من يتفوق ثم يتراجع يجد جهوده قد ضاعت سدى، فتكون النتيجة إحباطًا نفسيًا يهدد الاستقرار الدراسي.


والمفارقة أن الطالب العلمي سيُجبر على دراسة مواد نظرية بعيدة عن ميوله، بينما النظام نفسه يفتقر إلى اعتراف دولي، وهو ما اعترف به الوزير حين قال إنه سيبدأ “التفاوض” لطلب اعتراف خارجي، وهو أمر يبدو صعب المنال خاصة بعد تهميش اللغات. 

 

فاللغة الثانية خرجت من المجموع، والكارثة أن العربية والإنجليزية تغيبان عن الصف الثالث، ليبقى الطالب عامًا كاملًا معزولًا عن اللغات، ثم يُطلب منه دراسة تخصص علمي أو هندسي بالإنجليزية.

 

أما الحديث عن سهولة الامتحانات لضمان نجاح التجربة فهو رهان هش، أثبتت التجارب السابقة مثل التابلت أنه لا يصمد، ومع تغيير الوزراء تتغير السياسات وتُهدم التجارب قبل أن تنضج.


في النهاية، تبدو البكالوريا في ظاهرها نقلة نوعية، لكنها في حقيقتها قد تكون فخًا جديدًا يثقل كاهل الطالب والأسرة والمعلم معًا، ويضيف عبئًا نفسيًا وماليًا وتعليميًا أشد من الثانوية العامة التقليدية.

والسؤال الذي يظل معلقًا: هل كان الهدف إصلاح التعليم فعلًا أم إعادة إنتاج أزماته في صورة جديدة؟ ولماذا لا تبدأ الوزارة من حيث يجب أن تبدأ: بحوار مجتمعي جاد، واستقرار طويل الأمد، وتدرج في الإصلاح، بدلًا من قرارات فوقية متعجلة تعيدنا إلى نقطة الصفر كل بضع سنوات؟ إلى متى تغفل الحكومة رأي أصحاب المصلحة الحقيقيين عند الإقدام على القرارات المصيرية الكبرى؟!

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية