عودة باسم يوسف.. سر الاستعانة بخدمات الإعلامي الساخر بعد عقد كامل في المنفى.. وهل يحتاج الجمهور المحلي إلى شخص يتحدث عن القضية الفلسطينية؟
لم يكن خبر عودة الإعلامى الساخر باسم يوسف إلى الشاشة المصرية مجرد خبر عادى يتناثر بين أروقة وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، بل أشبه ببالونة اختبار لقياس ردود الفعل، سواء من الشارع أو من النخب، على إمكانية استعادة صوت ظل حاضرًا فى ذاكرة المصريين رغم الغياب الطويل.. صوت علا مؤخرا عالميا فى مواجهة الصمت والخذلان تجاه ما يحدث فى غزة.
الخبر، الذى غادر مربع الشائعة إلى دائرة اليقين، يتحدث عن تعاقد يوسف مع الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، لتقديم برنامج مسجل يتناول موضوعات هامة فى مقدمتها القضية الفلسطينية مقابل عقد ضخم يثير الكثير من علامات الاستفهام حول المغزى الحقيقى من وراء هذه العودة المباغتة التى لم يتم التمهيد لها، رغم كواليس خروج باسم من مصر قبل أكثر من عشر سنوات، حتى إنه لم يتمكن من حضور جنازة والده.
باسم يوسف الذى عمل فى بداياته كطبيب جراح سرعان ما اكتشف أن مشرط الجراحة أقل تأثيرًا من مشرط السخرية، لذا فمع ثورة يناير 2011، برز نجمه عبر “البرنامج”، الذى تحول خلال سنوات قليلة إلى ظاهرة جماهيرية غير مسبوقة فى العالم العربي، وبأسلوب ساخر، ولاذع، وجريء، صار يوسف أيقونة الإعلام السياسى الساخر، ولقبه كثيرون بـ”جون ستيوارت العرب”، لكن سرعان ما اصطدم البرنامج بحدود المسموح والممنوع، حتى أُوقف عام 2014، وغادر باسم البلاد وسط أجواء سياسية مشحونة، ليبدأ رحلة جديدة فى الخارج.
الانتقال إلى الولايات المتحدة لم يكن سهلًا عليه، حيث إن باسم يوسف حاول أن يجد لنفسه مكانًا فى عالم مختلف تمامًا عبر الستاند أب كوميدى بالإنجليزية، ورغم التحديات الثقافية، استطاع أن يكون لنفسه قاعدة جماهيرية محدودة فى البداية، قبل أن تأتى اللحظة الفارقة، لحظة طوفان الأقصى 2023 التى تعتبر نقطة فاصلة فى مسيرته والتى سوف تكون سببا فى الاستعانة بخدماته فى مصر بعد أن خرج منها مذموما مدحورا وسط شماتة الإعلاميين الرسميين الذين طالما وجه إليهم سهام سخريته الحادة التى كانت تتجاوز فى عديد المرات حدود المسموح والممكن والمتاح، والذين لم يقدموا خطابا إعلاميا مقبولا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
فى مواجهة الإعلام الغربى المنحاز، ظهر باسم يوسف كصوت عربى نادر، مناظراته الشهيرة مع الإعلامى البريطانى بيرس مورجان، لم تكن مجرد مقابلات، بل تحولت إلى معارك فكرية أحرج فيها يوسف الرواية الإسرائيلية، مستخدمًا سخرية ذكية ولغة الغرب نفسها. باسم لم يعتمد على سلاح السخرية فحسب، ولكن كعادته اعتمد على التجهيز الجيد جدًا المدعوم بحضور طاغ وكاريزما مختلفة.
المقابلة الأولى مع مورجان وُصفت بأنها “الأكثر مشاهدة فى تاريخ البرنامج”، وأثارت نقاشات حادة عالميًا، ولاحقًا، أصبح يوسف وجها مألوفا على شاشات الغرب يواصل الدفاع عن القضية الفلسطينية بخطاب عقلانى ساخر، يعتمد على البحث الدقيق، ويمزج بين الكوميديا والجدية فى آن واحد مثل ظهوره مع بودكاست Nelk boys، وبات ينظر إلى الإعلامى المصرى المطرود باعتباره أبرز الأصوات المصرية والعربية وأقواها فى الدفاع عن القضية الفلسطينية؛ ولذا، تحول باسم يوسف -المتزوج من سيدة فلسطينية الأصل- إلى رأس حربة فى الإعلام الغربى لصالح القضية الفلسطينية، وصار صوته حاضرًا فى المنصات الدولية بشكل يتجاوز أى تأثير حققه من قبل داخل مصر.
وبالعودة إلى «عودة باسم» فوفقا للتسريبات، تم التعاقد مع باسم يوسف مقابل 22 مليون جنيه شهريًا ليقدم فقرة أو برنامجًا أسبوعيًا مسجلًا ضمن برنامج “كلمة أخيرة” على أن تكون الحلقات مصورة خارج الاستوديو لكسر النمطية وإضفاء عنصر التجديد، ولكن باسم سخر بطريقته الخاصة فى منشور على حساباته الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعى من الرقم المتداول؛ حيث ألمح إلى أنه بالدولار وليس بالجنيه فى إشارة لها مغزاها.
هذه الخطوة، التى التأمت رسميا بعدما تم الإعلان عن جميع التفاصيل بما فيها الظهور الأول المتزامن مع الذكرى الثانية لطوفان الأقصى، تعنى بالنسبة لباسم يوسف عدة انتصارات متزامنة، ربما يكمن أهمها فى العودة، فبعد خروجه من مصر فى ظروف صعبة حتى لو كانت المشاركة من الخارج فى باديء الأمر، يعود اليوم مرحبًا به، وكأنه يحصل على حق طبيعى طال انتظاره، وهناك أيضا بُعد مالى ومعنوى من خلال عقد ضخم يتفوق به على كبار الإعلاميين المحليين ممن ناصبوه العداء واتهموه بالخيانة سابقًا، وهو ما جعلهم يحتشدون فى خندق المعارضة له ويستعيدون له بعض المواقف القديمة، سواء انتقاده اللاذع للحكومة المصرية أو سطوه على مقال ونشره باسمه فى إحدى الصحف المصرية اليومية.
ورغم المكاسب الشخصية الواضحة لباسم يوسف، يظل السؤال مطروحًا، هل يحتاج الجمهور المصرى أو العربى إلى برنامج من باسم يوسف يتحدث فيه عن القضية الفلسطينية؟ الجمهور الذى أحب الإعلامى الساخر القديم وتابعه بشغف لم يفعل ذلك لأنه كان يتحدث عن قضايا خارجية، بل لأنه كان يلمس واقعه الداخلى ويسخر من تناقضاته السياسية والإعلامية.
قصر ظهور الإعلامى العائد الآن فى هذا الإطار قد يبدو، فى نظر كثيرين، اختزالًا فى غير موضعه وحبسا لصوت عالمى مؤثر فى إطار لا يحتاجه الجمهور المحلى بالضرورة، فالمواطن المصرى والعربى على دراية كافية بجرائم الاحتلال فى فلسطين بصفة عامة وغزة بصفة خاصة، ولا ينتظر باسم يوسف ليخبره بما يعرفه مسبقًا.
فالقيمة الحقيقية ليوسف كانت دائمًا فى قدرته على قول ما يخشاه الآخرون، وفى نقد الداخل، لا فى إعادة سرديات يعرفها الجميع عن الخارج، وقد يظن البعض أن عودة باسم يوسف إلى الشاشة المصرية تعكس بداية لانفراجة فى المشهد الإعلامي، لكن التجربة تقول العكس وهو ما تمثل فى عدم تحمل أصوات أقل حدة من باسم.
وقد تكون الاستعانة بباسم يوسف محاولة لإعادة تسويق صورة مصر خارجيًا، عبر صوت عالمى له رصيد جماهيرى فى الغرب، ومن زاوية باسم نفسه، فهى فرصة لاستعادة حضوره داخل بلده، وتأمين عودة مشروعة بعد سنوات من المنفى.
لكن من زاوية الجمهور، فالجماهير تنتظر “باسم يوسف الساخر”، لا “باسم يوسف المحاضر فى الشأن الفلسطيني”، وبالتالي، قد يجد نفسه فى مواجهة مع جمهوره القديم، الذى يراه الآن يقدم نسخة محدودة المدة والصلاحية، لا النسخة الأصلية التى عشقها الناس.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
