غضب في الإليزيه.. باريس تغلي غضبًا والمظاهرات تجتاح المدن الكبرى.. وخبراء: مخطط إسرائيلي أمريكي ضد ماكرون بسبب فلسطين
تشهد فرنسا منذ أيام تصاعدا غير مسبوق في وتيرة الغضب الشعبي، مع خروج مئات الآلاف من المواطنين إلى الشوارع في العاصمة باريس وعدد من المدن الكبرى، احتجاجًا على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتردية، هذه الموجة الواسعة من الإضرابات والمظاهرات تأتي في سياق أزمة شاملة تعصف بالبلاد، في أعقاب سلسلة من الانتكاسات السياسية والمالية، كان أبرزها استقالة حكومة فرانسوا بايرو، واشتداد أزمة الديون العامة، إلى جانب تراجع ثقة المؤسسات الدولية وشركاء فرنسا الأوروبيين في استقرارها الداخلي.
ولا تبدو الأزمة الاجتماعية التي تعصف بفرنسا هذه الأيام مجرد رد فعل عابر على سياسات اقتصادية أو إصلاحات حكومية، بل تعكس في جوهرها تراكمات طويلة الأمد من التوترات السياسية، والضغوط المالية، وفقدان الثقة بين الشارع والدولة، وقد شملت موجة الإضرابات والمظاهرات التي جرت في العاصمة وسائل النقل العام وموظفي المستشفيات، وأُغلقت الصيدليات، وأضرب عدد من المعلمين وقطاعات حيوية عديدة أخرى، ونظم المتظاهرون أكثر من 250 مظاهرة، وساروا في مدن من باريس إلى مرسيليا ونانت وليون ومونبلييه.
ورغم أن الاضطرابات الداخلية في فرنسا ليست ظاهرة جديدة، فإن مراقبين يرون أن تصاعدها مؤخرًا قد لا يكون بمعزل عن تفاعلات دولية، حيث تثار تساؤلات عديدة حول احتمال وجود تدخل غير مباشر من بعض القوى الخارجية، مثل الولايات المتحدة وإسرائيل في تأجيج الأوضاع، وذلك كرد فعل محتمل على الخطوة التي اتخذها الرئيس الفرنسي في الجمعية العامة للأمم المتحدة بإعلان بلاده الاعتراف بفلسطين، وقد شكل هذا الموقف تحولا لافتا دفع أكثر من 12 دولة غربية من بينها كندا وأستراليا إلى الدعوة للاعتراف الدولي بفلسطين، ما أثار ردود فعل متباينة على الساحة الدولية.
وبموجب هذا القرار الذي أثار غضب الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، باتت الدولتين في محاولة لاختلاق الأزمات في فرنسا، كونهما يرون أن هذا الاعتراف بدولة فلسطين يعد انحرافا غير منطقي، ولا بد من اختلاق المشاكل والأزمات لإبطاء هذه الخطوة، ووقف الديناميكية الحالية التي تقوم بها أوروبا بشكل رئيسي في هذا الاتجاه، كما أن الإدارة الأمريكية عملت هي الأخرى علي تبني النهج الإسرائيلي في ممارسة الضغط والتهديد واللعب على القضايا الحساسة في الداخل الفرنسي.
محاولات ضغط
وردا علي التساؤلات الخاصة بالدور الأمريكي والإسرائيلي تجاه إشعال الأوضاع في الداخل الفرنسي بسبب إعلان ماكرون الاعتراف بالدولة الفلسطينية وحل الدولتين أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أكد الدكتور أحمد فؤاد أنور، الخبير في الشأن الإسرائيلي، على عدم استبعاد أن تكون إسرائيل تورطت في محاولات للضغط علي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وبث عراقيل بالداخل الفرنسي، مبينا أن هناك حملة ممنهجة ضد الرئيس الفرنسي في الإعلام الإسرائيلي من خلال مسئولين إسرائيليين، مشيرا إلى إمكانية الربط بين هذه الحملة وبين احتجاجات "السترات الصفراء" التي عرفت بحجمها الكبير وزخمها الإعلامي، حيث تتكرر مشاهد الغضب الشعبي ضد سياسات ماكرون تحت عناوين مختلفة، لكنها تصب في مسار واحد من التشكيك بشرعيته وإرباك قراراته.
وأوضح الخبير في الشأن الإسرائيلي، أن الهجوم الإعلامي الذي تقوده بعض الأبواق الموالية لإسرائيل ضد الرئيس الفرنسي، بعد إعلانه المرتقب للاعتراف غير المشروط بدولة فلسطين في سبتمبر الجاري، يأتي ضمن محاولات محمومة لإفشال هذه الخطوة، غير أن هذه الضغوط سواء من الجانب الإسرائيلي أو بدعم أمريكي تبدو غير مجدية، في ظل اتساع رقعة الدول التي تستعد للاعتراف بفلسطين مثل بريطانيا وأستراليا وإسبانيا، مشددا على أن هذا كله يعيد التأكيد على أن جوهر الأزمة الحقيقية يكمن في الصراع العربي الإسرائيلي، وأن الحل المستدام يمر فقط عبر تنفيذ حل الدولتين باعتبار القضية الفلسطينية هي قلب هذا الصراع.
وحذر خبير الشئون الإسرائيلية من أن ماكرون قد يقدم ترضيات لإسرائيل، بمعنى أنه قد يقوم بعمل محاولة لتحقيق توازن بين موقفه الداعم للحقوق الفلسطينية من جهة، واحتواء الغضب الشعبي في الداخل الفرنسي من جهة أخرى، خاصة في ظل تصاعد السخط تجاه المجازر المرتكبة في الأراضي الفلسطينية، موضحا أن ماكرون قد يسعى إلى تخفيف الضغط السياسي عليه من خلال خطوات مثل زيارة محتملة لتل أبيب أو اتخاذ مواقف تصالحية تجاه الحكومة الإسرائيلية، ورغم أن حكومته شهدت استقالات متكررة من بينها خمسة وزراء خلال فترته، ثلاثة منهم في عام واحد، إلا أن ذلك لا يشكل تهديدا مباشرا لاستقراره السياسي، منوها إلى أن التحركات الإسرائيلية المتكررة تهدف إلى التأثير في السياسة الفرنسية، ما قد يقابل بردود فعل فرنسية تراعي المصالح المتوازنة، دون أن تنكر الدعم الفرنسي التاريخي للقضية الفلسطينية.
الموقف الفرنسي
بدوره، قال الدكتور رضوان قاسم، الكاتب والباحث في الشؤون الدولية والأوروبية: إن الدور الأمريكي الإسرائيلي هو ليس فقط في فرنسا بل في كل دول العالم، فدائما تسعي أمريكا لحرق بيوت الآخرين حتى لا تصل النار إلى بيتها، أما فيما يخص الوضع الفرنسي بالتحديد والموقف الفرنسي تجاه فلسطين فهنا المسألة ليس فقط للدور الأمريكي الإسرائيلي، بل أيضا للدور الذي تلعبه أوروبا وعلى رأسها فرنسا التي أصبحت مهمشا كثيرا على الصعيد الدولي، مبينا أن إدارة ماكرون اتخذت منحنى مختلفا تماما عن السياسات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، خاصة أن إدارة ترامب همشت الدور الفرنسي والأوروبي في أغلب المفاوضات التي كانت تجري وبخاصة جانب الحرب الروسية الأوكرانية، وأصبح ليس له أي تأثير على السياسة الدولية رغم أنه كان له أهمية كبرى في السياسة الدولية قبل سابق.
وقال الكاتب والباحث في الشأن الدولي: إن فرنسا اليوم اتخذت موقفا مختلفا تماما، ليس لأنها مقتنعة بالقضية الفلسطينية وحاربت العدوان الإسرائيلي على غزة وأظهرت عدم رضا عن الموقف الإسرائيلي، وإنما تسعي لأن يكون لها دور جديد على الساحة الدولية من خلال مواقف تجاه القضية الفلسطينية، وبالتأكيد لأمريكا وإسرائيل دور كبيرا تجاه الأعمال والضغوط التي يمكن أن تؤثر علي الداخل الفرنسي، بهدف الضغط على السياسة الفرنسية حتى تعود إلى الحظيرة الأمريكية كما في السابق، ولا بد من الإشارة أن كل ما يحدث في العالم من حروب وخلافات نجد أن وراءه افتعالا أمريكيا للضغط على من لا يسمع أو يخضع لسيطرتها أو إدارتها أو سياستها، فهي تعمل على تشكيل نوع من الزعزعة وعدم الاستقرار على أي دولة لا تخضع لها، حتى تعود مرة أخرى تحت كنفها وترصع للقرارات الأمريكية.
وتابع قاسم: “نحن نعرف أن ترامب متمسك جدا وداعم دعمًا كاملًا لحكومة نتنياهو، وكل ما يحدث في فلسطين وغزة هو بموافقة أمريكية، وعندما تأتى فرنسا وتتخذ موقفًا لا يتفق مع السياسة الأمريكية، فبالتأكيد سيكون لها دور هي وإسرائيل افتعال المشاكل وزعزعة الاستقرار في فرنسا”، مبينا أنه في أغلب الدول الأوروبية التي تعترض على السياسة الإسرائيلية أو تنتقدها سيتكرر ما نراه اليوم في فرنسا، فأمريكا لها دور في النقد وافتعال المشاكل وفرض العقوبات، مشيرا إلى أنه: “لا نستطيع أن نقول أن كل ما يحدث من أحداث في فرنسا هو سببه الموقف الفرنسي من إسرائيل، ويجب علينا أن نعرف بأن الداخل الفرنسي والأوروبي بشكل عام يعارضون سياسات الحكومات الأوروبية”.
الملف الفلسطيني
من جانبه قال جابريل صوما، الخبير في القانون الدولي وعضو المجلس الاستشاري للرئيس الأمريكي دونالد ترامب: إن الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر أن مقترحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون غير مثمرة وتوقيتها غير مناسب، وهذا يعني الرفض لأي تحرك فرنسي أو أوربي بشكل عام مستقل في الملف الفلسطيني، مبينا أن إسرائيل لم تشارك في المؤتمر وينظر إلى موقفها المعارض لأي خطوة قد تؤدي إلى الاعتراف الدولي بدولة فلسطين خارج إطار التفاوض المباشر.
وبشأن تورط أمريكا أو إسرائيل في إشعال الأحداث الداخلية في إسرائيل، قال: “إنه لا توجد أدلة موثقة تشير إلى تورط مباشر أمريكي أو إسرائيلي في تأجج الأوضاع الداخلية في فرنسا فيما يتعلق بمقترحات ماكرون لحل الدولتين، ولكن لا أستبعد وجود ضغوط سياسية وإعلامية من الولايات المتحدة وإسرائيل، وما يحدث في فرنسا من توترات داخلية هو أمر مرتبط بالهوية والهجرة والعلاقات مع الجاليات المسلمة، إضافة الى أن فرنسا تتبنى موقفا مستقلا عن الإجماع الغربي التقليدي”.
وبشأن تصريحات السفير الأمريكي لدي فرنسا، تشارلز كوشنر، والذي اتهم فيها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمعاداة السامية، مما أدى إلى استدعائه من قبل الخارجية الفرنسية بعد أقل من شهرين ونصف الشهر على توليه منصبه، أكد أن ذلك جاء نظرا لأن فرنسا تعتبر تعتبر تصريحات كوشنر غير مقبولة وتنتهك مبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول ولا تليق بمستوى الثقة بين الحلفاء، مبينا أن فرنسا نفت بشدة هذه الاتهامات، وأكدت التزامها الكامل بمكافحة معاداة السامية، وأن الاستدعاء كان بهدف توضيح أن مثل هذه التصريحات غير مقبولة من الناحية الدبلوماسية، وأنها بمثابة تجاوز للأعراف الدولية.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
