د. أحمد صفوت السنباطي يكتب: صندوق النقد الدولي في مهب الريح.. تحليل صعود صندوق التنمية والاستثمار الصيني كمنافس لنموذج واشنطن الاقتصادي
يحمل صندوق الاستثمار الصيني عصا السيطرة الاقتصادية، ممثلًا لصندوق النقد الدولي الذي يفرض شروطًا قاسية من التقشف وخصخصة القطاع العام ورفع الدعم كشرط للحصول على قروضه، كانت رياح جديدة تهب من الشرق، تحمل معها بديلًا مغريًا يهمس في آذان الدول النامية المثقلة بالديون والمتعبة من الوصاية الغربية إنه صندوق التنمية والاستثمار الصيني، الذي لا يأتي برسول يحمل وثيقة شروط اقتصادية مجحفة، بل بمهندس يحمل مخططات لبناء طرق وموانئ وجسور، وبحقيبة استثمارات لا تسأل عن نظام الحكم أو حقوق الإنسان، بل تبحث عن فرص اقتصادية متبادلة هذه ليست منافسة اقتصادية عادية، بل هي معركة على الروح والنفوذ، بين نموذجين: نموذج تقليدي يعتمد على الاقتراض بشروط مالية صارمة، وآخر صاعد يعتمد على الاستثمار في البنية التحتية بأساليب تعكس رؤية جيوسياسية أوسع الصندوق الصيني لا يقدم قروضًا فقط، بل يربط الاقتصادات المحلية بخطوط التجارية الصينية العملاقة.
النهاية شبكة الطرق مشروع "الحزام والطريق"، الذي يجعل من الدول النامية عقدًا في شبكة مصالح متشابكة مع الاقتصاد الصيني الفرق الجوهري هو في الفلسفة صندوق النقد الدولي يعالج الأعراض بطبقات من التقشف التي غالبًا ما تزيد الألم الاجتماعي وتؤجج الغضب الشعبي، بينما الصين تقدم "الحل الهيكلي" الذي يبدو للكثيرين كمنقذ، حتى لو كان الثمن هو الديون غير المرئة والتبعية الاستراتيجية لاحقًا هذه المرونة جعلت من الصين شريكًا مفضلًا للدول التي ترفض الوصاية الغربية أو تخشى منها، من أفريقيا إلى أمريكا اللاتينية، وحتى في بعض دول آسيا الوسطى التي كانت ضمن النفوذ الروسي التقليدي
لكن السؤال الأعمق: هل الصين حقًا منقذ، أم هي قوة استعمارية جديدة ترتدي ثوب المستثمر الصديق؟ شروط الصين قد لا تكون مالية صارمة، لكنها غالبًا ما تكون سياسية واستراتيجية، حيث تضمن بكين حصول شركاتها على عقود البناء والتشغيل، وتضمن ولاء هذه الدول في المحافل الدولية، بل وقد تتحكم في أصول استراتيجية مثل الموانئ إذا تعثرت هذه الدول في السداد، كما حدث في ميناء هامبانتوتا في سريلانكا، الذي تحول إلى قاعدة صينية بحكم الأمر الواقع هذا النموذج يخلق تبعية من نوع جديد، ليست تبعية لصندوق نقد يفرض سياساته، بل لاقتصاد عملاق يربط الدول به عبر استثمارات ضخمة يصبح من المستحيل الخروج منها لاحقًا
في النهاية، صندوق النقد الدولي، الذي هيمن لعقود ككابح لأي تجربة اقتصادية مخالفة، يجد نفسه اليوم في مهب الريح، أمام منافس لا يقل عنه قوة، بل قد يكون أكثر دهاءً وجاذبية، لأنه يتحدث بلغة المصلحة المباشرة والاحترام الظاهري للسيادة، بينما يكرس التبعية بشكل أعمق المعركة الحقيقية هي على مستقبل الاقتصاد العالمي هل سيبقى نموذج الليبرالية الغربية مهيمنًا، أم أننا نشهد ولادة نظام اقتصادي ثنائي القطبية، حيث يكون للدول الخيار بين وصاية الغرب المقنعة بشرطية ديمقراطية، وسلطة الشرق الجديدة المقنعة باستثمارات لا تعترف بالحدود؟ الإجابة ليست في المؤتمرات الاقتصادية، بل في شوارع الدول النامية التي تختار بين مرارة الدواء الغربي ووعود الحل الصيني، وكلاهما يحمل في طياته ثمنًا قد يغير هويتها إلى الأبد.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
