بعد إعلان تشكيل حكومة موازية.. هل الوقت مناسب لعودة السودانيين إلى بلادهم؟ خبراء: ليست حكومة بالمعنى السياسي والدستوري.. خطوة تهدف إلى ترسيخ الانقسام.. والعودة طوعية وبقرارات شخصية
قبل أيام، أعلنت ميليشيا الدعم السريع والفصائل المتحالفة معها عن تشكيل حكومة موازية في السودان ولاقت تلك الخطوة رفضا واسع النطاق، داخل وخارج السودان.
وجاء ذلك بالرغم من التحذيرات والرفض الواسع لخطوة تشكيل الحكومة من منظمات دولية وإقليمية وعدد من الدول المؤثرة في المشهد السوداني.
كما ذكرت المجموعة، التي أطلقت على نفسها اسم تحالف السودان التأسيسي، في إعلانها عن الحكومة الجديدة، أنها تتألف من مجلس رئاسي مكون من 15 عضوًا برئاسة قائد ميليشيا الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، ومجلس وزراء يترأسه عضو مجلس السيادة سابقًا، محمد حسن التعايشي، والذي كُلّف بمهام تشكيل حكومته التنفيذية.
من جانبها، سارعت وزارة الخارجية السودانية إلى شجب خطوة تشكيل الحكومة الموازية.
حكومة وهمية
وأصدرت بيانا، لتصفها بالحكومة بالوهمية والتي تسعي فيها ميليشيا الدعم السريع إلى توزيع مناصب حكومية، مشيرة إلى أن هذه الخطوة فيها تغافل تام عن معاناة الشعب السوداني.
وانتقدت الخارجية السودانية موقف الحكومة الكينية التي استضافت الاجتماعات التحضيرية الخاصة بتشكيل الحكومة واعتبرتها انتهاكًا للسيادة السودانية.
ودعت الحكومة السودانية كل المنظمات الدولية والحكومات بإدانة خطوة تشكيل الحكومة الموازية وعدم الاعتراف بها، مؤكدة أن أي تعامل مع حكومة الدعم السريع يُعتبر تعديًا على حكومة السودان وسيادتها على أراضيها.
وبدوره، وصف الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني، العميد نبيل عبد الله، خطوة تشكيل حكومة موازية بواسطة قوات الدعم السريع وفصائل موالية لها بالتمثيلية السمجة.
وأوضح، في تصريحات صحفية، أن تشكيل الحكومة هي محاولة يائسة لشرعنة ما وصفه بالمشروع الإجرامي وتمرير أجندة من يدعمونهم بالخارج.
إعلان تشكيل الحكومة الموازية وُوجه برفض قاطع من الداخل السوداني، حيث يُنظر إليه كتحرك لا يمتلك أي شرعية قانونية أو اعتراف دولي، ولا يمثل سوى امتداد لأجندة الميليشيات المسلحة بقيادة حميدتي.
ليست حكومة بالمعنى السياسي والدستوري
صلاح عمر الشيخ، الأمين العام لاتحاد الصحفيين السودانيين ورئيس تحرير منصة "سودانية"، يعلق مؤكدا أن هذا الكيان لا يُعد حكومة بالمعنى السياسي أو الدستوري، بل هو كيان عسكري تتقاسمه الميليشيات، مشددًا على أن التكوين الداخلي لما يسمى بـ"الحكومة الموازية" يتشكل من قادة عسكريين ومساعدين يمثلون فصائل مسلحة ومنشقة، ما يُجرده من أي مصداقية ككيان مدني أو سياسي.

ويضيف الشيخ، في تصريحات لـ"فيتو"، أن تشكيل هذا الكيان لم يحظَ بأي دعم أو تأييد دولي أو حتى من الدول المجاورة، بل يُنظر إليه كخطوة دعائية تهدف لتكوين واجهة تفاوضية باسم قوات الدعم السريع، وهو ما ترفضه الدولة السودانية. وأشار إلى أن التفاوض، إن تم، سيكون مع هذه الفصائل بصفتها ميليشيات متمردة، وليس باعتبارها حكومة شرعية.
الجيش السوداني واضح في شروطه
وأشار إلى أن الجيش السوداني واضح في شروطه، والتي تتضمن الخروج الكامل لقوات الدعم السريع من المواقع المدنية، وفك الحصار عن الفاشر، إلى جانب تجميع المقاتلين في مناطق محددة، ونزع أسلحتهم، ومحاكمة المتورطين في جرائم بحق الشعب السوداني.
طالع أيضا: بالترقب والفرحة، لحظة انتظار السودانيين لقطار السد العالي لعودتهم لوطنهم (فيديو)
وقال الشيخ: إن الشارع السوداني أظهر موقفًا موحدًا ضد هذه الحكومة المزعومة، حتى في المناطق التي كانت سابقًا تُعد حواضن اجتماعية أو سياسية لقوات الدعم السريع. بل إن الإعلان عنها أدى إلى تصدعات وانشقاقات داخل الكيان نفسه، نتيجة التناقضات البنيوية بين الفصائل المشاركة فيه.
ويوضح أن الكيان يفتقد للتجانس السياسي، مما يُفقده أي قدرة على التأثير في مسار التفاوض أو التسوية السياسية، مشددًا على أن الوضع يشير إلى أن التفاوض الجاد لا يمكن أن يتم قبل أن تستعيد الدولة سيادتها الكاملة على المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات.
تراجع الدعم السريع
من جانبه، أشار عبد الرحمن الغالي القيادي السابق بحزب الأمة السوداني لـ"فيتو"، في تعليقه على إعلان الحكومة الموازية، قائلا: أعتقد أن ذلك يؤشر لعدة حقائق فهو من الناحية العسكرية يؤشر لتراجع الدعم السريع، وفقدان الأمل في السيطرة على كامل أراضي السودان. ومن ناحية ثانية فإن تكوين تحالف تأسيس يحاول الدعم السريع من خلاله تعويض النقص في الجنود بضم جنود الحركة الشعبية شمال (حركة الحلو) وفتح جبهة عسكرية جديدة.

ومن ناحية يعكس تكوين الحكومة الموازية رغبة الجهات الإقليمية التي تدعم الدعم السريع وتكوين منطقة نفوذ لها في السودان على غرار ليبيا واليمن الجنوبي. كذلك يمكن أن يكون تكوين الحكومة الموازية استباقًا لأية مفاوضات قادمة لا سيما بعد تكوين الرباعية (أمريكا مصر السعودية والامارات).
وردا على سؤالنا: هل سيكون لذلك تأثير سلبي على مستقبل المفاوضات ومحاولات إحلال السلام؟ قال: تكوين حكومة موازية هو تحصيل حاصل فلن تتمكن الحكومة الموازية من التواجد على الأرض نسبة لوجود طيران الجيش. ولن يتم الاعتراف بها من المجتمع الدولي والإقليمي. كذلك يمكن أن تعقد الوضع لو أصر رعاة المحادثات على جلوس الحكومة الموازية أو اشراكها في المفاوضات.
وحول عودة السودانيين إلى وطنهم، أوضح د. عبد الرحمن الغالي: صحيح أن البيئة تحتاج لعمل من حيث البنية التحتية في السودان ومن حيث البيئة الصحية وإزالة الألغام، ولكن هناك مناطق واسعة جدًا صارت مناسبة، وبها الحد الأدنى من الملاءمة والخدمات، إضافة إلى أن عودة المواطنين من شأنها أن تسرع باعادة الإعمار وعودة الأمن وعودة الحياة لطبيعتها.
وأضاف: هناك أعداد كبيرة جدًا عادت بالفعل إلى السودان، والذين عادوا رجعوا لاستئناف أعمالهم وإصلاح منازلهم وتهيئتها وتوفيرًا لكلفة المعيشة بمصر من إيجارات مع عدم وجود عمل يدر دخلًا. والذين لم يعودوا بعد ربما يحتاجون وقتًا لتوفيق أوضاعهم من تعليم الأبناء وتجهيزات تتعلق باستئناف الحياة بالسودان. لكن العودة تسير بوتيرة عالية، وسيعود الذين لجأوا لمصر التي أكرمتهم للسودان.
أما اللاجئون الذين تقع مساكنهم وقراهم ومدنهم تحت سيطرة الدعم السريع فبالطبع لن يتمكنوا من العودة لا من مصر ولا من ملاجئهم الأخرى في دول الجوار الأفريقي مثل تشاد وغيرها.
الدعم السريع تسعى لإيجاد موطئ قدم
أما الكاتب الصحفي طاهر المعتصم سكرتير عام نقابة الصحفيين السودانيين للشئون الخارجية، فيرى أن هذه الخطوة كانت متوقعة منذ شهور عندما حاولت ميليشيا الدعم السريع أن تجد موطئ قدم، وفي ظل عدم اغتنام فرصة منبر جدة الإنساني الذي انعقد بعد نشوب الحرب بحوالي شهر ودعت إليه المملكة السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، ثم اجتماع المنامة الشهير الذي حضره نائب القائد العام للقوات المسلحة السودانية ونائب قائد الدعم السريع ومؤتمر جنيف، الذي حضرته 9 دول بما فيهم مصر.. كل ذلك كان محاولات لقطع الطريق على محاولات تقسيم السودان، وعلى التدخلات الخارجية، بالتالي هذه الخطوة رغم أنها كانت متوقعة، ولكنها صادمة قد ترسخ لانقسام وجداني.. انقسام جغرافي، وإن كان السيناريو الليبي، مع بعض الاختلافات، سيكون حاضرا في المشهد السوداني، في تقديري للأسف!!
الحكومة السودانية تحاصرهم دبلوماسيا وسياسيا
ويضيف الكاتب الصحفي طاهر المعتصم: أعتقد أن إعلان حكومة موازية لن يكون له تأثير سلبي في ظل أن الحكومة السودانية بقيادة مجلس السيادة والفريق البرهان، يحاصرون هذا الأمر دبلوماسيا وسياسيا، ولكن سبق السيف العزل، والتدخلات الخارجية في تقديري بلغت مداها، ومصالح الدول وصلت إلى مستوى كبير، إذن لا أعتقد أنها سيكون لها تأثير سلبي، باعتبار أن الطرف الذي أعلن حكومة موازية هو للأسف، الذي ظل يقبل الحضور إلى مقار التفاوض في كل مرة، مع الرفض من قِبل قيادة الجيش السوداني، ما أدى إلى النقطة التي وصلنا إليها، في تقديري أن السودان مقبل على اجتماع هام في خلال الأيام القليلة القادمة، في واشنطن الرباعية التي تتكون من كل من: الولايات المتحدة ومصر والمملكة العربية السعودية والإمارات، وستكون هناك محاولة لإيجاد آلية لمعالجة الأزمة السودانية ووقف محاولات تقسيم السودان، ووقف الحرب، في ضوء تنامي التدخلات الخارجية.

وأوضح أن هذه الخطوة تأتي استكمالًا لمبادرات سابقة مثل منبر جدة، واجتماع المنامة، ومؤتمر جنيف، والتي شارك فيها ممثلو أطراف النزاع، إلا أن التعنت من جانب الدعم السريع ورفضهم لفرص الحل السياسي أدّى إلى انسداد الأفق التفاوضي.
وفي حديثه عن أوضاع العائدين من السودانيين في الخارج، نوّه المعتصم إلى أن نسبة كبيرة من العائدين تتجه إلى ولاية الجزيرة، وهي ولاية زراعية أساسا، والتي تعد من أكثر المناطق أمانًا واستقرارًا حاليًا، رغم تحديات الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والصحة والتعليم.
عودة السودانيين.. قرارات شخصية
وأشار إلى أن ذلك يأتي رغم أن دخول الحرب في عامها الثالث، أثر على السودانيين في الخارج اقتصاديا، واتخذوا قرارات شخصية وعودة طوعية.
اقرأ المزيد: زحف على حدود مصر الجنوبية، تكدس آلاف السودانيين أمام معبر قسطل أشكيت (صور)
وأكد طاهر المعتصم أن العودة الطوعية للمواطنين بدأت بالفعل، وهناك جهود حكومية متسارعة لإعادة تأهيل المناطق التي كانت تحت سيطرة الميليشيات، بالتوازي مع محاصرة الأمراض المعدية مثل الكوليرا، حيث انخفضت الحالات من الآلاف إلى أقل من خمس حالات يوميًا.
وشدد على أهمية عودة المواطنين لإعمار بلدهم، مشيرًا إلى أن الحكومة حددت مهلة ستة أشهر لإعادة تأهيل المناطق المتضررة، لكنه توقع أن يتم ذلك في وقت أقصر بكثير.
وقال سكرتير عام نقابة الصحفيين السودانيين للشئون الخارجية: إن ما تُسمّى بـ"الحكومة الموازية" لا تعدو كونها محاولة مكشوفة لكسب شرعية مفقودة على الأرض، وتفتقد للاعتراف الدولي والشعبي، في وقت تواصل فيه الدولة السودانية والجيش السوداني خطوات ثابتة نحو استعادة الاستقرار، وتكثيف الجهود لإعادة الإعمار وعودة النازحين.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
