تأملات في قانون الإيجار القديم
يعد قانون الإيجار القديم من أكثر القوانين إثارة للجدل وأهمها وأعظمها تأثيرا في حياة المصريين جميعا، وينص على انتهاء عقود إيجار الأماكن الخاضعة لأحكام هذا القانون لغرض السكنى بانتهاء مدة سبع سنوات من تاريخ العمل به، وتنتهي عقود إيجار الأماكن للأشخاص الطبيعية لغير غرض السكنى بانتهاء مدة خمس سنوات من تاريخ العمل به.. وذلك كله ما لم يتم التراضي على الإنهاء قبل ذلك.
وتشكل بقرار من المحافظ المختص لجان حصر في نطاق كل محافظة، تختص بتقسيم المناطق التي بها أماكن مؤجرة لغرض السكنى الخاضعة لأحكام هذا القانون إلى مناطق متميزة، ومتوسطة، واقتصادية..
واعتبارًا من موعد استحقاق الأجرة الشهرية التالية لتاريخ العمل بهذا القانون تكون القيمة الإيجارية القانونية للأماكن المؤجرة لغرض السكنى الخاضعة لأحكام هذا القانون، والكائنة في المناطق المتميزة بواقع عشرين مثل القيمة الإيجارية القانونية السارية وبحد أدنى مبلغ مقداره ألف جنيه، وبواقع عشرة أمثال القيمة الإيجارية السارية للأماكن الكائنة بالمنطقتين المتوسطة والاقتصادية، وبحد أدنى مبلغ مقداره أربعمائة جنيه للأماكن الكائنة في المناطق المتوسطة، ومائتين وخمسين جنيها للأماكن الكائنة في المناطق الاقتصادية.
ويلتزم المستأجر أو من امتد إليه عقد الإيجار، بحسب الأحوال، بسداد الأجرة الشهرية التالية لتاريخ العمل بهذا القانون بواقع 250 جنيها شهريًا، على أن يلتزم المستأجر أو من امتد إليه عقد الإيجار، بحسب الأحوال، بدءا من اليوم التالي لنشر قرار المحافظ المختص المنصوص عليه بالفقرة الأخيرة من المادة 3 بسداد الفروق المستحقة إن وجدت على أقساط شهرية خلال مدة مساوية للمدة التي استحقت عنها. مع زيادة القيمة الإيجارية المحددة وفقًا للمادتين 4، 5 من هذا القانون سنويا بصفة دورية بنسبة 15%.
وفي رأيي كان من المفترض أن يأخذ هذا القانون وقتا أكبر في النقاش، ولا تكون الموافقة إلا بعد توافق تام بين المؤجر والمستأجر، وأن تكون الحكومة قد أعدت العدة وأحاطت بكل آثاره الجانبية، وأعدت إعدادا تاما للبدائل ومعالجة السلبيات دون أن تعد بما لا يكون متاحا إلا في المستقبل.
ولا ينكر عاقل أن هناك ظلما واقعا على الملاك، كما يقع الظلم أيضا على فئة كثيرة من المستأجرين، وعند النظر بدقة للأمر نجد بداية أن المالك القديم رضي وكان سعيدا بتحرير عقد إيجار للمستأجر، وهو يعلم أن هذا العقد سيمتد لورثة المستأجر..
وكان في الغالب يتقاضى من المستأجر ما يسمى بخلو رجل، وكان يحدد أجرة كبيرة جدا في ذلك الوقت يرضى بها المستأجر في سبيل عقد إيجار ممتد له ولورثته.. فكان عقد الإيجار بذلك هو شريعة المتعاقدين، وهو بالطبع عقد قانوني يوافق الدستور ولا يحق لأحد إلغاؤه تحت أي زعم.
وفي ظل سعي الدولة المصرية للحفاظ على الاستقرار الاجتماعي وحماية الفئات ذوي الدخل المحدود، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة للكثير من المواطنين، والتي عانت منها مصر بعد الدخول في حربين في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن الماضي؛ الأمر الذي تسبب في انخفاض في فرص العمل وارتفاع البطالة، والارتفاع في معدلات التضخم والنقص الملحوظ في توافر الاحتياجات من المواد الأساسية..
كل تلك العوامل كانت سببًا ودافعًا قويًا وراء وضع قوانين صارمة تتمثل في قانون الإيجار القديم، الذي تم وضعه لضمان توفير السكن بأسعار معقولة، وحماية المستأجرين من الارتفاعات المفاجئة أو غير المبررة في القيم الإيجارية، بهدف حماية المستأجرين وتثبيت أسعار الإيجارات حتى لا يصبح السكن عبئًا كبيرًا على الأسر متوسطة ومحدودة الدخل، خاصة في ظل حالة عدم التوازن بين العرض والطلب على الوحدات السكنية، وفي سبيل ذلك وفرت الدولة كل مواد البناء للمالك بأسعار رمزية إعانة للمالك.
ووضعت الدولة قانون رقم 49 لسنة 1977 والذي يعرف باسم قانون تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر؛ حيث وضع هذا القانون لتنظيم الإيجارات ومنع الارتفاعات الكبيرة في أسعار الإيجار وتحديد آلية توريث عقود الإيجار، ثم صدر قانون رقم 136 لسنة 1981 (القانون الذي تم تعديله بالقانون الجديد موضع الجدل ) والذي جاء كتعديل للقانون السابق..
وقد تم إدراج بعض التعديلات مثل إعادة ضبط قيمة الإيجارات لوحدات جديدة وتحديد قوانين الإخلاء لبعض الحالات، تلى ذلك القانون صدور قانون رقم 4 لسنة 1996 والذي يعتبر تحولًا مهمًا؛ حيث بدأ بإلغاء العمل بقانون الإيجار القديم للوحدات الجديدة التي تم تأجيرها بعد صدور ذلك القانون، ليتم تنظيمها وفقًا لعقد بين الطرفين (عقد محدد المدة وقابل للتجديد أو الإنهاء حسب الاتفاق).
وأخيرا صدر حكم المحكمة الدستورية العليا في نوفمبر 2024 ولم يتطرق إلى إخلاء الأماكن السكنية مطلقا؛ لأن المحكمة الدستورية سبق وأن قضت بامتداد العلاقة الإيجارية لجيل واحد بعد المستأجر الأصلي، وكان الحكم الجديد للمحكمة الدستورية يتطرق فقط للقيمة الإيجارية ومراعاتها لحفظ حقوق المالك..
فمن أين جاءت الحكومة بفقرة انتهاء عقود إيجار بانتهاء مدة سبع سنوات من تاريخ العمل به؟ ولماذا تعرض الحكومة السكان للتشريد وهي لم تضمن أصلا لهم أماكن يقيمون فيها مناسبة وبالقرب من سكنهم الحالي سوى الوعود بذلك، وطبعا بعد انتهاء فترة السبع سنوات لن تكون الحكومة الحالية موجودة لتنفذ ما وعدت به، وستضطر الحكومات الجديدة للتعهد بتنفيذ تلك الوعود كذلك..
وكان الأولى ألا تتطرق الحكومة لطرد الساكن إلا بعد أن توفر له البديل بالفعل، ووقتها سيكون له حق الاختيار أو أن يظل في وحدته القديمة مستظلا بحكم المحكمة الدستورية الذي نص على امتداد عقد الإيجار لجيل واحد.
إذا أجد أن الظلم الذي يقع على المالك هو قيمة الإيجار الضئيل جدا والذي تسببت الحكومات المختلفة فيه بسبب بخس قيمة الجنيه، عن طريق عدم اللجوء للتصنيع وخفض الواردات والاتجاه القوي للزراعة الخ، فصارت قيمة الجنيه في الحضيض بعد أن كان له قيمة وقت تحرير عقد الإيجار..
فكان ينبغي على الحكومة التدخل في رفع قيمة الإيجار وتحمل مسؤولية رفع الإيجار للمالك عن الفئات غير القادرة، وترك مسألة إنهاء العلاقة الإيجارية لتنتهي من تلقاء نفسها بعد الجيل الأول، والذي بلغ الكثير منه من العمر أرذله ولم يتبقَ على تحرير تلك العلاقة سوى سنوات ليست بالطويلة.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
