التنورة".. رقصة تجمع بين الروحانية والإبداع وتتحدى الزمن (صور)
في قلب القاهرة الفاطمية، حيث عبق التاريخ ينبض في كل زاوية، تتجلى فرقة التنورة التراثية كشاهد حي على عراقة الفن المصري وروعته هذه الفرقة الفنية، التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة، ليست مجرد مجموعة من الراقصين والموسيقيين، بل هي حافظة لكنز فني فريد، يورثه الأب لابنه والأستاذ لتلميذه، ليظل متوهجًا عبر الأجيال، وصولًا إلى الجيل الثالث الحالي. إنها قصة فن صوفي تحول إلى استعراض ساحر، يأسرك بجماله وعمق رمزيته.




جذور صوفية وأصالة مصرية، رحلة فن التنورة
تعود أصول رقصة التنورة إلى القرن الثالث عشر في تركيا، حيث نشأت كطقس صوفي خالص ضمن الطريقة المولوية، التي أسسها الشاعر والفيلسوف الكبير جلال الدين الرومي. كان الدوران المستمر، في ذلك الحين، وسيلة للوصول إلى حالة من التجلي الروحي والاتصال بالذات الإلهية.







مع دخول الدولة الفاطمية إلى مصر، انتقلت هذه الرقصة الصوفية إليها، لتجد بيئة خصبة للازدهار والتطور لم تعد التنورة مقتصرة على الحلقات الصوفية فحسب، بل بدأت تكتسب طابعًا مصريًا خاصًا وتتحول إلى فن استعراضي شعبي يجذب الجماهير والسياح. أضاف الفنانون المصريون لمساتهم الإبداعية، فأضفوا عليها ألوانًا زاهية في التنانير المستوحاة من قماش الخيامية، وزينوها بزخارف هندسية بديعة.





كما أدخلوا إليها آلات موسيقية شعبية أصيلة كالربابة والدفوف والمزمار والناي، لتصبح العروض مزيجًا متناغمًا من الرقص والإنشاد الديني والتواشيح.



فلسفة الدوران الكون في حركة راقصة
تتجاوز رقصة التنورة كونها مجرد أداء فني، فهي تحمل في طياتها فلسفة عميقة ورمزية صوفية غنية. إن دوران الراقص المستمر يرمز إلى دوران الكون بأسره، من حركة الكواكب والنجوم حول الشمس إلى دوران الذرات والطواف حول الكعبة. ويرمز رفع إحدى اليدين للأعلى وخفض الأخرى للأسفل إلى التواصل بين السماء والأرض، وكأن الراقص وسيط بين العالمين.




تهدف الرقصة إلى تجريد الراقص من قيود الدنيا ورغبات النفس، وصولًا إلى حالة من السمو الروحي والتجلي، حيث يرى البعض أن الراقص يصل إلى مستوى من النشوة يجعله أقرب إلى الوسيط بين الإنسان والخالق.
أما التنانير الملونة، فقد ترمز ألوانها المتعددة إلى المقامات الصوفية السبعة أو السماوات السبع، فيما يرمز خلع الراقص لحزامه أثناء الدوران إلى تخليه عن القيود والذنوب وقد تصل الرقصه الواحدة الي أكثر من نصف ساعة دوران.
فرقة التنورة التراثية حراس الإرث الفني
تأسست فرقة التنورة التراثية عام 1988 بمقر قصر الغوري للتراث في القاهرة القديمة، سعيًا لإحياء هذا الفن العريق والحفاظ عليه من الاندثار. بدأت الفرقة بعدد قليل من الأعضاء، معظمهم من الأقارب، لتنمو وتتطور وتضم اليوم حوالي 60 عضوًا، منهم راقصو التنورة "اللفيفة"، والعازفون، والمنشدون.
يشغل الأستاذ محمد صلاح حاليًا منصب مدير الفرقة، ويلعب دورًا محوريًا في الإشراف على مسيرتها وتطورها.
إن ما يميز الفرقة حقًا هو مبدأ التوارث، حيث يتوارث 70% من الراقصين والموسيقيين المهنة والموهبة عن آبائهم وأجدادهم. هناك عائلات بأكملها داخل الفرقة، تجد فيها 5 أشقاء يعملون معًا، أو أبًا وابنيه يشاركون في العروض. هذا التوارث يضمن الحفاظ على أصالة الفن ودقته، ويجعل كل عرض بمثابة احتفال بالتراث المتجذر.
تقدم الفرقة نوعين من رقصة التنورة:
التنورة الصوفية: التي تركز على الإنشاد الديني والإيقاع البطيء، وتعبر عن الحالة الروحية العميقة.
التنورة الاستعراضية: التي تستعرض مهارات الراقص ولياقته البدنية مع إيقاعات سريعة وجمال التنانير الملونة التي يمكن أن تصل مدة الدوران فيها إلى نصف ساعة متواصلة.
نجوم من قلب الفرقة وسفراء الفن المصري
على الرغم من أن الفرقة تعتمد على العمل الجماعي وتوارث الفن، إلا أن هناك بعض الأسماء التي تبرز بمشاركاتها المميزة، مثل المنشد سعيد الموجي الذي تبهر أناشيده الجمهور الأجنبي، والراقصين البارزين مثل عمر أشرف وعلي مرسي.


كما أن "اللفيف" أو الراقص الأساسي في التنورة الصوفية، مثل تامر إبراهيم (تامر حصان)، يمثل قمة الأداء في هذا الفن.
وفي السنوات الأخيرة، كسرت نساء رائدات مثل هناء مصطفى (هنا شو) الحاجز، واقتحمن عالم رقص التنورة المنفردة الذي كان مقصورًا على الرجال، ليضيفن عليه لمسة جديدة.


لا تقتصر عروض الفرقة على قصر الغوري، التي تقدم عروضًا دورية يومي السبت والأربعاء من كل أسبوع، بل تجاوزت حدود مصر، وسافرت إلى ما يقرب من 50 دولة حول العالم، شملت قارات أوروبا، الأمريكتين، آسيا، وأفريقيا، من كندا والولايات المتحدة الأمريكية إلى اليابان والصين، ومن ألمانيا وفرنسا إلى المملكة العربية السعودية والمغرب.


حملت الفرقة رسالة الفن المصري الأصيل إلى أقصى بقاع الأرض، ممثلة مصر خير تمثيل أمام الجمهور الأجنبي الذي يتفاعل بشكل كبير مع عروضها.
إن فرقة التنورة التراثية ليست مجرد فرقة فنية، بل هي حارس أمين لإرث حضاري، يجمع بين الروحانية العميقة والجمال الاستعراضي الباهر، وتبقى خير سفير للثقافة المصرية حول العالم.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
