من قصص القرآن الكريم.. هل كان "آزر" والد سيدنا إبراهيم أم "عمه"؟.. الشعراوي يحل اللغز
في هذه السلسلة نستعرض مشاهد من القصص التي وردت في كتاب الله العزيز، القرآن الكريم، علنَّا نستخلص منها العبر والدروس التي تفيدنا في الدنيا، بتغيير سلوكياتنا إلى الأفضل، فنستزيد من الأفعال الطيبة، والتصرفات الراقية، ونتعامل بالحسنى مع الآخرين، فنفوز ونسعد في الآخرة.
فهم الكثيرون، على مر الأزمان، خطأ، أن "آزر" هو أبو سيدنا إبراهيم.. لكن حقيقة الأمر أنه عمه الذي رباه، ولهذا احترمه سيدنا إبراهيم، ودعاه قبل أي إنسان آخر، إلى ترك عبادة الأصنام، وعبادة الله الواحد الأحد.. وحاوره طويلا، وجادله كثيرا، مشفقا عليه أن يدخل النار، لكنه أبى واستكبر، وكان مصيره كما نعرف من القرآن الكريم.
هذه الإشكالية حلها كثير من العلماء، وعلى رأسهم الشيخ محمد متولي الشعراوي، الذي حل اللغز، حيث يقول في تفسيره للآية الكريمة: "أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ.. نأخذ من هذه الآية لقطة، تفيدنا بأن أول من تكلم معه في مسألة العقيدة هو أبوه آزر.. سيدنا رسول الله من سلالة إسماعيل، وهو ابن سيدنا إبراهيم، وسيدنا رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، قال: "....أنا خيار من خيار إلى خيار....".
فلو كان آزر، الكافر، أبا إبراهيم، لكان هناك ثغرة في السلسلة الكريمة.. ولكننا ساعة نقول في عرفنا: هب أن لي أخا، ثم جئت لتسأل عني أنا.. أأبوك هنا؟.. لو كنت تقصد الأب لذكرته بدون ذكر الاسم، لكن لو قصدت العم لابد أن تلحق اسمه بالسؤال.. أليس هذا عرفنا في التخاطب.. إذن العم يطلق عليه أب.. فإن أردت أن تفرق بين العم والأب، عليك أن تذكر الاسم صراحة.
فقول الله: "وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر".. لو كان أبوه الحقيقي لَمَا قال "أبيه أزر".. وهذا له سند من الآية: أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (البقرة: 133).. هنا إبراهيم هو أبو إسحاق، وإسماعيل أخوه.. أي هذا أبو يعقوب الحقيقي (العصب)، وهذا عمه.. ولكنه، تبعا للعرف، أطلق عليه لفظ الأب.
كان "عم" إبراهيم في مقدمة عابدي الأصنام، بل كان ممن ينحتها ويبيعها، وقد عزَّ على إبراهيم فعله الذي هو يومئذٍ أقربُ الناسِ إليه، فرأى من واجبه أن يخصه بالنصيحة، وأن يحذره من عاقبة الكفر؛ فخاطبه بلهجة تسيل أدبًا ورقة، مبينًا بالبرهان العقلي بطلان عبادته للأصنام، قال تعالى: "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدّيقًا نَّبِيًّا. إِذْ قَالَ لأبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يَبْصِرُ وَلاَ يُغْنِى عَنكَ شَيْئًا. يا أَبَتِ إِنّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا. يا أَبَتِ لاَ تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا. يا أَبَتِ إِنّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مّنَ الرَّحْمَانِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا. قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ ألِهَتِي يا إِبْراهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لأرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا. قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا. وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبّى عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَاء رَبّى شَقِيّا". (مريم: 41- 48).
ورغم أن لغة الحوار عند سيدنا إبراهيم عليه السلام اتسمت بالهدوء واللين والحسنى، إلا أن رد آزر كان كرد كل مختال عنيد، فقد توعد آزر إبراهيم عليه السلام بالرجم، وذلك بقوله: "لَأَرْجُمَنَّكَ".
ثم تجاسر آزر أكثر من ذلك، ممعنا بقطع صلة الرحم مع ابن أخيه، وذلك من خلال مطالبته بالابتعاد عنه أبديا بالقول: "اهْجُرْنِي مَلِيًّا"، إذ ما أصررت على دعوتي لما تعبد، وهذا يدل على انهزامية آزر، لأن وجود النبي إبراهيم عليه السلام بقرب آزر قد يسبب له توهينا في العقيدة؛ وهو ما حدا به لطرده، وما ذلك إلا ضعف بحجة آزر فيما يعبد.
وعلى الرغم من قسوة ردود آزر على إبراهيم عليه السلام، وما صدر عنه من تهديد ووعيد، لم يأتي سيدنا إبراهيم بغير الحسنى من قول وفعل، فبمقابل غلظة وحِدَّة آزر، جاءت كلمات إبراهيم عليه السلام لتشي بالمحبة والسلام، بقوله: "سَلَامٌ عَلَيْكَ ۖ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي ۖ إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا".
مصير آزر يوم القيامة
روى البخاري في صحيحه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: "يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة، وعلى وجه آزر قترة وغبرة، فيقول له إبراهيم: ألم أقل لك لا تعصني، فيقول أبوه: فاليوم لا أعصيك، فيقول إبراهيم: يا رب إنك وعدتني ألَّا تخزيني يوم يبعثون، فأي خزي أخزى من أبي الأبعد؟ فيقول الله تعالى: إني حرمت الجنة على الكافرين، ثم يقال: يا إبراهيم، ما تحت رجليك؟ فينظر، فإذا هو بذيخ ملتطخ، فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النار".
اللقاء الأخير
هذا الحديث يرسم ملامح لقاء أخير بين إبراهيم مع آزر، وهو حوار أخير بين إبراهيم وآزر، وهو رجاء أخير من آزر يتمنَّى قبوله، حوار مؤلم بين النبي الصالح، والعم الكافر الذي أبى واستكبر، وقد جاء في الحديث: "وعلى وجه آزر قترة وغبرة"؛ أي: وعلى وجه آزر آثار الكرب والسواد والشدة، والكآبة والحزن.
ثم يقول سيدنا إبراهيم عليه السلام، لآزر: "ألم أقل لك لا تعصني"، وكان ذلك في الحياة الدنيا، كما قصَّ الله تعالى ذلك في سورة مريم، حاكيًا عن نصح إبراهيم لأبيه: "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا * قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا". (مريم: 41 – 46).
وهنا تأتي إجابة سريعة بلا تفكُّر ولا تردُّد "فاليوم لا أعصيك"، وفي رواية يقول إبراهيم: "قد نهيتك عن هذا فعصيتني"، فيقول آزر: "لكنني لا أعصيك واحدة"، وهذه كلمة مفادها أن اليوم أعود، اليوم أرجع، اليوم أتوب، اليوم أسلم لله، اليوم أستسلم، ولكن كما قال الله تعالى لفرعون: "آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ". (يونس: 91)، لقد فاتت الفرصة، ولا ينفع اليوم الندم كما لا تنفع الطاعة.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
