الطريق الإقليمي.. غياب المعايير أم غياب الصيانة والرقابة؟!
لم يكن الموت قدرًا مباغتًا في حادث الطريق الإقليمي بالمنوفية بقدر ما كان نتيجة منطقية لطريق مُهمل، ونظام نقل فوضوي، وغفلة لا تليق بوطن يحتفي بتحديث الطرق ويحتفل بشبكات مصنفة عالميًا.
الفتيات لم يخرجن في نزهة، خرجن يحملن آمالًا بسيطة، فقط من أجل حفنة جنيهات يسدّدن بها رمق الأيام. ما جرى لم يكن حادث سير عابر، بل صورة دامغة لانهيار أخلاقي وتقني في ملف سلامة الطرق.
الطريق الذي شهد هذه الفاجعة يُعد من أبرز مشاريع الدولة في شبكة الطرق السريعة الجديدة، وهو الطريق الإقليمي الذي يلتف حول القاهرة الكبرى ويمر بمحافظات عدة، من بينها المنوفية. لكنه، رغم حداثته الظاهرة، تحوّل إلى شَرَك قاتل.
الأهالي تحدّثوا عن ضعف في الإضاءة، غياب للعلامات التحذيرية، وانعدام الرقابة المرورية الفعلية. وسجلات الحوادث على هذا الطريق، تحديدًا، لم تتوقف عند هذه المأساة، فقد شهد خلال الأسابيع الماضية حوادث دامية أخرى، من بينها تصادم بين خمس مركبات عند مدينة السادات بسبب سوء الرؤية وعدم وجود تحذيرات كافية.
ما يدعو للأسى أن مصر بالفعل حققت انخفاضًا في عدد الوفيات الناتجة عن حوادث الطرق، فقد أظهرت تقارير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن عدد الوفيات في عام 2024 بلغ 5,260 حالة، بانخفاض 10.3٪ عن العام السابق، إلا أن الإصابات ارتفعت بنسبة 7.5٪ لتصل إلى 76,362 إصابة، مما يعني أن الحوادث لم تقل، بل إن أثرها أصبح أشد وأطول أمدًا على الأسر والمجتمع.
والعاصمة القاهرة وحدها سجلت أعلى عدد وفيات، متجاوزة 760 حالة في العام نفسه. ورغم الإنفاق الضخم على البنية التحتية، إلا أن مصر لا تزال تُسجّل معدلات وفيات من أعلى المعدلات عالميًا، بنحو 42 حالة وفاة لكل 100 ألف نسمة، وفق بيانات منظمة الصحة العالمية، ما يثير تساؤلات قاسية حول مدى كفاءة الرقابة، وحقيقة تطبيق معايير السلامة، لا سيما في مناطق بعيدة عن عدسات الكاميرات.
بعد كل حادثة دامية، نشهد المشهد نفسه: نعي رسمي باهت، تحقيقات عاجلة سرعان ما تُنسى، ثم تعود العجلات تدور على نفس الطرق، ويعود الناس يسيرون إلى مصيرهم المحتوم. لكن حادث بنات المنوفية يجب ألا يمرّ كغيره، لأنه ليس مجرد رقم في سجل الوفيات، بل جرس إنذار مرير يقول أن ما نراه على الأرض أبعد ما يكون عن الإنجاز، وأن طريقًا بلا أمأن ليس تقدمًا بل خطر مقنّع.
هذه الدماء ليست لعنة عابرة، بل رسالة قاسية تقول إن التحديث لا يصير تحديثًا إلا إذا امتزج بالعدالة، وأن الرصف لا يكون إنجازًا إذا غابت عنه الرحمة، وأن شبكة الطرق لا تكتمل إلا حين تتأسس على الأنسان لا على الخرسانة فقط.
لا يكفي أن نبني طرقًا واسعة، بل علينا أن نؤمّنها، أن نراقبها، أن نمنع أن تُصبح مقابر للفقراء، أن نُدرك أن الحياة ليست أولوية إذا لم تكن الكرامة والنجاة في قلب أي مشروع. الرحمة لضحايا الطريق، والخجل لكل من اعتاد أن يغض الطرف أو يبرر كل فشل بشماعة القدر.
ورغم التقدم الكبير في مجالات البنية التحتية وخصوصا الطرق، فلا تزال هناك فجوة نوعية بين البنية التحتية للطرق في مصر ونظيراتها في الدول المتقدمة. ففي حين تركز مصر على التوسع الكمي، تعتمد الدول المتقدمة مثل هولندا وسويسرا وسنغافورة على أنظمة ذكية لإدارة المرور، ومراقبة الجودة، وتكامل النقل متعدد الوسائط، إلى جانب صيانة دورية صارمة تعتمد على بيانات آنية وتحليل سلوك السائقين، وإنشاء الطرق طبقا للمواصفات والأكواد العالمية التي تحقق السلامة والأمان.
فمتى تتكامل الانجازات.. متى نلتزم بتطبيق المعايير والأكواد العالمية.. متى تضاهي جودة الطرق في الأرياف جودتها في العاصمة الجديدة والعلمين وغيرهما؟!
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
