رئيس التحرير
عصام كامل

المأساة تطفئ بهجة الإنجاز!

تقدمت مصر في مؤشرات جودة الطرق.. نعم! مصر أنجزت شبكة طرق ضخمة.. نعم.. وهذا من باب الإنصاف! لكن هل تراجعت معدلات حوادث الطرق وأعداد الضحايا؟ وما هو السر في تفاقم تلك الحوادث حتى بلغت ذروتها بحادث المنوفية الذي حصد 18 من بناتنا على الطريق الإقليمي؟ 

هل هو غياب الصيانة أم غياب الرقابة على السائقين وخصوصًا سائقي النقل الثقيل الذين وقع كثير منهم في فخ المخدرات.. ولماذا لا يتم تشديد الرقابة عليهم وعمل كشف مخدرات مفاجئ على الطرق لمنع الكوارث قبل وقوعها؟!

 
هناك حوادث طرق مأسأوية تحصد أرواح أبرياء ربما تجاوز عددهم عدد ضحايا الحروب، ما يكشف عن ثغرات خطيرة في منظومة النقل، وسلامة الطرق، وشروط العمل، وسط غياب فعّال للرقابة والمساءلة. 

كم خسرت مصر من جراء الإهمال؟!

هذا السؤال طرحته قبل سنوات في مقالات عديدة، ورجوت لو أن جهة علمية بحثية أجرت إحصاء دقيقًا لما خسرته مصر جراء الإهمال البشري الذي فاق كل تصور.. لنرى كيف كان الإهمال ولا يزال عدوانًا غاشمًا على الدولة والمواطن والمستقبل.. ولندرك كيف أن الإهمال والفساد فاقا في خطورتهما وتبعاتهما ضراوة الإرهاب.. وثلاثتهم عدو للتقدم والتنمية اللذين يصبح الحديث عنهما في ظل تعافي ثالوث الخطر وإمساكه بتلابيب المصريين عبثًا لا طائل منه.


ما حدث أخيرًا في محافظة المنوفية من كارثة إنسانية فقدت بسببها قرية كفر السنابسة ثماني عشرة زهرة من بناتها في حادث مروري خرجن صباحًا يحملن آمالًا بسيطة ويسعين خلف لقمة العيش لتتحول رحلتهن إلى مأساة لا توصف يعيد طرح السؤال من جديد: متى يتوقف الإهمال؟!


الحادث لم يكن مجرد تصادم مركبتين بل كشف عن عمق التراخي وغياب الضمير سواء من تسبب فيه برعونته أو من غضّ الطرف عن حالة الطريق الذي تحول إلى مصيدة موت منذ سنوات!


تكشفت الحقائق سريعًا وتبين أن سائق الشاحنة المتسببة في الحادث كان تحت تأثير المخدرات ولم يكن لديه رخصة، سلوك وهو ما يدق ناقوس الخطر حول حالة كثير من سائقي النقل الثقيل الذين يُفترض أنهم مسؤولون عن أرواح العشرات على الطرق اليومية وازداد المشهد قتامة حين وُصف الطريق الإقليمي بأنه طريق الموت بالنظر إلى تكرار الحوادث عليه وعدم وجود إشارات مرورية كافية أو فواصل آمنة مما يضاعف من احتمالية الكوارث كلما غابت صيانته أو جرى تجاهل ضحاياه.


المسئولية المباشرة تقع على عاتق القيادة المتهورة حتمًا لكنها لا تقف عند حدوها الضيقة، بل تتخطاها إلى جهات تتحمل ضمنيًّا جانبًا كبيرًا من الإهمال في تطوير الطريق وتأمينه، بينما تغيب الرقابة الفعلية على سائقين كثيرين ليسوا براء من تعاطي المخدرات.. 

كما تغيب بالدرجة ذاتها الرقابة على عمالة الأطفال وخصوصًا العاملات الموسميات اللاتي ظهر فجأة أنهن بلا بيئة عمل آمنة تحقق لهن شروط التوظيف أو وسائل التنقل الآمنة ما يعكس هشاشة منظومة الحماية الاجتماعية بالكامل.
 

الدول المتقدمة تولي أهمية قصوى لسلامة المشاة وراكبي الدراجات، وتدمج مفاهيم الاستدامة البيئية في تصميم الطرق، مثل استخدام الأسفلت المعاد تدويره، وتقنيات تقليل الانبعاثات. أما في مصر، فرغم إنخفاض وفيات الحوادث بنسبة 28.6% خلال السنوات الأخيرة، فلا تزال بعض الطرق تعاني من ضعف الإنارة، وغياب الرقابة على السرعة، وتكرار الحوادث في بعض المحاور مثل الطريق الإقليمي.


الدول المتقدمة تعتمد على مؤشرات أداء دقيقة لتقييم الطرق، مثل زمن الاستجابة للحوادث، ومستوى الخدمة، ونسبة الحوادث لكل مليون كيلومتر، بينما لا تزال هذه المؤشرات في مصر في طور التأسيس أو غير معلنة بشكل دوري.. وهو ما نرجو التركيز عليه خلال الفترة المقبلة لنجنى ثمار الطفرة الكبيرة في مشروعات الطرق والمواصلات التي تحققت في السنوات العشر الأخيرة.


أن ما حدث لبنات كفر السنابسة يجب ألا يمر كحادث عابر بل يستدعي وقفة وطنية جادة تتجسد في وضع قواعد صارمة لفحص سائقي النقل دوريًا، وتغليظ عقوبات من يثبت تعاطيه للمخدرات، إلى جانب إعادة تأهيل الطرق الإقليمية، وتزويدها بالكاميرات والحواجز الآمنة، والتوسع في حظر سير الشاحنات في أوقات الذروة، والأهم من ذلك إنشاء مظلة تأمينية شاملة للعاملات في القطاع غير الرسمي، وتوفير وسائل نقل تخضع للرقابة.


فاجعة بنات كفر السنابسة بالمنوفية ليست مجرد حادث طريق بل صرخة ألم في وجه الإهمال، ورسالة موجهة إلى كل مسؤول ما زال يظن أن الأرواح تُقاس بالأرقام، أو أن الصمت كافٍ لامتصاص الحزن، فمن خرجت صباحًا تحمل أحلامها لن تعود، وعلى الدولة أن ترد الاعتبار بقرارات لا تقبل التأجيل، لأن حياة البشر ليست هامشًا في جداول الأنفاق، ولا رقمًا في ملفات المرور.. فمتى يصبح رضا المواطن والحفاظ على حياته معيار العمل والنجاح والإنجاز؟!

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية