رئيس التحرير
عصام كامل

أصوات المبتهلين تطير بالقلوب إلى الأراضي المقدسة.. طه الفشني صوت يُلبِّي من عرفات.. ونصر الدين طوبار يحاكي مشهد البكاء والرجاء

الكعبة، فيتو
الكعبة، فيتو
18 حجم الخط

في الحج، تغمر الحجيج حالة روحانية فريدة.. يتخففون فيها من أثقال الدنيا، ويتوجهون بكل جوارحهم نحو الله، كأن كل ما كان يربطهم بهذه الحياة الفانية يتضاءل.. وتصبح الروح معلقة بخالقها.. يسكنها شوق جارف إلى بيته الحرام الذي تتوحد فيه الأرواح على نداء واحد: "لبيك اللهم لبيك".

وهذه اللحظات والمشاعر الصادقة لم تبق حبيسة اللحظة أو المكان، بل انسابت على مدار السنوات من خلال الابتهالات كنسيم خفيف يطرق أبواب المسلمين من كل حدب وصوب، فيلامس قلوبهم وأرواحهم، فقد تجلت عبر أصوات المبتهلين معاني الخشوع والتضرع في عرفات، والرجاء عند زمزم، والمناجاة في الطواف، فروت عطش القلوب المشتاقة، وأضحت جسرا يعبر عليه من لم يستطع للحج سبيلا، فيذهب إلى تلك البقعة المطهرة بخياله وروحه.

تماما كما فعل الشيخ طه الفشني، الذي ولد عام 1900 ورحل في ديسمبر 1971، في ابتهاله "وفي عرفات تلبية”، حيث حمل المستمعين عبر صوته إلى أجواء هذا الركن الأهم في الحج، فيقول في مطلع ابتهاله “وفي عرفات تلبية وذكر.. تموج بها الحناجر في الزحام ” وينقل مشاعره في هذه اللحظات فيقول “هذه مصابيحي وذي تسابيحي.. في خلوة الروح.. في عالم الغيب لبيك ياربي”.

وكما وصف الشيخ طه الفشني أجواء عرفات عبر المبتهل الشيخ سيد النقشبندي، المولود في 7 يناير 1920، والذي رحل في 14 فبراير 1976، في ابتهاله “أرض بها عرفات الله” عن حبه العميق للأرض التي تحوي عرفات تقديرا منه لهذا المكان المقدس، فيقول في ابتهاله “أرض بها عرفات الله.. يعشقها قلبي ويشدو بها في العالمين فمي.. إذا ترنم حادي العيس، ذكرني ركاب الحجيج بها في الأشهر الحُرم”.

أما الشيخ نصر الدين طوبار، المولود عام 1920 والمتوفى عام 1986، فقد تغنى ببعض الأماكن التي يكون بها الحجاج في تلك الأرض الطاهرة، كما عبر عن هيبة الوقوف بعرفات وخشوع الحجاج في هذا المشهد العظيم في ابتهاله الخالد “بين الحجيج” والذي يقول أحد مقاطعه "ما بين زمزم والحطيم تراهم… والركن والجبل الأشم حراء..  وهناك في عرفات كل خاشع.. هيمان بين ضراعة وبكاء”، ويصعب ألا يلامس صوت طوبار القلوب خاصة أن كلماته كانت بمثابة مرآة صادقة للحجيج وهم واقفون بين يدي الله، خاشعين، باكين، لا يملكون إلا الدعاء والتضرع. 

وإن كان طوبار قد رصد المشهد المهيب في عرفات والمشاعر الصادقة التي تتملك الحجاج، فإن الشيخ يوسف البهتيمي، المولود عام 1922 والمتوفى عام 1969، حرص على أن يعبر عن مشاعره التي يكنها تجاه الكعبة وذلك في ابتهال “أهواك يا كعبة الأنوار” حيث كشف فيه عن الشوق الكبير إليها فقال في المطلع: “أهواك يا كعبة الأنوار أهواك.. وأقطع العمر مشتاقًا للقياك.. يا ربة الحرم العالي الأمين لمن.. وافاكي من أين هذا النور لولاك.. لقد حملت بباب المصطفى أملي.. وقلت للنفس بالمأمول بشراك” وفي هذا الابتهال بدت الكعبة كمعشوقة يظل القلب متعلّقًا بها مهما طال الغياب أو صعب اللقاء، وجاء صوت البهتيمي في هذا الابتهال محملا باشتياق لا يهدأ، وانسابت كلماته لتعبر عن لحظة روحية خالصة من الحب والإجلال لبيت الله.

وفي ابتهاله “حُجّاج بيت الله طوفوا واسعدوا”، انتقل المبتهل الشيخ علي الزاوي، الذي رحل يوم 13 نوفمبر عام 2009،  إلى الطواف، وهو من أعظم المشاهد التي يعيش فيها المسلم لحظة روحية نادرة، حيث تتجسد فيها سعادة زيارة بيت الله ورؤيته، ونشوة القرب من الخالق، وهو ما وصفه الزاوي في مطلع ابتهاله حيث قال “حجاج بيت الله طوفوا واسعدوا.. بالقرب منه واسألوه متابا.. الله جمعكم بأطهر بقعة.. وحباكم كرمًا وفضلًا طابًا".

وإذا كان الشيخ علي الزاوي قد أنشد من قلب بيت الله، ورسم بكلماته صورة نابضة للحجيج وهم يطوفون بفرح وسعادة، فإن الشيخ سيد محمد حسن، المولود في 25 أكتوبر عام 1943 عاد بنا خطوة إلى الوراء، إلى ما قبل الوصول، إلى لحظة الانتظار المعلقة بين الرجاء والدعاء، ففي ابتهاله "يحن إلى أرض الحجاز فؤادي” تجلى صوت من لم يُكتب له الحج بعد، اللحظة هنا لحظة شوق صاف، لا يملك فيها القلب إلا أن يبعث أشواقه إلى مكة، بينما الجسد لا يزال بعيدًا، حيث يقول في الابتهال “"يحن إلى أرض الحجاز فؤادي.. ويحدو اشتياقي نحو مكة حادي.. ولي أمل مازال يعلو بهمة إلى البلدة الغراء خير بلاد.. بها كعبة الله التي طاف حولها عباد هم لله خير عباد".

ويشترك معه الشيخ محمد عمران، المولود عام 1944 والذي غيبه الموت في أكتوبر عام 1994، في هذا الشوق حيث عبر هو الآخر في ابتهال حمل عنوان “يا راحلين إلى منى بقيادي”، عن اشتياق حقيقي للحج وأداء مناسكه، حيث يقول عمران في مطلع الابتهال “يا راحلين إلى منى بقيادي.. شوقتم عند الرحيل فؤادي.. سرتم وسار دليلكم.. يا وحشتي فالشوق هيمني وصوت الحادي.. فإذا وصلتم سالمين فبلغـوا مني السلام على النبي الهادي.. ويلوح لي مابين زمزم والصفا عند المقام سمعت صوت منادي.. يقول لي يا نائمًا جدَّ السُرى..عرفاتُ تجلو كل قلبٍ صادي.. من نال من عرفات نظرة ساعة.. نال السرور ونال كل مرادي”.

أما المبتهل الشيخ حسن قاسم، المولود عام 1944 والذي رحل عام 2018، فقد قدم ابتهالا شهيرا عن الحج وهو “لبيك في عرفات” والذي يأخذ مستمعيه في أحد مقاطعه إلى منى، تلك البقعة الطاهرة التي تحدث عنها بإحساس مرهف ووصفها كأم حانية تحتضن الحجيج بمحبة لا تنضب، حيث قال في ابتهاله “هذه منى بالشوق تفتح قلبها لتضمهم في لهفة للتروية... أحضانها تسع الحجيج محبة وكأنها أم رؤوم حانية"، وواصل وصف “منى” في ابتهاله فيقول “هذه منى بالأم إن شبهتها فبصورة للروح تحكي ما هي.. هي حيز بين الجبال يكاد أن يكتظ من أولي الألوف الآتية فإذا بمليونين أو بثلاثة تأتي إليها بالحجيج ملبية”، وهي كلمات أشبه بلوحة فنية تبرز الأجواء بدقة وتنبض بالحياة، أما صوت قاسم فيدخل القلوب بدون استئذان ويدفع الروح للشعور بأنها تسافر إلى تلك البقاع الطاهرة كما تتمنى وتشتاق.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية