رئيس التحرير
عصام كامل

تشابه الأسماء. طريق الأبرياء إلى السجون.. حكايات من دفتر أحوال مواطنين  تحولوا إلى متهمين لهذا السبب

السجون
السجون
18 حجم الخط

ملامح الفرحة تحولت إلى دهشة، ورحلة العمرة تبخرت، وتحول حلم السفر إلى المملكة العربية السعودية إلى رحلة الجحيم خلف قضبان السجن، بعد لحظات من ظهور اسم “خليل” على شاشة الكمبيوتر ووجود أحكام غيابية وحضورية تطارده، وهو لا يعرف عنها شيئًا. أيضًا، “محمود”، موظف سابق بإحدى الشركات، مقيم فى محافظة القاهرة، كشف عن تجربة مشابهة غيرت مجرى حياته، من مواطن صالح إلى مسجل خطر مطلوب للعدالة.

ويقول: “كنت رايح أستخرج بطاقة رقم قومى بدل فاقد، وفوجئت بأن الموظف قال لي: مطلوب ضبطك فى قضية تزوير مستندات، وحُكم عليك بالسجن 7 سنوات!.. وقعت من طولى من شدة الصدمة.. معرفش أى حاجة عن الموضوع، ولا عمرى دخلت قسم قبل كده، وأقولهم بريء محدش عايز يصدقني”.

ويضيف: “قعدت أيام محبوس لحد ما طلعوا البصمة، وطلع أن المتهم الحقيقى اسمه محمود مشابه لاسمى ثلاثي، لكنه من أحد مراكز محافظة بنى سويف، وأنا من القاهرة. اتدمرت سمعتي، وخسرت عملى بسبب الغياب واتهامى فى قضية، ولحد النهارده مش قادر أنسى اللى حصل”.

حكايات من دفتر أحوال مواطنين تدمرت حياتهم بسبب تشابه الأسماء… مأساة متكررة يعانى منها الآلاف من المصريين بسبب أزمة “تشابه الأسماء”.

لا يكاد يمر أسبوع دون أن نسمع عن مواطن ألقى القبض عليه أثناء سفر أو تجديد أوراق رسمية، ليتفاجأ بأنه مطلوب على ذمة قضايا لا يعرف عنها شيئًا… بعضهم يسجن، وآخرون يمنعون من السفر، بينما تُدمر حياة كثيرين بسبب مجرد تطابق فى الاسم الرباعى أو الرقم القومى جزئيًا مع شخص آخر… عشرات الحالات التى تحول فيها الأبرياء إلى متهمين، وتعرضوا لعواقب قانونية واجتماعية خطيرة… يفتح محقق “فيتو” ملف أزمة تشابه الأسماء.

أحيانًا يجد المواطن نفسه متورطًا فى قضايا مخدرات أو نصب أو قتل، وهو لا يعلم عنها شيئًا، تكون المشكلة ذات أبعاد متعددة، ما بين نظرة المجتمع إليه على أنه مذنب –صاحب سوابق– وهروب المتهم الحقيقى من العدالة، والمواطن البريء داخل السجن يبحث عن القضية لكشف أصلها وبدء رحلة الدفاع عن نفسه، ليدخل ساحة القضاء ويدفع ظلما وقع عليه دون أن يرتكب ذنبًا، ولكن فى الطريق قد يفقد سمعته أو وظيفته أو يبتعد الجميع عنه.

ماذا تفعل لو وجدت نفسك متورطًا فى تشابه أسماء؟

يوضح الخبير القانونى ممدوح عبد الجواد أنه إذا تعرض المواطن لموقف مشابه، فعليه اتخاذ الخطوات التالية:

- التوجه فورًا إلى أقرب قسم شرطة لطلب التحقق من هويته باستخدام البصمات.

- تقديم طلب للنيابة العامة لإعادة فحص أوراق القضية وربطها بالبصمة الوراثية أو الفوتوغرافية.

- استكمال الخطوات باستخراج شهادة من مصلحة الأدلة الجنائية تؤكد أنه ليس المتهم الحقيقي.

- رفع دعوى تعويض ضد الضرر المادى والمعنوى الذى لحق به، إذا ثبت الخطأ.

هل يعالج قانون الإجراءات الجنائية الجديد الأزمة؟

مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، الذى يُناقش حاليًا، يتضمن مواد جديدة تلزم بتوثيق كامل للهوية الجنائية، تشمل البصمة والصورة والرقم القومي، فى محاولة للحد من أزمات التشابه.

وأقر مجلس النواب مادة للقضاء على ظاهرة تشابه الأسماء فى قانون الإجراءات الجنائية الجديد فى شهر يناير 2025، حيث تقضى المادة 107، حسبما انتهى إليها مجلس النواب، بأنه يجب أن يشمل كل أمر اسم المتهم، ولقبه، ومهنته، ومحل إقامته، ورقمه القومى أو رقم وثيقة سفره، وموطنه إذا كان أجنبيًا، والتهمة المنسوبة إليه، وتاريخ الأمر، وتوقيع عضو النيابة العامة والختم الرسمي. ويشمل أمر الحضور ميعادًا محددًا.

وشددت الفقرة الثانية على ضرورة أن يتضمن أمر الضبط والإحضار أسبابه، وتكليف رجال السلطة العامة بالقبض على المتهم وضبطه وإحضاره أمام عضو النيابة العامة إذا رفض الحضور طوعًا فى الحال.

وبدوره، أكد المستشار الدكتور حنفى جبالي، رئيس مجلس النواب، أن هذه المادة، بما تضمنته من اشتراط صدور الأوامر متضمنة الرقم القومي، من شأنها القضاء على ظاهرة تشابه الأسماء، الأمر الذى عانى منه الكثيرون سابقًا، فى محاولة للحد من هذه الظاهرة التى تؤرق المواطنين.

أزمة تشابه الأسماء ليست جديدة وتفاقمت مع زيادة السكان

حول الواقع والإمكانات فى أزمة تشابه الأسماء، أوضح مصدر مسئول أن أزمة تشابه الأسماء ليست جديدة، لكنها تفاقمت مع زيادة عدد السكان وتراكم الأحكام القضائية. وفى بعض الأحيان، تُجبر الجهات التنفيذية على التحفظ على الشخص المطابق اسمه وبياناته مع المطلوب، حتى تنتهى الجهات المختصة من فحص البصمة والصورة.

وأضاف المصدر الأمنى أن تكنولوجيا المعلومات قادرة على حل الأزمة بنسبة كبيرة، بشرط تحديث قواعد البيانات وربطها فى لحظتها، لكننا نحتاج إلى تعديلات تشريعية وتدريب العنصر البشرى بشكل أكبر.

الداخلية ليست خصمًا للمواطن فى هذه الحالات

وأشار المصدر إلى أن وزارة الداخلية ليست خصمًا للمواطن فى هذه الحالات، لكنها ملتزمة بتنفيذ الأحكام القضائية، وهنا تأتى أهمية سرعة إجراءات التظلم والتحقق من الهوية، وفى السنوات الأخيرة، بدأت الوزارة بالفعل فى استخدام نظام إلكترونى متطور لتمييز الأسماء المكررة وربطها بالبصمة والصورة.

واستطرد المصدر حديثه قائلًا: “أحيانًا نواجه ضغوطًا من المواطنين الغاضبين من الشرطة، وهذا حقهم، لكننا نتعامل وفق القانون، ومطلوب من المواطن أن يسعى لإثبات هويته، ونحن بدورنا نرفع الأوراق للنيابة، وفور التأكد يتم إخلاء سبيله”.

أزمة تشابه الأسماء سببها عدم ربط الأحكام بالرقم القومي

أكد اللواء معز الدين السبكي، مدير إدارة تنفيذ الأحكام الأسبق، أن وزارة الداخلية لا تتحمل مسئولية ما يحدث من أزمات بسبب تشابه الأسماء بين المواطنين، مشيرًا إلى أن الخطأ الأساسى يقع على صاحب الحق، إذا لم يُدرج الرقم القومى للمتهم عند تحرير المحضر أو إيصالات الأمانة.

وأوضح السبكى أن أحكام المحكمة تصل إلى جهات التنفيذ أحيانًا مدونة فيها الاسم والحكم، دون أى بيانات إضافية، مما يفتح الباب لتكرار الأخطاء، خاصةً عند تشابه الأسماء الرباعية.

وأضاف أن وزارة العدل هى المسئولة عن إرسال كافة البيانات الدقيقة فى الأحكام والقرارات، كالعمر، ومكان الواقعة، وتوقيتها، حتى تتمكن الأجهزة الأمنية من التدقيق والتحقق قبل القبض على أى شخص.

وأشار إلى أن وزارة الداخلية تقوم بإجراءات دقيقة عند الاشتباه فى أى مواطن، تشمل مطابقة بيانات السن، والعنوان، والرقم القومي، وأوصاف المحكوم عليه، واسم الأم، إلا أن المشكلة تتكرر فى الأكمنة والموانئ والمطارات، حين يتطابق اسم بريء مع شخص هارب من أحكام.

وشدد اللواء معز السبكى على أن الاعتماد فى الأحكام على الاسم الثلاثى أو محل الإقامة فقط يعد خطأ جوهريًا، وأن الحل الجذرى يكمن فى ربط كل الأحكام والقرارات القضائية بالرقم القومي، بما يضمن الدقة الكاملة ويُنهى هذه المعاناة.

وأضاف: “حين يُقبض على شخص لتشابه اسمه مع آخر مطلوب، يُعرض على النيابة العامة التى تباشر التحقيق، ويبدأ التحقق من بياناته الشخصية ومقارنتها مع المحكوم عليه، ومن ثم تُجرى تحريات المباحث ويتم الإفراج عنه إذا ثبتت براءته”.

واختتم الخبير الأمنى تصريحاته بأن من يعانى من تكرار هذه المشكلة يمكنه تقديم طلب رسمى لوزارة الداخلية لرفع اسمه من على أجهزة الحاسب الآلى والتأكيد على عدم صلته بالقضايا محل التشابه.

حلول ومقترحات لإنهاء كابوس التشابه

أكد خبراء أمنيون معنيون بذات القضايا أن تشابه الأسماء ليس فقط أزمة قانونية، بل مأساة إنسانية تهدد حياة الأبرياء وتحوّل مصائرهم إلى جحيم، لا لذنب ارتكبوه، بل لاسم حملوه. ويبقى الأمل فى تحديث منظومة العدالة ومراجعة التشريعات، حتى لا يدفع الشرفاء ثمن أخطاء لا تخصهم، ويتحمل رجال الشرطة ثمن القبض على مواطن عن طريق الخطأ.

وأوصى الخبراء بعدة مقترحات، منها:

ميكنة كاملة للبيانات الجنائية وربطها ببصمة الإصبع والعين، إلزام الجهات القضائية والشرطية بمطابقة الصورة والبصمة قبل تنفيذ أى حكم، إنشاء منصة موحدة يستطيع المواطن من خلالها مراجعة موقفه القانونى بشكل دوري، تعديل تشريعى يمنع توقيف أى شخص إلا بعد التحقق التام من هويته ببصمته، حملات توعية مستمرة حول كيفية التعامل مع حالات الاشتباه أو تشابه الأسماء.

خبراء القانون يضعون حلولًا لتشابه الأسماء.. السر فى الرقم القومي

يقول الخبير القانونى إسماعيل بركة إن الأزمة تظهر بوضوح عند الكشف الأمنى فى الكمائن أو أثناء التقديم للوظائف، حيث يفاجأ المواطن بوجود أحكام صادرة ضده وهو لا يعلم عنها شيئًا. وبالفحص، يتبيّن أن السبب هو تشابه اسمه مع آخرين دون التأكد من هويتهم الحقيقية.

ويضيف بركة أن الخلل يبدأ من تحرير المحضر دون استيفاء كامل للبيانات، مثل الرقم القومى أو عنوان المشكو فى حقه أو رقم هاتفه، وهو ما يؤدى لاحقًا إلى خلط فى الهوية وتوجيه الاتهام إلى أبرياء.

ويوضح أن المسئولية فى هذه الحالة مشتركة بين محررى المحاضر، وموظفى التنفيذ، وجهات التحقيق.

واقترح بركة سبعة إجراءات عملية للتخلص من الأزمة، تبدأ بتقديم طلب لرئيس النيابة المختصة لإجراء التحريات، واستخراج شهادة تصرفات من قسم الشرطة، وتصوير المحضر المعنى بالتشابه، ثم مخاطبة المباحث لإثبات أن الشخص المقبوض عليه غير مطلوب، ورفع معارضة بالحكم، والدفع بعدم جواز نظرها، وانتهاءً بالحصول على خطاب من مديرية الأمن للتأكيد أن القضية تخص شخصًا آخر.

تشابه الأسماء فى الأحكام القديمة

من جانبه، أشار الخبير القانونى أشرف ناجى إلى أن أزمة تشابه الأسماء تتجذر فى الأحكام القديمة غير المغلقة، والتى لم تُربط بعد بالرقم القومي.

وأضاف أن الحلول تبدأ بفحص الرقم القومى والعنوان، وإجراء تحريات، بل أحيانًا يتم استدعاء المجنى عليه أو الشاكى للتعرف على المتهم.

ويرى ناجى أن من أهم الخطوات الحالية هو سؤال المتهم عن اسم والدته أثناء التحقيق، وإثباته فى ملف القضية، حتى يُستخدم لاحقًا فى حالة تكرار التشابه.

إجراءات قضائية للحد من المشكلة

ويؤكد القاضٍى السابق بمحكمة الجنايات، المستشار محمد محمد، أن الأزمة تتكرر عند استخراج بطاقة الرقم القومى أو الشهادات الضريبية والجنائية، مشيرًا إلى أن الحل يقع فى يد النيابة والشرطة من خلال إلزامهما بإرفاق صورة الرقم القومى فى ملف القضية، وضرورة أن ترتبط قرارات الضبط والإحضار بالرقم القومي، وليس فقط بالأسماء.

وأضاف أن من أبرز الوسائل التى تحد من هذه الأزمة: تسجيل اسم الأم، توقيع المتهم بخط يده، وأخذ بصمته فى المحاضر، إضافة إلى مراجعة بياناته داخل سرايا النيابات قبل اتخاذ أى إجراء قضائي.

واقعة حقيقية تجسد خطورة الأزمة

فى واقعة حقيقية تجسد خطورة أزمة تشابه الأسماء، قضت محكمة النقض ببراءة مواطن حُكم عليه بالسجن 10 سنوات فى قضية هجرة غير شرعية، بعد أن ثبت أن ما حدث كان مجرد تشابه أسماء. وقدَّم المتهم ما يثبت أن اسم والدته مختلف عن الشخص المدان، فتم إلغاء الحكم والإفراج عنه، بعد سنوات من الظلم.

 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية