عيد مصري مش ديني، أصل تسمية شم النسيم والاحتفال به
"شم النسيم" أحد أقدم الأعياد التي عرفها الإنسان، ويحتفل به المصريون منذ آلاف السنين، إذ ترجع أصوله إلى الحضارة الفرعونية، وعلى الرغم من أنه ليس عيدا دينيًا، إلا أنه ظل باقيا لآلاف السنين.
يحتفل به المصريون سنويًا في فصل الربيع، ويتميز بطقوس خاصة وأطعمة تقليدية مثل الفسيخ والبصل والملانة، إلى جانب الخروج إلى المتنزهات والحدائق العامة، في أجواء احتفالية يتشاركها الجميع من مختلف الديانات والطبقات الاجتماعية.
لكن رغم الانتشار الواسع لهذا العيد في مصر، يظل سؤال "لماذا سُمي شم النسيم بهذا الاسم؟" حاضرًا في أذهان كثيرين، لا سيما أن التسمية تبدو بسيطة في ظاهرها، لكنها تحمل في طياتها عمقًا تاريخيًا وثقافيًا لافتًا.
الأصل الفرعوني لعيد شم النسيم

بدأ المصريون القدماء الاحتفال بشم النسيم في ما يُعرف بعيد "شمو"، وهو عيد يرمز إلى بعث الحياة وتجددها، ويوافق يوم الانقلاب الربيعي، حين تتساوى ساعات الليل والنهار. وكان "شمو" أحد الأعياد المقدسة التي تُقام فيها الطقوس الدينية في المعابد، وتُقدَّم فيه القرابين للآلهة، كما يرتبط بطقوس الزراعة والحصاد، إذ يمثل بداية موسم الزراعة في مصر القديمة.
كلمة "شمو" باللغة الهيروغليفية تتكون من مقطعين: "شِم" وتعني الحياة أو التجدد، و"وو" التي تشير إلى الربيع، ومن هنا أُخذ المعنى الكامل لكلمة "شمو" على أنه عيد الحياة أو عيد بعث الطبيعة. ومع مرور الزمن، تحولت الكلمة إلى "شم" في اللغة العربية الدارجة، ثم أُضيفت إليها كلمة "النسيم" في إشارة إلى الطقس المعتدل والهواء العليل الذي يميز هذا اليوم من أيام السنة، خاصة مع بداية دخول فصل الربيع.
تطور التسمية عبر العصور
مع دخول العرب والمسلمين مصر، لم يُمنع الاحتفال بشم النسيم، بل استمر المصريون في الاحتفال به، وتقبله المجتمع المسلم كعيد شعبي لا يرتبط بعقيدة دينية بعينها، بل يُحتفى فيه بالطبيعة والتآلف الاجتماعي. وفي تلك الفترة، أخذ الاسم يتطور تدريجيًا في اللغة المحكية ليصبح "شم النسيم"، في إشارة إلى عادة الخروج لاستنشاق الهواء النقي في هذا اليوم، والذي كان يُعد أول أيام الربيع الحقيقي.
يُعتقد أن إضافة كلمة "النسيم" جاءت لاحقًا لتوصيف الطقس اللطيف الذي يصاحب الاحتفال، حيث يخرج الناس إلى الحقول والحدائق ويشمّون "نسيم" الهواء، أي يستنشقون نسمات الربيع العطرة. وبذلك، صار "شم النسيم" تعبيرًا عن الطقس والنشاط معًا: هو يوم الخروج لاستنشاق الهواء والتجدد والانطلاق.
شم النسيم بين الديني والشعبي
رغم أن "شم النسيم" ليس عيدًا دينيًا في أي من الديانات السماوية، إلا أنه ظل محل قبول بين المصريين جميعًا، حتى أن المسيحيين ارتبط احتفالهم به بعيد القيامة المجيد، ويأتي شم النسيم دائمًا في اليوم التالي لعيد القيامة في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية. أما المسلمون، فيحتفلون به كعيد شعبي وتراثي، دون ارتباط ديني، ما يعكس خصوصية الثقافة المصرية التي تدمج بين الموروث القديم والتقاليد المعاصرة.
هذا التداخل بين ما هو ديني وما هو شعبي، أضفى على العيد طابعًا فريدًا، فالمصريون لا يعتبرونه مناسبة دينية، بل مناسبة اجتماعية وفرصة للتلاقي الأسري والتواصل بين الناس. ولذلك لم يجد العيد معارضة قوية على مدار العصور، لأنه ببساطة لا يحمل طابعًا عقائديًا يهدد هوية أي مجموعة، بل هو احتفال بالحياة، وهوية مشتركة تجمع المصريين باختلاف معتقداتهم.
طقوس العيد: بين الماضي والحاضر
من الطقوس التي بقيت راسخة منذ عهد الفراعنة حتى يومنا هذا، عادة تناول البيض الملون، الذي يرمز إلى خلق الحياة من الجماد، وهي فكرة مركزية في الديانة المصرية القديمة. كما كانت الأسماك المملحة، التي أصبحت تُعرف بالفسيخ، من الأطعمة المرتبطة بالعيد منذ القدم، إذ كان حفظها بالملح وسيلة لضمان وجود الطعام لفترات طويلة في البيوت المصرية.
البصل أيضًا كان يُستخدم لطرد الأرواح الشريرة وفق المعتقد الفرعوني، ولذلك ظل ضمن المأكولات المميزة لهذا اليوم. أما الخروج إلى الطبيعة، فقد ظل جوهرًا في الاحتفال، إذ يترك الناس بيوتهم للذهاب إلى الحدائق أو النيل، ليحتفلوا وسط الزهور وتحت الشمس، في مشهد تتكرر فيه رموز الحياة والبعث.

شم النسيم في ضمير المصريين
على الرغم من بساطة الاسم "شم النسيم"، فإن ما يحمله من دلالات يتجاوز مجرد شم الهواء في يوم ربيعي. فهو احتفال بمفردات الحياة: الشمس، الهواء، الزهور، الطعام، الأسرة، التقاليد، والتواصل.
فبالرغم من ان شم النسيم ليس عيدا دينيا، إلا أنه استطاع الاحتفاظ بمكانته في الوجدان الشعبي، وأثبت قدرته على التكيف مع كل الأديان والأنظمة السياسية والتحولات الاجتماعية، حتى صار من أبرز مظاهر الهوية المصرية الخالصة.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
