معايير قرآنية لتولي المسئولية

من خلق الإنسان يعلم ما توسوس به نفسُه، الله الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.. ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير.. لقد آتيتكم في مقالي هذا بثلاث مشاهد قرآنية مختلفة لعلّنا نخرج منها بشيء يهمنا جميعا..

بسطة العلم والجسم

نبدأ بمشهد يشير إلى معيار اختيار من يتولى منصب المَلك عندما اختار الله تعالى طالوت ليقود شعبه وقومه إلى النصر على الأعداء وإلى طريق السلام والأمن والعدل.. قال تعالى في سورة البقرة الآية 246: ﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾.. 

الله تعالى أخبر أنه اختار طالوت ليتولى المُلك ليس لمال وحسب ونسب بل لعلمه وقوته، فقد كان طالوت يومئذ أعلم رجل في قومه، وكان ذو بسطة في الجسم مما يهيب العدو، وقيل إن زيادة الجسم كانت بكثرة معاني الخير والشجاعة ففضَّله عليهم بقوة الرأي والجسم اللذين بهما تتم أمور المُلك..

لأنه إذا تم رأيه وقوي على تنفيذ ما يقتضيه الرأي المُصيب، حصل بذلك قدر كبير من الكمال، ومتى فاته واحد من الأمرين إختل عليه الأمر، فلو كان قوي البدن مع ضعف الرأي، حصل في المُلك خرق وقهر ومخالفة للمشروع، قوة على غير حكمة، ولو كان عالما بالأمور وليس له قوة على تنفيذها لم يفده الرأي، ولأن الله سبحانه عليم بمن يستحق الفضل فيضعه فيه، فأزال بهذا الكلام ما في قلوب القوم من كل ريب وشك وشبهة لتبيينه أن أسباب المُلك متوفرة في طالوت.. فقد زاده الله علما، فكان أعلم بني قومه، وزاده سعة في الجسم فكان عظيما جسيما، وأهلية القيادة تحصل بهذين الأمرين..

 حفيظ عليم

ثم نأتي على المعيار التالي وهو متعلق باختيار من يتولى مسؤولية المالية والاقتصاد ولنا في إحدى مشاهد قصة النبي يوسف -عليه السلام- القدوة الحسنة والنموذج الأمثل، حين طلب يوسف من ملك مصر تولي وزارة المالية والتخطيط حين قدَّم السيرة الذاتية والتي تلخصت في كلمتين اثنتين جسدتا شخصية هذا الوزير الجديد حين  قَالَ يوسف لملك مصر: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ}(يوسف55).. 

حينئذ تأكد الملك أن يوسف هو الرجل المناسب في المكان المناسب فقال له: (إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ) أي متمكن، أمين على الأسرار فاعتمد توليته لهذا المنصب الحسَّاس المتعلق بالمصلحة العامة فجعله عَلَى خزائن  الأرض، وكيلا حافظا مدبرا، عليم بكيفية التدبير والإعطاء والمنع، وحُسن التصرف  في المال العام..

القوي الأمين

ثم نأتي على المشهد الثالث وهو معيار اختيار الأجير والعامل -وربما معيار مهم عند اختيار زوج لابنتك-، ولدينا في ذلك نموذج رائع يمثله النبي موسى -عليه السلام- حين جاء من مصر إلى مديَن هاربا من بطش فرعون بعد ارتكابه جريمة قتل رجل مصري..

وعندما حل عليه التعب، وبعد أن تأكد أنه ابتعد تماما عن جنود فرعون؛ جلس متكئًا إلى جذع شجرة وأمامه مشهد السقاة فوجد ابنتين متأخرتين بعيدا عن الرعاة، وكان أبوهما شيخا كبيرا، فقام وسقى لهما، وقيل إن الغطاء كان ثقيلا جدا، فرفعه وحده فبانت قوته للفتاتين، مما دفعهما لذكره عند أبيهم الذي طلب من إحدى ابنتيه أن تعود لتدعوه.. 

وأثناء الطريق قيل إنه  طلب من الفتاة أن تسير خلفه وتوجهه للبيت، ومن هنا تبيَّنت أمانته وعُرف حياءُه الشديد.. وفي ذلك يخبرنا القرآن في سورة القصص الآية 26 بما قالته البنت عن موسى: ﴿قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾.. 

طِبتُم ولا طابت أوهام الغافلين

قوموا إلى إنسانيتكم يرحمكم الله

أي إن موسى أولى من استؤجر، فإنه جمع القوة والأمانة، والقدرة على ما استؤجر عليه، وهذان الوصفان، ينبغي اعتبارهما في كل من يتولى للإنسان عملا، فإن الخلل لا يكون إلا بفقدِهما أو فقد إحداهما، وأما باجتماعهما، فإن العمل يتم ويكمل.. ونلاحظ في المعايير الثلاثة للمَلك ووزير المالية والأجير؛ لم يُذكر سعة المال على الإطلاق، فقط مقاييس ومعايير العلم والفهم والوعي، والأمانة والصدق والإخلاص والحكمة والرشد وقوة الجسم وسلامة البدن. 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.