رئيس التحرير
عصام كامل

قوموا إلى إنسانيتكم يرحمكم الله

18 حجم الخط

في أعيادهم -من كل سنة- تُثار التساؤلات الغريبة وتكثُر الفتاوى المستفزة مَن هنا وهناك، وتدور في فلك مشروعية تهنئة إخواننا المسيحيين في مناسباتهم السعيدة أم عدم مشروعية تهنئتهم، ونفس الجدل في جواز الترحم على أمواتهم أم عدم الجواز! 

وكالعادة يخرج علينا مَن يُحرم ومَن يُحلل ومَن يجيز ومَن يمنع ومَن ومَن! حتى وصل بالبعض أن يحكم على من يجيز لنفسه هذا الفعل على أنه يداهن الكفَّار وبهذا يكون فاسد ومارق وربما يحكمون عليه بالخروج من ملة الإسلام! وكأن الشأن عظيم والحدث جلل، وكبيرة من الكبائر! 

 

فيخرج علينا من يستغل هذه  المهاترات والترَّاهات ليزايد عليها فيزيد الفتنة تأججا ونارها حطبا.. وهنا أطرح تساؤلا: هل الذين يحَرِّمون تهنئة المسلمين للمسيحيين في أعيادهم؛ هل بالتبعية لا يَقبل  تهنئةً من المسيحيين للمسلمين في أعياد المسلمين التي يعيشها المسلم اليوم وفي باقي المناسبات! ولا تُقبل منهم تعزية في موتى المسلمين! أم أن الفتاوى أصبحت تُكال بمكيالين؟! 

ولماذا كل هذا الجدل العقيم، وكل هذا الغباء المُركَّب والمتأصل في عقول المتنطعين والمتشددين، ومن يقتفي أثرهم ثم يَتبَع تحجُّر عقولهم وعُقم أفكارهم! أليس حُسن العلاقات بين الناس وتعاملاتهم الحسنة؛ هو أسمى ما يقتضيه الدين الإسلامي بعيدا عن العبادات التي بين العبد وربه، وكذلك كل الأديان! 

 

ألم يُبعَث رسول الإسلام رحمة للعالمين جميعا وللناس كافة! ألم يقل رب المسلمين -الذي هو ربُ الناس جميعا- ألم يقل في قرآنه وهو ينهانا عن عداء الذين لم يقاتلونا في الدين أن نبرُّهم ونكون عادلين معهم !فيقول: ﴿لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ (سورة الممتحنة: 8) 

إذن ما هو البرُّ والقسط الذي يعنيه كلام الله في هذه الآية القرآنية! أليس من البرِّ أن نعامل من خالفنا في الدين معاملة حسنة ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم! ولن أتكلم في الوطنية والنسيج المجتمعي الواحد، فهذا أيضا لا يهم المتشددين المتعصبين من بعيد ولا من قريب! فلم يعتادوا عليه ولم يألفوا البر والعدل ولا تعنيهم مفهوم الوطنية والانتماء في شيء.. 

 

ودعونا نستعرض هذه الآية الكريمة التي يقول فيها رب العزة:{الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ  وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ  وَمَن يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.. 

 

فعندما يقول لنا رب العزة ورب الرحمة: طعام الذين أوتوا الكتاب حِلّ لكم وطعامكم حِلّ لهم! مما يعني أن الله قد أجاز للمسلمين أن يأكلوا في بيوت المسيحيين وهم أهل كتاب، والعكس صحيح!.. وعندما تأكل عند صديقك المسيحي ألا يستوجب هذا أن تشكره بعد تناول طعامك!؛ أم أنك دخلت عليه في صمت، وأكلت في صمت، ومشيت من عنده في صمت! وهل هذا يصح ولو من باب الأدب والذوق والإنسانية والتحضر والرقي! 

هَب أن هذا اليوم كان مصادفا لمناسبة كمناسبة العيد؛ ألا يستحق منك أن تهنئه بعيده وأن تتمنى له الخير والسعادة.. أليس هذا قياس صحيح على مشروعية تناولك طعامه، على ما ثبت بنص القرآن!؟

 

 فكيف يُحَلل الله لنا طعامهم ويُحرم علينا تهنئتهم بعيدهم أو الدعاء لهم بالرحمة أو مواساتهم في موتاهم! في الآية الكريمة تجد الله سبحانه قد أحل للمسلم الزواج بكتابية -مسيحية أو يهودية- وأن يؤتيها مهرها، وأن يُحسن معاملتها كزوجة وشريكة لحياته مثلها في ذلك مثل الزوجة المسلمة.. 

ولا بأس إن ظلت على دينها ومعتقدها فلا إكراه في الدين؛ فكيف يا تُرى سيتعامل معها زوجها حين يأتي عيدها؟! ألا يهنئها بهذا العيد ويشاركها بهجتها؛ أم يلتزم الصمت حرصا على سلامة دينه كما تقول فتاوى المتعصبين؟!

 

 

ولنعرِّج قليلا على إنسانية رسولنا الكريم حين يصفه ربه فيقول:{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}(آل عمران159).. فكيف يكون رسول الإسلام على هذا الخُلق العظيم والرحمة المهداة للعالمين وللناس كافة وتكون عقيدته قاسية أو تكون أحاديثه تَحُض على الكراهية والعداء! وهو نبي الرحمة نبي الرأفة نبي العدل!
أدوا صلاتكم التي تنهاكم عن الفحشاء والمنكر والبغي؛ ثم قوموا إلى إنسانيتكم يرحمكم الله.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية