رئيس التحرير
عصام كامل

فلسفة الأخلاق بين النسبية والإطلاق (1)

18 حجم الخط

لسنا أول من اختلف على توصيفها وتقنينها، بل إن الأخلاق والقيم مبحث قديم بدأ على ضفاف الفلسفة اليونانية، وانتقل إلى العصور الوسطى، وحديثا وفي القرن التاسع عشر نشأت علوم كثيرة بحثت في مفهوم القيم والأخلاق لأنها متعلقة بالإنسان وعلاقته بالآخر.. ولأن الأخلاق قضية إنسانية واجتماعية؛ نطرحها على طاولة النقاش.. 

 

فهل مِن تعريف مُحَدَد توافقي للأخلاق؛ أم اختلفت تعريفاتها ومفاهيمها باختلاف العصور والمجتمعات والفئات والبيئات؟! هل الأخلاق حرية شخصية وسلوكيات فردية حسب ميول الفرد وأهوائه؛ أم أن الأخلاق حقوق إنسانية مجتمعية عامة فيجب عدم المساس بها والحرص عليها؟! هل الأخلاق مقترنة بالتدين، أم هي مبادئ إنسانية عرَّفَتها الفلسفة من قديم الزمان والمكان؟! 

 

حددت الفلسفة اليونانية القديمة القيم الإنسانية في ثلاث مفاهيم: مفهوم قيمة الحق، مفهوم قيمة الجمال، ثم مفهوم قيمة الخير، وكلها مرتبطة بعلم الأخلاق الذي يدرس الصفات التي يجب أن تتوفر في الفعل الإنساني حتى يمكن أن يطلق عليه سلوك أخلاقي.. 

 

العلم الذي يحدد المعايير للفعل الذي يمكن أن يُقال عنه إنه خير، وهذا يعني أن فكرة الخير تُعد أساسا للسلوك الأخلاقي، سواء من الناحية الاجتماعية أو الدينية.. وهنا نطرح سؤال يطرح نفسه؛ هل للأخلاق سلطة؟! 

 

والجواب نعم.. لكن سلطة مختلفة عن سلطة القانون المدني والجنائي؛ سلطة الأخلاق تعني سلطة الضمير والتحكم في أهواء النفس البشرية ودوافعها؛ خيرا كانت أم شرا.. سلطة الاخلاق تتحكم في المُتع الشخصية والملذات والأهواء الفردية بدوافع من الغرائز المختلفة فتضعها في أطر إنسانية أخلاقية ليختلف أصحابها عن المجتمع الحيواني الذي لا يعقِل ولا يفقَه.. 

 

لكن  عند جماعة السفسطائيين اليونانيين رأي آخر، فهم يرون أن الفضائل ما هي إلا رذائل مقنعة! وأنه ليس لديهم مقياس ثابت لتعريف الحق والباطل، وعليه فليس لديهم مقياس يعرِّفون من خلاله مفاهيم الخير والشر. 

 

وامتدت نظرية السفسطائيين النسبية إلى مجال الأخلاق، فالأخلاق عندهم  نسبية، تتغير بتغير الزمان والمكان، وتختلف باختلاف الظروف والأحوال، فهم يرون  قوانين الأخلاق تناقض طبائع البشر، فالإنسان غايته اللذة، وأن الطبيعة البشرية ليست سوى شهوة وهوى، وأن الإنسان لن يكون سعيدا إذا خضع لقانون الأخلاق! 

 

وأن الضعفاء الذين فشلوا في إشباع أهوائهم سنوا هذه القوانين لقهر الطبيعة وكبح دوافعهم، حتى يتساوى معهم الأقوياء في الحرمان، كما أنهم أرادوا بقوانين الأخلاق حماية مصالحهم الشخصية وتفادي الخضوع لسيطرة الأقوياء! 

 

وإلى هذا الرأي يميل ويقترب الكاتب الصحفي والمؤلف علي بريشة حين يقول: من الصعب تحديد معنى مصطلح الأخلاق لأنه يختلف من شخص لآخر، كما يختلف تحديد مرجعية الأخلاق: هل مرجعيتها تعود للفرد أو للمجتمع أو لله أو للميراث الثقافي..

 

لذلك الأخلاق نسبية ومتغيرة في المفهوم والممارسة، لأنها تختلف من شخص لآخر ومن مكان وزمان ومجتمع لآخر، وهي أيضا تختلف من شخص لآخر سواء في التقييم أو في التوصيف، فالكرم الذي تمارسه أنت قد يكون عند آخر إسرافا.. والشجاعة التي يمجدها أحدهم قد يراها شخص آخر تهورا.. وهذه النسبية التي تتميز بها الأخلاق تجعلها غير قابلة لأن تكون معيارا قانونيا عند التجريم.. 

 

ويضيف بريشة: أما الأديان بشكل عام فهي الأقل تأثيرا في الأخلاق السائدة بين الناس.. فكل الأديان تدَّعي أطر أخلاقية عامة يتم تكريسها بالحكايات والأساطير والقصص التي تتحول إلى جزء من تراث المجتمع وثقافته.. وليست صدفة أن كل الأديان تدعو للعدل وكل المجتمعات المتدينة "غالبا" ما تعاني من غياب العدل.. 

 

 

لذلك فمن الأفضل احترام القانون والعدالة في تطبيق القانون الذي في إمكانه السيطرة على سلوكيات الناس في المجتمعات الحديثة "المعقدة" والتي بها أنماط مختلفة من القيم وتنوع في البيئات والطوائف والتيارات والطبقات.. 

وبذلك يؤكد بريشة على أن الأخلاق نسبية وليست مطلقة. وللحديث بقية في مقال لاحق.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية