المستشار هشام فاروق لـ"فيتو": تراجع مستوى القراء يخصم من قوة مصر الناعمة في العالم الإسلامي.. توريث دكة التلاوة خيانة للقرآن الكريم.. وهذه نصيحتي للمسلماني
يعتبر رئيس محكمة الاستئناف بالإسكندرية المستشار هشام فاروق مؤرخًا موسوعيًا لدولة التلاوة المصرية، يمتلك في مكتبته ما لا يمتلكه غيره من معلومات وتسجيلات نادرة. يقول ما لا يقوله الآخرون، وينتقد ما يخشى الآخرون المساس به. هو أحد المهمومين بما حل بدولة التلاوة المصرية ويمتلك وجهات نظر جادة للإصلاح وتصويب المسار..يطرح جانبًا منها في سطور هذا الحوار.
إذاعة القرآن الكريم
- دعنا نبدأ هذه المرة بشكل مختلف، وتحديدًا من عند أحدث متغير، وهو التغيير الذي أحدثه رئيس الهيئة الوطنية للإعلام أحمد المسلماني بشأن خريطة التلاوات المجودة..كيف رأيت هذه الخطوة، وما الأثر الذي يمكن أن تُحدثه على المدي القريب والبعيد؟
– خطوة جيدة جدا. وأثرها ظاهر منذ الآن؛ لأن اقتصار إذاعة تسجيلات القرآن المجودة على القراء القدامى الحافظين المنضبطين فقط هو خطوة ممتازة في الاتجاه الصحيح للإصلاح كان يُطالب بها الجميع. وباعتبار أن خريطة التلاوات المجودة هي الأساس في البرنامج اليومي لإذاعة القرآن الكريم – مع التلاوات المُرتلة – فإن حجب أصوات القراء غير الحافظين وغير المنضبطين هو مكسب في كل الأحوال للإذاعة نفسها وللإعلام المصري عموما ولجماهير المُستمعين لها في مصر وخارجها، فضلا عن أن تلك الخطوة الموفقة ستمنع القراء الذين لا يصلحون من المُشتاقين والمُتقاتلين على دخول الإذاعة بأي طريقة – ولو كانت غير مشروعة – من إكمال سعيهم المحموم وستُبعدهم عنها، وهذا مكسب آخر للإذاعة وللإعلام المصري وللمُستمعين.
- ما الذي تتمناه أو تنتظره من المسلماني في هذا السياق؟
– أتمنى "فلترة" قراء الإذاعة الحاليين ممَن تم اعتمادهم إذاعيًا منذ بداية الألفية الجديدة، بحيث يقتصر الأمر في المحافل الإذاعية على ثلة قليلة من القراء الحافظين المُجوِّدين مع التخلي نهائيًا عن سياسة الدور الفاشلة في توزيع القراء، فإنه من الأفضل أن يتكرر قارئ حافظ مُجَوِّد في أكثر من محفل إذاعي عن أن يقرأ في الإذاعة قارئ لا يصلح؛ فإن ذلك يُسيء إلى سمعة الإذاعة والإعلام المصري عموما!

- في مقابل حالة الرضا النسبية من قطاع كبير من المستمعين عن خريطة التلاوات المجودة..هناك شكاوى من تجاهل قراء كبار أيضًا سوف يطويهم النسيان ولا يحصلون على المساحة التي يستحقونها مثل: الشيخ محمد الصيفي وآخرين..ما رأيكم؟
– لا يمكن أن يطوي النسيان أبدا قراءً عظامًا كالمشايخ محمد الصيفي وعبد العزيز حربي وهاشم هيبة ومحمود البجيرمي وغيرهم؛ لمجرد أن أسماءهم لم ترِد في قائمة قراء دورة إذاعية معينة، وفي نفس الوقت أُطالب الهيئة الوطنية للإعلام بتوسيع دائرة الاستشارة عند تحديد قراء كل دورة إذاعية، فالسهو والنسيان وارد، وليس كل أحد يعرف كل القراء القدامى المُجيدين الذين يستحقون أن يكون لهم نصيب في إذاعة تسجيلاتهم.
تواضع مستوى القراء
- بالتزامن مع ذلك أيضًا لا يزال تواضع مستوى قراء الجمعة والفجر وكذلك الأمسيات مثار جدل وانتقاد صارخ، خاصة مع تكرار الأخطاء الفادحة..برأيك لماذا وصلنا إلى هذا المستوى؟
– هناك أسباب خاصة مُباشرة تتحمل الإذاعة مسؤوليتها وتتعلق بقبول لجان الاختبار اعتماد قراء لا يصلحون غير حافظين ولا مُجوِّدين إذاعيًا بطرق تفتقر إلى النزاهة من بعض أعضاء تلك اللجان، وهو الأمر الذي ترتب عليه من بعد طرد بعض القراء من الإذاعة في فترات متقاربة وسنوات قلائل، وهو ما لم يحدث من قبل في تاريخ الإذاعة المصرية، إذ لم يتم طرد قارئ واحد من القدامى لأي سبب! وبالإضافة إلى هذه الأسباب المُباشرة هناك أسباب أخرى عامة تتعلق بغياب البيئة الصالحة لظهور المواهب والأصوات الأصيلة، فالجو الصحي وعدم تلوث الهواء والأرض وسلامة الغذاء والمياه من المُلوثات وجودة التعليم وسلوكيات الحياة السليمة من نوم صحي ومُمارسة الرياضة، وأيضا دور الأسرة في غرس مبادئ الدين وقيم المجتمع والسلوك الرشيد، كل ذلك من الأسباب الهامة لظهور المواهب والأصوات الأصيلة، وهو الأمر الذي صار عزيزًا الآن بسبب سلوكيات المجتمع كله الخاطئة، فصار ظهور المواهب والأصوات الأصيلة شحيحا بل نادرا أو مُنعدما! وهو ما ينطبق على مجالات أخرى كثيرة مع الأسف.
- تطالب منذ فترة طويلة بإعادة اختبار القراء الذين تم اعتمادهم منذ عام 2000..هل ما زلت عند رأيك، وهل يمكن أن يوجِّه المسلماني بذلك، أم أن جماعات الضغط وشبكات المصالح قد تحول دون ذلك؟
– نعم! بالتأكيد، ما زلت عند رأيي، بل أكثر إصرارًا. ولو وجَّه المسلماني بذلك لكان شيئًا ممتازًا، ولكنني أقبل أن يتم ذلك بطريقة أخرى - غير طريقة إعادة الاختبار – بأن يتم استبعاد مَن يفشل من القراء في قرآن الفجر بالذات من القراءة في المحافل، فهذا سيؤدي إلى نفس النتيجة ويفي بالغرض، وفي نفس الوقت يقطع حجة جماعات الضغط وشبكات المصالح باعتبار أن القارئ المخطئ سيتحمل نتيجة خطئه! وهذا أمر عادل تفرضه طبائع الأمور.
- لو أعيد اختبار القراء المعاصرين اختبارًا جادًا وحقيقيًا..برأيكم ما هي مواصفات اللجنة التي سوف تضطلع بهذه المسؤولية، ومن يكون على رأسها؟
– لن يتم ذلك بإعادة اختبار أمام لجنة اختبار جديدة كما أظن، لكن بطريقة الاستبعاد التدريجي باستبعاد الفاشلين كما أسلفت القول. ولو تمت إعادة اختبار القراء المُعاصرين أمام لجنة اختبار جديدة فينبغي أن تكون أولى مواصفات أعضائها توقير كلام الله ونزاهة اليد على أن يكون رئيسها من خارج موظفي الإذاعة – عميدا لإحدى كليات القرآن بالأزهر مثلا – وعلى ألا يكون في تشكيلها عضو فني من موظفي الإذاعة، وإنما فقط عضو إداري ليس له صوت معدود، وأن يغلب على تشكيلها علماء القرآن وأهل التجويد وليس أهل الموسيقى.
- ما هو الأثر السلبي لتراجع مستوى ومكانة القارئ المصري، مقارنة بارتفاع أسهم قراء الخليج وبعض الدول الإسلامية الأخرى؟
– نخسر جزءًا كبيرًا من قوة مصر الناعمة في البلدان الإسلامية، ونخسر ريادة كبيرة على المستويين الديني والإعلامي في بلد الأزهر الشريف، فضلا عن الإساءة لسمعة البلاد من جراء تصرفات حمقاء من بعض أدعياء القراءة الجهلة حينما يسافرون خارج مصر! أقولها بكل أسف.
الخروج عن ضوابط التلاوة السليمة
- يمتلئ الفضاء الإلكتروني يوميًا بفيديوهات لقراء إذاعيين وغير إذاعيين، تتضمن انفلاتًا وخروجًا عن الحد الأدنى من ضوابط التلاوة السليمة..كيف يتم التعامل مع أصحابها في ظل الغياب الدائم لنقابة القراء؟
– الإبلاغ عن الجرائم حق مكفول للجميع. ومن حق كل مواطن يتضرر من التلاعب بكتاب الله وإهانة كلامه الإبلاغ عن القارئ المُتلاعب بتهمة ازدراء الدين الإسلامي وإهانة أول وأعظم رموزه وهو القرآن الكريم، وهي جريمة جنحة عقوبتها الحبس الذي قد يصل إلى ثلاث سنوات، ويتم تنفيذه في السجن، حيث مأوى المجرمين. وأرى أن يتم تشديد عقوبة تلك الجريمة لتصير جناية وليس جنحة لخطورتها. وعلى السادة المحامين ممَن يوقرون كلام الله أن يُبادروا – قبل المواطنين العاديين – بالإبلاغ عن القراء المُتلاعبين، ومُتابعة هذه البلاغات حتى صدور أحكام نهائية فيها بالعقوبة؛ تحقيقًا للزجر العام.

الضبطية القضائية
- النقابة تقول إنها لا تملك من الأمر شيئًا، وتستدل على ذلك بأن جميع البلاغات التي تحررها ضد القراء المنفلتين يتم حفظها..هل هناك غياب تشريعي أو عوار قانوني هنا وجب تداركه؟
– بل تملك كثيرًا، ولكنها غير جادة في هذا الملف لأسباب كثيرة. هناك مَن لديهم مصلحة مؤكدة في عدم معاقبة أي قارئ مُنفلت؛ فكلهم في الهمِّ سواء، لذا تراهم يُطنطنون في كل مكان بوجوب تعديل القوانين ومنحهم الضبطية القضائية لتبرير مواقفهم السلبية، ولكنني أريد أن أوضح أنه ليس هناك غياب تشريعي ولا عوار قانوني في ظل القوانين الحالية، وفيها الكفاية لمَن أراد العمل والحفاظ على هيبة القرآن. ربما فقط يكون من الأفضل لو كان هناك قانون خاص يُجرِّم التلاعب في قراءة القرآن، فهذا سيحقق ردعًا عامًا. أما بخصوص الضبطية القضائية فهل كان الشيخ الكبير أحمد محمد عامر – مثلا – يحتاج أو ينتظر ضبطية قضائية ليُنزل قارئا مُتلاعبا من فوق دكة التلاوة وتأديبه أيضا إن لزم الأمر؟!

- تتحدث دومًا عن أن هناك قراء إذاعيين منسيين..برأيك ماذا يجب على مسؤولي إذاعة القرآن الكريم أن يفعلوه في هذا الملف؟
– نعم! بالأخص قراء الإذاعات القصيرة، وعدد كبير منهم تم تصنيفهم على هذا النحو ظلمًا، فحتى لو لم يكن لهؤلاء نصيب في إذاعة تسجيلاتهم في الدورات الإذاعية لعدم ورود أسمائهم في قائمة المختارين للقراءة، فبإمكان مسؤولي إذاعة القرآن الكريم تدارك ذلك بإذاعة تسجيلات خارجية للمميزين منهم في برنامج خاص مثلما كان الحال في برنامج "من التسجيلات النادرة" أو "من تسجيلاتنا الخارجية".
- ظاهرة أبناء القراء أخذت في التفاقم خلال السنوات الأخيرة، وأصبحنا نجد صبية صغارًا يعتلون دكة التلاوة دون استعداد جيد..ما رأيكم؟
– حينما يكون القارئ غير أمين على كلام الله الذي يقرأُه فإنه يدفع بابنه أو أخيه أو قريبه الذي لا يصلح – حفظًا ولا تجويدًا - إلى ساحة التلاوة طلبًا للمال وللحياة الرغيدة ليزيد الأزمة سوءًا على سوء، وربما قريبًا يدفعون بعائلاتهم كلها إلى ساحة التلاوة لذات السبب، فقد بدأت بواكير ذلك تظهر، هؤلاء حسابهم عند الله شديد وعسير؛ لعدم أمانتهم على كلام الله الذي يقرأون، ويكونون كالحمار يحمل أسفارًا!
التقليد والمحاكاة
- من الظواهر المهمة أيضًا في دولة التلاوة ظاهرة التقليد والمحاكاة..هل تعتبرها إفلاسًا وعدم وجود شخصية للقاريء أم استسهالًا من القارىء؟
- التقليد آفة القراء، ولا يليق بقارئ القرآن أن يكون مُقلدا؛ لأن المُقلد لن يكون أبدًا كالأصل، والمُقارنة بينهما لن تكون حتمًا في مصلحة المُقلد. ومن المؤسف أن عددًا من القراء المُقلدين صِرفا تَسَرَّبوا إلى الإذاعة والتلفزيون. وفي الحقيقة لا أعرف على أي أساس يتم قبول هذا النوع من القراء، وماذا أضافوا لهما؟! هل يُغني أحدهم عن الأصل؟! بالطبع لا، إذن ما فائدة المُقلد إذا كانت تسجيلات الأصل موجودة؟!
والتقليد إفلاس يدل على أن القارئ ليس عنده شخصية قرآنية مستقلة ولا جديد يُقدمه، فهو يُحاول التسلق على أكتاف القراء العظماء الراحلين واستغلال تشوق الناس إليهم! ويكاد يكون كل أبناء القراء – إلا الشيخ إبراهيم الشعشاعي – من هذا الصنف!
رسائل سريعة
- رسائل توجهها لأحمد المسلماني، رئيس الإذاعة، رئيس إذاعة القرآن الكريم، نقيب محفظي وقراء القرآن الكريم، وأخيرًا رسالة للقراء المعاصرين.
– أشدّ على يديّ المسلماني، وأقول له: تغيير ما ألفه الناس واعتادوا عليه عمل لا يقدر عليه إلا الكبار، أحسنت، استمر في طَرق الحديد وهو ساخن بغربلة وفلترة القراء الحاليين واستبعاد القراء الفاشلين منهم من الإذاعة.
ورسالتي إلى رئيس الإذاعة المصرية محمد نوار أقول: طردتم في العقد الأخير أكثر من قارئ إذاعي لسوء المستوى، وهناك الكثيرون غيرهم يستحقون ذات المصير! والكل يعرفهم، استمعوا إلى قرآن الفجر المُذاع على العالم كله لتعرفوا الفاشلين الذين يستحقون الطرد بلا رجعة من الإذاعة وليس فقط الإيقاف المؤقت!

وأقول لرئيس إذاعة القرآن الكريم: قراء الإذاعات القصيرة - خاصة القدامى - هم أفضل كثيرًا من كل قراء اليوم – بما فيهم قراء الإذاعات الطويلة – فأعِد لهم الاعتبار بتخصيص برنامج أو أكثر لإذاعة تسجيلات خارجية للمميزين منهم على غرار برنامج "من التسجيلات النادرة" أو "من تسجيلاتنا الخارجية". وأقول لنقيب القراء الشيخ محمد حشاد: اتقِ الله في القرآن! واحرص على أن تختم حياتك بالدفاع عن كلام الله فقط وليس غيره! أما رسالتي إلى القراء المعاصرين فأقول لهم: إما اعتدلتم وإما اعتزلتم!

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
