رئيس التحرير
عصام كامل

العلاقات الإنسانية

العلاقات الإنسانية بين الناس هي تلك الروابط التى تحددها المعاملات الصادرة من إنسان إلى آخر ويتحدد من خلالها صورة المجتمع. فإذا كان هناك خلق قويم ومبادئ راسخة وقيم رفيعة بين أفراد المجتمع سَعِد وسلم ذلك المجتمع وارتقى.

 

ولقد تجلت هذه المبادئ السامية وتلك القيم الإنسانية الرفيعة كمنهج وسلوك ومعاملات طيبة كريمة في منهج الإسلام، ذلك المنهج القويم الحاوي للمكارم والفضائل والمحاسن والقيم الإنسانية النبيلة. ولقد ترجم هذا المنهج القويم نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام من خلال قوله وفعله وحاله طيلة حياته.

Advertisements

 

فلم تُفارقه الإنسانية لحظة واحدة. فهو كما أشارت أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها بقولها (كان خلقه القرآن). وأخبر عنه الصحابة رضي الله عنهم أنه كان (قرآنا يمشي على الأرض). هذا ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو المنارة التي أنارت للبشرية طريقها إلى السلامة والأمن والفوز والنجاة في الآخرة. 

 

وصدق الله تعالى إذ قال: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا)، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يتكلف شيئا من الفضائل أصلا، وإنما هي تلك الفطرة السليمة النقية الخالصة والخالية من الأهواء والميل والزيغ، والثابتة التي فطره الله تعالى عليها.. فكانت هي المصدر الحقيقي لتلك الأخلاق العظيمة كما وصفه الله عز وجل حيث قال تعالى (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ). 

مواقف إنسانية

ولقد حفلت حياة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بالمواقف الإنسانية مع كل من تعامل معهم مع أهل بيته، وصلة رحمه وأقاربه ومع جيرانه المسلمين وغير المسلمين، ومع الطير والحيوان والنبات وكل مظاهر الحياة. بل امتدت إنسانيته إلى الأعداء والخصوم..

 

ووصيته العظيمة الكريمة لجيش المسلمين عند خروجهم للقتال لأعظم دليل وشاهد على ذلك، والتي قال فيها: أوصيكم بتقوى الله عز وجل ولمن معكم من المسلمين خيرا، اغزوا باسم الله في سبيل الله من كفر بالله، لا تغدروا ولا تغُلوا، ولا تقتلوا وليدا ولا امرأة، ولا كبيرا فانيًا، ولا منعزلًا بصومعٍٍة، ولا تَقربوا نخلا، ولا تقطعوا شجرا، ولا تهدموا بناء ولا تٌفسدوا أرضا.. 

 

هذا وعندما كسرت رباعيته صلى الله عليه وسلم يوم أحد فشق ذلك على الصحابة فقالوا يا رسول الله: لو دعوت عليهم  فقال عليه الصلاة والسلام: (إني لم أبعث لعانا ولكن بُعثت داعيًا ورحمة)، ولقد كان صلى الله عليه وسلم  دائم العفو.. 

 

ولعل ما حدث يوم فتح مكة لأبلغ الدلالات على ذلك بعد إيذاء مشركي قريش للنبي وأصحابه وكيدهم له ولأصحابه، وتآمرهم على قتله واضطراره صلى الله عليه وسلم للخروج من أحب بقاع الأرض إلى قلبه، يأتي وعد الله تعالى ونصرته يوم الفتح ويسمع النبي صلى الله عليه وسلم أحد الصحابة يقول: اليوم يوم إذلال قريش فيغضب النبي ويقول: بل اليوم يوم إعزاز قريش واليوم يوم المرحمة ثم ينحيه من القيادة ويولي ابنه مكانه، وتستلم قريش وتقف في موقف الذل والعجز والهوان.

 

فيقول لهم نبي الرحمة ورسول الإنسانية: ماذا تظنون أني فاعل بكم ؟ فقالوا: أخ كريم وإبن أخٍ كريم. فيقول صلى الله عليه وسلم قولته التي جلت الإنسانية بكل ما فيها من رحمة وعفو وسماحة، قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء.. فما عرفت الإنسانية عفوا مثل هذا العفو ولا رحمة مثل هذه الرحمة وصدق الله تعالى إذ قال (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ).. 

 

 

انظر معى عزيزي القارئ إلى هذا الموقف وهذه الرحمة وذلك العفو وتلك الإنسانية تجاه الأعداء، فكيف كانت إنسانيته عليه الصلاة والسلام مع غيرهم. هذا وعندما ننظر إلى ما يحدث الآن في الحروب نرى إنعدام الإنسانية وموت الرحمة والضمير الإنساني، وفي الختام ما أحوج البشرية إلى منهج الله تعالى القويم وهدي الرسول الكريم وإحياء سنته الرشيدة.

الجريدة الرسمية