رئيس التحرير
عصام كامل

الطريق الآمن إلى القلوب!

علمتني تجارب الحياة التي عشتها بنفسي أو عاشها غيري أن من سار بين الناس جابرًا للخواطر أدركه الله في جوف المخاطر.. فحين مرت بي ضائقة مرض حار فيه الأطباء أول الأمر كانت رعاية الله حاضرة تكلؤني، وقد لمستها  في أيادٍ امتدت بالعون وتكفلت بالمواساة والدعم حتى جاوزت محنة عشتها بيقيني ورأيت فيها كيف أن الله لا يضيع أجر عمل طيب عملته يومًا مهما يكن هينًا.. أو لم تكن تدري أنه سيعود إليك عونًا في ظروف لا تتوقعها.

Advertisements


يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللهَ عز وجل يَقُولُ يَومَ القِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ، مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدنِي! قَالَ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أعُودُكَ وَأنْتَ رَبُّ العَالَمِينَ؟!، قَالَ: أمَا عَلِمْتَ أنَّ عَبْدِي فُلاَنًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ! أمَا عَلِمْتَ أنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَني عِنْدَهُ! يَا ابْنَ آدَمَ، اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمنِي! قَالَ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أطْعِمُكَ وَأنْتَ رَبُّ العَالَمِينَ؟! قَالَ: أمَا عَلِمْتَ أنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلانٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ! أمَا عَلِمْتَ أنَّكَ لَوْ أطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي"


أهمية جبر الخواطر

صنائع المعروف تقي مصارع السوء؛ فليس ذلك تجربة عابرة بل خلاصة تجارب عاشها من قبلنا وسوف يعيشها أناس كثيرون من بعدنا يتحقق فيها قول العزيز الحكيم: "وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوهُ".. فأي خيرٍ أعظم عند الله من جبر خواطر الناس" قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَإِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تَدْخِلُهُ عَلَى مُؤْمِنٍ: تَكْشِفُ عَنْهُ كَرْبًا، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلَأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخِي الْمُسْلِمِ فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ شَهْرَيْنِ فِي مَسْجِدٍ".
 

كثير من الناس يرى الدين مجرد عبادات لا تنتج شيئًا في حركة الحياة ثم يسيء معاملة الغير، وينسى أن الله قد أدخل رجلًا الجنة لمجرد أنه سقى كلبًا  كان يتلوى من العطش.. كما قضى بالنار على امرأة حبست هرة حتى ماتت جوعًا  فلا هى أطعمتها ولا هى تركتها تأكل من خشاش الأرض.. فما بالنا حين يتعلق الأمر بالإنسان أكرم المخلوقات عند الله؟!


جبر الخواطر أعظم عمل تتقرب به إلى الله في الأيام الصعبة التي تشتد فيها حاجة الناس للعون والمواساة ولو بكلمة طيبة أو بابتسامة صافية تخرج من القلب فتريح القلب وتخفف المتاعب.. ناهيك عن تفريج الكرب ومد يد العون للفقير والمحتاج والمريض والمنكوب وكل ذي حاجة.. ومثل هذا الفعل النبيل لا يصدر إلا عن نفس نبيلة عالية الهمة تنطوي خلجاتها على مروءة وسمو أخلاق وقوة إيمان..

 

ليتنا نهتم بجبر خواطر الناس من حولنا حتى يعود للمجتمع سلامه المفقود وتختفي جرائم الكراهية والحقد والحسد والعنف بشتى صوره.. فما جدوى أن تكون غنيًا في مجتمع فقير.. أو تكون سعيدًا في وسط تعيس.. هل تأمن على نفسك بين أناس يتملكهم الخوف من بكرة.. صدقوني.. لن نتحمل أن تأتينا الإجابة بصورة عملية ساعتها لن نحتمل الحياة!

الجريدة الرسمية