المسئولية المجتمعية للمذيع
هل يقتصر دور المذيع على الظهور أمام الكاميرا لتقديم برنامجه؟ أم أن للمذيع دورا آخر يستطيع تقديمه ليعظم من عطائه للمجتمع؟ في مجتمعاتنا يقتصر دور المذيع على تقديم برنامجه، وإذا أراد أن يعظم من عطائه.. فعظيم عطائه لنفسه، وقد ينفصل المذيع عن المجتمع المحيط به ليكون في واد ومجتمعه في واد آخر، ليس هذا فقط.. بل قد يخرج المذيع لسانه للمجتمع غير عابيء بهمومه ومشاكله، وبذلك يفقد ثقة الجمهور فيه، ويفقده ذلك المصداقية.
والحقيقة أن للمذيع مسئولية مجتمعية، لا تقل عن المسئولية المجتمعية لرجال الأعمال، وهنا نسوق نموذجًا لمذيعة طالما حاول آلاف المذيعين والمذيعات الإقتداء بها، بل وضعها البعض قدوة وحاولوا تقليدها، لكنهم فشلوا، والسبب أنهم وضعوها قدوة للشهرة، وغاب عنهم الدور المجتمعي الذي لعبته هذه المذيعة منذ صعودها أول درجة في سلم الشهرة.
مؤسسة إعلامية وخيرية
أوبرا وينفري.. المذيعة الأمريكية التي لم تغب عن كل الحالمات بالشهرة، طوعت شهرتها لخدمة مجتمعها، فكانت لسان حال الملايين، إستغلت علاقاتها الواسعة، وحولت برنامجها الأشهر إلى مؤسسة ضخمة، وأخذت بيد خمسة وستين ألف فقير وعبرت بهم إلى بر الأمان، منهم من صاروا علماء وأساتذة في كبرى الجامعات الأمريكية، وأسست مدارس ومستشفيات ودور رعاية.
تابعت منذ أيام جدال بين مجموعة من العرب على مواقع التواصل الإجتماعي حول الدور المجتمعي لأوبرا وينفري، والمؤسف أن الجدال كان حول رعاية أوبرا للفقراء، هل كان في السر أم العلن، فإذا كان في السر فلها الأجر، وإذا كان في العلن فلا أجر لها.
مذيعونا غابت عن إهتماماتهم المسئولية المجتمعية، وطوعوا شهرتهم لمصالحهم فقط، وصاروا خصومًا للمجتمع، مثل العديد من رجال الأعمال الذين كونوا ثرواتهم من أيادي الناس، ثم أداروا لهم ظهورهم عندما أصبح الناس في حاجة لهم.. شهرة أوبرا وينفري لم تتحقق من فراغ، فقد تعاملت مع الإعلام على أنه رسالة، فتحولت من مجرد مذيعة إلى مؤسسة إعلامية وخيرية.
besheerhassan7@gmail.com